خطر تكرار خروقات الانتخابات الماضية يدفع لدعوات حازمة لضبط الترشح

مرصد حقوقي يحذّر مبكراً
انفوبلس..
في ظل تصاعد القلق من تكرار خروقات الانتخابات السابقة، دعا المرصد العراقي لحقوق الإنسان، المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلى اتخاذ إجراءات صارمة لضمان أهلية المرشحين في الانتخابات التشريعية المقبلة، بما ينسجم مع مبادئ حقوق الإنسان والديمقراطية.
وأكد المرصد، في بيان رسمي، أن "العملية الانتخابية لا تكتسب مشروعيتها بمجرد إجرائها فنياً، بل من خلال توفير بيئة عادلة وشفافة، تُقصى منها الشخصيات التي حرّضت على العنف أو انتهكت الحقوق"، إذ استشهد المرصد بتوثيق أكثر من 30 انتهاكاً في انتخابات 2021، داعياً الى معايير واضحة تمنع ترشح المنتهكين.
وأكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان، إنه "على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أن تتخذ خطوات واضحة وصارمة لضبط أهلية المرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة، على أساس الالتزام الصريح بحقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، ومنع من امتهنوا القمع أو التحريض على الكراهية أو تورطوا في انتهاك الحقوق والحريات من الترشح أو التأثير في العملية السياسية".
ويقول المرصد في بيان، إنه "في الانتخابات السابقة، وعلى وجه الخصوص دورة عام 2021، حدثت خروقات خطيرة تمسّ جوهر العملية الديمقراطية، حيث استُخدمت خلالها خطابات تحريض، وتهديدات بالعنف والإقصاء الاجتماعي والسياسي، ما خلق بيئة مشوّهة تفتقر إلى الشفافية والمنافسة العادلة".
أكثر من 30 انتهاكاً انتخابياً ذا طابع حقوقي خلال دورة 2021 فقط، من بينها منع صحفيين من تغطية الحملات الانتخابية في بعض المناطق، واستخدام وسائل الإعلام للتحريض ضد الخصوم
ووثّق المرصد – بحسب البيان - بالتعاون مع منظمات عراقية وشبكات رصد مستقلة، أكثر من 30 انتهاكاً انتخابياً ذا طابع حقوقي خلال دورة 2021 فقط، من بينها منع صحفيين من تغطية الحملات الانتخابية في بعض المناطق، واستخدام وسائل الإعلام للتحريض ضد الخصوم.
ويضيف رئيس المرصد العراقي لحقوق الإنسان، مصطفى سعدون: إن "الانتخابات المقبلة يجب ألا تكون كسابقاتها، ويجب ألا تشهد خروقات صارخة كما في السنوات الماضية، من غير المعقول أن يُفتح باب الترشح لأشخاص يعتاشون على خطاب الكراهية والطائفية والتحريض، أو ممن سبق وأن انتهكوا حقوق المواطنين، حماية العملية الديمقراطية تبدأ من معايير الترشح"، ووفقا للبيان.
ويتابع سعدون، أن المفوضية ـ بصفتها الجهة المستقلة المسؤولة عن تنظيم الانتخابات ـ "تقع على عاتقها مسؤولية قانونية وأخلاقية لمنع هذه الخروقات، عبر فرض ضوابط ومعايير واضحة، تستبعد أي شخصية أو جهة لا تحترم القيم الديمقراطية وحقوق الإنسان."
ويرى المرصد العراقي لحقوق الإنسان أن "العملية الانتخابية، وإن بدت سليمة من الناحية الإجرائية، تفقد مشروعيتها السياسية والأخلاقية إذا ما سُمح لمن يروّجون للتمييز أو يهددون السلم الأهلي بالمشاركة والترشح، فالديمقراطية لا تعني فقط فتح صناديق الاقتراع، بل خلق بيئة آمنة تُبنى على التعددية، وحرية التعبير، والمساواة".
ويستند المرصد إلى الدستور العراقي، وتحديداً المادة (14)، التي تؤكد على أن "العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز"، وإلى التزامات العراق الدولية بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، الذي يضمن الحقوق السياسية، لكنه في الوقت ذاته لا يمنح الحصانة للمحرضين على العنف والكراهية.
ويدعو المرصد – بحسب البيان - إلى اعتماد المعايير التالية لضبط الترشح والمنافسة الانتخابية:
1. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية – المادة 25: الحق في المشاركة لا يشمل من يُخِل بالتزامات حقوق الإنسان.
2. المبادئ التوجيهية الأوروبية لنزاهة الانتخابات: يجب أن تُقصى الشخصيات ذات السجل الحقوقي السيئ.
3. مبادئ باريس (1993): تتيح للمنظمات الحقوقية المساهمة في ضبط الممارسات السياسية.
4. التوصية العامة رقم 35 للجنة القضاء على التمييز العنصري: تحث على منع من يحرّضون على الكراهية من الوصول إلى المناصب العامة.
أما التوصيات:
1. وضع شرط صريح يمنع ترشح كل من أُدين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، أو ممن يروّجون للعنف أو التمييز.
2. إقرار مدونة سلوك انتخابية وطنية ملزمة، تضع قيوداً على استخدام الدين، أو الطائفة، أو الانتماء القومي كوسائل للتجييش والتحريض.
3. إلزام المرشحين بتوقيع تعهد قانوني خطي يلتزمون فيه بعدم انتهاك المبادئ الحقوقية خلال حملاتهم، ويخضعون للمساءلة.
4. تفعيل آليات للرصد والعقوبات الفورية ضد أي خرق للمعايير الحقوقية، بما في ذلك سحب الترشيح.
5. التعاون مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لإصدار تقارير علنية بشأن سلوك المرشحين.
6. نشر سجل علني شفاف للمرشحين يتضمن خلفياتهم الحقوقية، وأي ارتباطات لهم بقضايا فساد، قمع، أو عنف.
ويؤمن المرصد العراقي لحقوق الإنسان بأن الانتخابات المقبلة يجب أن تكون فرصة لإعادة بناء الثقة الشعبية، وتصحيح المسار الديمقراطي الذي تقوّض بفعل غياب المحاسبة، وتكرار الوجوه ذاتها التي لم تُظهر التزاماً بقيم المواطنة. ولهذا، فإن استبعاد المحرضين والمنتهكين من المشهد الانتخابي، لا يُعد فقط إجراءً قانونياً مطلوباً، بل هو خطوة جوهرية نحو تحقيق العدالة، وإنهاء العنف والتحريض وانتهاكات حقوق الإنسان.
وبحسب البيان، سيواصل المرصد رصد العملية الانتخابية المقبلة، وتوثيق أي خروقات تمس الحقوق والحريات، ونشر تقاريره علناً لضمان الشفافية والمساءلة، ودعم مفوضية الانتخابات في أداء دورها باستقلالية وكفاءة.
انتهاكات واسعة في الحملات الانتخابية
ظهرت شكاوى من تدخل المال السياسي، حيث إن مرشحون من جهات نافذة في حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، استغلوا موارد الدولة لتمويل حملاتهم.
وشهدت الانتخابات العراقية لعام 2021 سلسلة خروقات أثارت جدلاً واسعاً وشكوكاً حول نزاهتها، فقد ترافقت الحملات الانتخابية مع انتهاكات واسعة، أبرزها التجاوز على شروط الإعلان الانتخابي، والتعدي على ملصقات المرشحين المنافسين.
كما ظهرت شكاوى من تدخل المال السياسي، حيث إن مرشحون من جهات نافذة في حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، استغلوا موارد الدولة لتمويل حملاتهم.
في بعض المحافظات، تصاعد التوتر إلى اشتباكات لفظية وتهديدات علنية بين المرشحين، بينما سُجّلت أعمال تخريب متعمدة للدعايات الانتخابية، ما أجبر عدداً من الشركات الإعلانية على سحب تعاقداتها.
وبرز أيضاً دور الجيوش الإلكترونية التي استخدمت وسائل التواصل لتشويه الخصوم أو الترويج المكثف للحلفاء، وسط غياب واضح للرقابة الفاعلة، مما قوض مصداقية العملية الانتخابية وأفرغها من مضمونها الديمقراطي.
خروقات في العملية الانتخابية
يذكر أن مراكز الاقتراع في العراق في الانتخابات النيابية الأخيرة عام 2021، قد أُغلقت وسط سلسلة خروقات شابت العملية الانتخابية منذ ساعاتها الأولى، تمثلت أبرز هذه الخروقات في تعطل أكثر من 295 جهاز تصويت إلكتروني، مما تسبب بحرمان العديد من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، إضافة إلى تدني نسبة المشاركة قبيل إغلاق الصناديق.
ورغم تأكيد المفوضية أن الأعطال كانت "خللاً فنياً محدوداً"، وثّقت منظمات مراقبة عدداً من التجاوزات، منها: تأخر فتح المراكز، عطل متكرر في الأجهزة، مشاكل في قراءة بصمات الناخبين، منع المراقبين من الدخول أو العودة بعد الخروج، طرد مراقبين من محطات، استمرار الدعاية الانتخابية قرب المراكز، ووجود ممثلي أحزاب للتأثير على الناخبين.
كما سُجل عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية من كورونا، وتقييد عمل الإعلاميين في بعض المحافظات.
وعدّ سياسيون عراقيون، أن الخروقات التي وقعت في الانتخابات التي تزامنت مع حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، هي خدشاً للعملية الديمقراطية.
واعتُقل عشرات الأشخاص بسبب محاولات التأثير على الناخبين أو خروقات أخرى في محافظات مختلفة، حيث أعلنت اللجنة الأمنية العليا للانتخابات القبض على 77 مخالفاً في عدد من المحافظات.
ورغم هذه التجاوزات، أكدت السلطات الأمنية أن العملية سارت دون خروقات كبرى، مع تأمين شامل عبر القوات الأمنية وطيران الجيش الذي وفر الحماية بنحو 33 طائرة، وسط دعوات متكررة من القيادات السياسية والأمنية للمواطنين بالمشاركة المكثفة في التصويت.