تعرض للتعذيب والحلبوسي متورط.. كشف ملفات تزوير في الانبار فاعتُقل على إثرها.. ما قصة الرائد وسام كريم الصبيحاوي؟
انفوبلس/ تقرير
ساهم بكشف واحدة من أكبر ملفات الفساد في تاريخ العراق الحديث، وبالتحديد داخل مؤسسة الشهداء في محافظة الانبار، فتم تكريمه من قبل رئيس مجلس الوزراء، لكن سرعان ما اعتُقل من قبل قوة أمنية قادمة من المحافظة، فما قصة الضابط وسام كريم محمد الصبيحاوي التابع الى وزارة الداخلية؟ وماذا كشف بالضبط؟
يُعد ملف مستفيدي رواتب مؤسسة الشهداء بمحافظة الأنبار من الملفات الشائكة كثيراً، حيث بات من غير المستغرب اكتشاف عناصر إرهابية يتقاضون راتباً من خزينة العراق ورؤية طوابير طويلة لذوي شهداء وجرحى يحاولون استحصال حقوقهم ومستحقات أبنائهم الذين استُشهدوا في معارك التحرير السابقة ضد تنظيم "داعش" الإجرامي.
ماذا حدث مع الرائد الصبيحاوي؟
الرائد وسام كريم محمد الصبيحاوي المنسوب الى استخبارات وزارة الداخلية - من سكنة بسماية - كُلف بمتابعة ملف ضحايا الإرهاب في محافظة الانبار في زمن حكومة مصطفى الكاظمي، بحسب مصادر أمنية تحدثت لشبكة "انفوبلس".
وتقول المصادر (رفضت الكشف عن هويتها لدواع أمنية)، فإن تكليف الرائد الصبيحاوي جاء لنزاهته وإخلاصه في العمل الأمني بوزارة الداخلية، مشيرة الى أنه كُلف بصفة مدقق أمني لكشف التزوير الحاصل في مؤسسة الشهداء بمحافظة الانبار، بعد أن كان يعمل في مطار بغداد الدولي.
وقام الرائد الصبيحاوي خلال عمله في مؤسسة الشهداء بمحافظة الانبار - استمر تواجده قرابة عام - بكشف ملفات فساد تُعد هي الأكبر في العراق والانبار على وجه التحديد، فقد فضح أكثر من 400 اسم مزور (عناصر تعود الى تنظيم داعش الإرهابي) وتم القبض عليهم وإيداعهم في السجن.
وبحسب المصادر، تم تكريم الرائد وسام كريم الصبيحاوي من قبل الجهات المختصة ومن رئاسة الوزراء بعد هذا العمل البطولي - كما وُصف - وانتهاء عمله والعودة الى العاصمة بغداد.
وخلال فترة عمله في محافظة الانبار، تعرض الرائد لهجمة منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل أفراد مؤسسة الشهداء بعد عمله البطولي وكشف الأسماء المتورطة، كما كانوا يصفونه بوسام "الشروكي" والطائفي.
وسبق أن كشف العديد من المواطنين المتضررين من العمليات الإرهابية والعسكرية في الأنبار، في تصريحات سابقة عبر وسائل الإعلام، كشفوا عن عراقيل في إنجاز معاملات تعويضاتهم، مؤكدين في الوقت نفسه أنهم شاهدوا أشخاصا كانوا مع تنظيم "داعش" الارهابي، وكذلك ذوي عناصر التنظيم، يروجون معاملات تعويضات وتم إنجاز معاملاتهم.
*ذوو الضابط يتحدثون
وفي لقاءات متلفزة ومقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي اطلعت عليها شبكة "انفوبلس"، فإن عائلة الضابط - متزوج ولديه أطفال - قالت إن وسام أخذ إجازة من دوامه بعد انتهاء فترة العمل في محافظة الانبار بمؤسسة الشهداء.
وبينت، إن وسام اعتُقل من قبل قوة مجهولة جاءت من محافظة الانبار دون أمر قبض وبطريقة "بشعة" كأنه مجرم وليس ضابطا أمنيا أثناء فترة إجازته. كاشفة، أنه عند سؤالهم عن أمر القبض والأسباب، أجابوا: أن "الأمر سيأتي لهم بعد الاعتقال".
الرائد وسام كريم الصبيحاوي، وُجد بعد 3 أشهر من البحث عنه من قبل عائلته في حال يرثى لها بعد اتصال هاتفي من قبل مسجون كان معه، كما تقول زوجته. وتضيف، إنه عند الذهاب الى دائرته وجدت أنهم لا يعلمون من قام باعتقاله ولا الأسباب التي أدت الى ذلك وقاموا بالتحقيق معها.
وتوضح الزوجة، إن القاضي منعها من رؤية زوجها بعد الذهاب الى محافظة الانبار مع محام بسبب أوامر من الجهات العليا، لافتة الى أنه بعد مدة تمكنت من رؤية زوجها "منهك" وضعيف وسط حراسة مشددة غير مسبوقة، متهمةً الزوجة - لديها وثائق ودلائل - القاضي بالتورط في قضية زوجها وتلفيق ضده.
*الحلبوسي متورط ووسام بين الحياة والموت
وفي مقطع مصور انتشر في العراق مؤخرا، ناشدت والدة وسام، الجهات المختصة بإنقاذ ابنها من الموت نتيجة التعذيب في السجن، ذاكرة أن رئيس مجلس النواب المُبعد محمد الحلبوسي وراء اعتقال الصبيحاوي.
وذكرت، أن ابنها - لديه خدمة ما يقارب 16 عاما- بريء من التهم الموجهة إليه وعند تقديم الوثائق والأدلة يرفضها قاضي التحقيق.
كما أثارت قضية الرائد وسام غضب رواد وناشطي مواقع التواصل الاجتماعي - كما رصدته شبكة "انفوبلس- بسبب مظلوميته وصمت الجهات المختصة كوزارة الداخلية ورئاسة الوزراء "المريب" عن القضية التي تكررت كثيرا في الآونة الاخيرة نتيجة سيطرة الأحزاب السياسية وخصوصا في محافظة الانبار.
*علاقة الحلبوسي بالفساد
في أواخر مارس/آذار من هذا العام، قال ضاري الريشاوي، المتحدث باسم الحراك الشعبي السني في الأنبار والمنتقد منذ فترة طويلة للحلبوسي ـ بأن رئيس البرلمان السابق وكذلك أعضاء حزب تقدم متورطون إلى حد كبير في مخطط الفساد.
وبحسب الريشاوي، فإن الحلبوسي وأعضاء حزبه لهم "اليد العليا في عمليات الفساد"، حيث يُفترض أن ممثلي تقدم "متورطون بعمق في نهب الأموال والسرقات الكبرى على حساب الضحايا".
كما أكد الريشاوي، أن الموظفين التابعين لحزب تقدم في مكتب الأنبار التابع لمؤسسة الشهداء اشتروا فيلات في مشروع دريم سيتي الراقي في أربيل. ويُزعم أن سعر كل وحدة سكنية كان 3 مليارات دينار عراقي (2.3 مليون دولار أميركي)، وقد تم دفعها كلها من أموال مختلسة مزعومة. ثم دعا السياسي السني هيئة النزاهة الاتحادية إلى بذل المزيد من الجهود لوقف الفساد ومحاسبة المسؤولين عنه.
كما أدان السياسي المستقل مهند الرقي حزب الحلبوسي، مشيرًا إلى أن مؤسسة الشهداء في الأنبار "تخضع لسيطرة الحزب الحاكم في المحافظة، الذي مارس أفظع عمليات الفساد".
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن نسبة الضرر الذي تعرضت له مدن الأنبار جراء سيطرة تنظيم "داعش" الارهابي على المحافظة وصل إلى 85 بالمئة، إذ قدرت الحكومة المحلية وفق الكشوفات الأولية أن مبالغ تعويض الأضرار تبلغ 40 مليار دولار، وأن عدد الوحدات السكنية المتضررة يصل إلى أكثر من 250 ألف وحدة سكنية، توزعت النسب الأكبر منها بين مدن الرمادي والفلوجة والرطبة وهيت.
وتُعد محافظة الأنبار من أكثر محافظات البلاد تعرضاً للفساد والنهب الممنهج الذي عاناه أهلها على فترات متعاقبة وبظروف جميعها كانت استثنائية وصعبة، إضافة إلى ذلك تُعد من أقل المحافظات بمستوى حرية التعبير وذلك بسبب مستوى الديكتاتورية المرتفع فيها وسيطرة جهات معدودة على مقدرات المحافظة وأمنها وجميع ما يخصها في السنوات الأخيرة.