في حدث فريد من نوعه بالعالم.. حوالي سبعة ملايين عبروا في منفذ حدودي بين العراق وإيران ذهاباً وإيابا خلال عشرة شهور
انفوبلس/..
ما يقارب الـ 7 ملايين شخص، عبروا من خلال منفذ مهران الحدودي بين العراق وإيران ذهاباً أو إياباً، خلال عشرة أشهر فقط، بالرغم من الضغوط الدولية والعقوبات الاقتصادية وحملات التحريض للمقاطعة بين البلدين.
هذا ما كشفه مدير عام الطرق والنقل البري في محافظة إيلام، أمس الأربعاء، حيث ذكر أن الأشهر العشرة الماضية من السنة، شهدت استخدام ما يقارب من سبعة ملايين شخص معبر مهران الحدودي بين العراق وإيران "ذهاباً أو إياباً".
ونقلت تقارير إيرانية، عن مدير عام الطرق والنقل البري في إيلام، قوله، إنه "منذ بداية العام الحالي (السنة الإيرانية تبدأ من 21 آذار) وحتى نهاية الشهر العاشر منه، سافر 6,952,203 أشخاص عبر الحدود الدولية لمهران إلى الخارج".
وأضاف تشمه خاور، إنه "من بين هذا العدد، غادر حدود مهران 2 مليون و912 ألفا و600 إيراني و391 ألفا و210 مسافرين أجانب".
وتابع، إنه "خلال هذه الفترة ذاتها، دخل البلاد من حدود مهران أكثر من 3 ملايين و83 ألف إيراني و564 ألفا و637 مسافرا أجنبيا".
وأشار المدير العام للطرق السريعة والنقل البري لمحافظة إيلام إلى، أنه "بصرف النظر عن حركة المرور في أيام الزيارة الأربعينية، فإن حركة الركاب والزائرين من حدود مهران الدولية تتراوح من 10 إلى 15 ألف شخص يوميا، وهو أمر فريد من نوعه في العالم".
دعوات المقاطعة والتحريض
الملايين التي يشهدها معبر مهران الحدودي بين العراق وإيران ذهابا أو إيابا، تأتي بالتزامن مع دعوات محلية في العراق الى مقاطعة الجانب الإيراني، وحملات تحريض تقوم بها منظمات مرتبطة بأجندة دولية غربية، تساهم في الترويج لحملات مقاطعة للجانب الإيراني.
وآخر هذه الحملات ما دعت إليه غرفة تجارة وصناعة أربيل، التي وجَّهت دعوة لرجال الأعمال والتجار والمواطنين كافة في إقليم كردستان إلى مقاطعة استيراد وتداول البضائع الإيرانية وتعليق العلاقات الاقتصادية والتجارية كافة مع إيران.
وقالت الغرفة في بيان، إنها "تدعو جميع رجال الأعمال والمواطنين بشكل عام، - بالنظر إلى أن إقليم كوردستان سوق مهم لتصريف المنتجات الإيرانية التي يتم استيرادها يومياً إلى كردستان والعراق - إلى مقاطعة استيراد وتداول البضائع الإيرانية وتعليق جميع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع إيران، ردا على القصف الصاروخي الذي نفذته إيران ضد أحد مقرات الموساد الإسرائيلي في أربيل".
إيران ترد على دعوات المقاطعة
وتعقيبا على دعوات المقاطعة، أصدر ممثلو القطاع الخاص في غرفة التجارة والصناعة والتعدين والزراعة في طهران بياناً، ردوا فيه على دعوة غرفة تجارة أربيل لمقاطعة البضائع الإيرانية، حيث أكدوا على ضرورة استمرار التعاون الاقتصادي بين الشعبين الإيراني والعراقي.
وأشار بيان ممثلي القطاع الخاص في غرفة تجارة طهران، إلى الأواصر التاريخية العريقة والوشائج الثقافية التي تربط الشعبين منذ آلاف السنين، داعيا التجار الإيرانيين والعراقيين الى عدم نسيان ما عاناه الشعبين للوصول الى إرث اليوم، والتشبث بحبال المودة، والتطلع نحو المستقبل المشرق الذي ينتظر تطوير التعاون المشترك، برحابة صدر.
وشدد البيان على ضرورة استمرار التعاون الاقتصادي بين الشعبين الايراني والعراقي، داعياً الغرف التجارية التي تعتبر مَوئلا لنشطاء القطاع الخاص بأن تمضي قدما نحو تطوير العلاقات الثنائية لصنع مستقبل مشرق للبلدين.
وأشار البيان الى دعوة غرفة تجارة أربيل لمقاطعة البضائع الإيرانية، منوها بأن الأواصر التاريخية والثقافية بين الشعبين ممتدة منذ آلاف السنين وهي سراج ينير الدرب نحو مستقبل وضّاء وواعد في خضم الأحداث السياسية.
تطوير العلاقات الاقتصادية
وكان وزير التجارة العراقي أثير داود الغريري، قد أعلن في وقت سابق، توقيع محضر مشترك مع إيران لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ضمن اجتماع الدورة الخامسة للجنة المشتركة.
وقال الغريري في مؤتمر صحفي مع وزير الاقتصاد والشؤون المالية الإيراني إحسان خاندوزي، في آذار/ 2023 إن "اجتماع الدورة الخامسة للجنة المشتركة شهد التوقيع على محضر تضمن الاتفاق على العديد من الأمور والتفاهمات التي من شأنها أن تطور العلاقة الاقتصادية".
وذكر، إن "المحضر تضمن الجانب الاستثماري والمناطق الحرة بالمجال التجاري والتبادل الاقتصادي، وإقامة مناطق صناعية والتعاون في الربط السككي، وفي مجال المياه والحدود المشتركة، والكهرباء والنفط".
وتشترك إيران والعراق بمجموعة اتفاقيات تجارية، أبرزها في مجال استيراد الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي لصالح الأخير الذي تعاني من تذبذب وفرة إمدادات الكهرباء.
مساعي لحل مشاكل التعامل بالدولار
قال رئيس غرفة التجارة الايرانية العراقية المشتركة يحيى آل إسحاق، إن الحكومة العراقية وناشطين اقتصاديين يحاولون حل علاقة الدينار والدولار فيما يتعلق بإيران ودول أخرى، مشيراً إلى وجود مفاوضات بين البنك المركزي الإيراني ونظيره العراقي في هذا الشأن.
واعتبر آل إسحاق، أن هذه التطورات أمر مؤقت وغير جديد بالنسبة لإيران. وأوضح: ما يحدث اليوم في العلاقات التجارية بين إيران والعراق ليس بالأمر الجديد، فمنذ نحو ثلاثة أشهر وضعت الحكومة العراقية قواعد لتنظيم العلاقة بين الدينار والدولار، والتي بموجبها يلتزم جميع مستوردي البضائع إلى العراق الحصول على عملتهم من البنك المركزي العراقي بالسعر الرسمي، حيث كان يجري ذلك في السابق عبر مكاتب الصرافة في البلاد.
وأضاف: نظراً للمحدودية التي يواجهها مستوردو البضائع من إيران في الحصول على الدولار في السوق الرسمية، فإنهم يشترون الدولار من السوق الحرة ويستبدلونه عبر مكاتب الصرافة والتي يبلغ فرق السعر فيها حوالي 20%، وقد يزيد هذا الأمر من المشاكل أمام التجار الإيرانيين.
وأكد آل إسحاق أن الحكومة العراقية تحاول حل علاقة الدينار والدولار فيما يتعلق بإيران ودول أخرى، مشيراً إلى وجود مفاوضات بين البنك المركزي الإيراني ونظيره العراقي في هذا الشأن.
ونفذ البنك المركزي العراقي خطة حظر التعامل بالدولار الأميركي اعتبارا من أول يوم في العام الجديد 1 يناير (كانون الثاني). وبموجب هذا الإجراء، يمنع تحويل العملة إلى خمس دول، من بينها إيران.
وقال الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية، جهانبخش سنجابي، إن إيران من بين الدول التي أدرجتها بغداد في قائمة الوجهات المحظورة لتحويل الأموال.
وفي شهر مايو (أيار) من العام الماضي، نُشرت أخبار عن حظر التعامل بالدولار من قبل وزارة الداخلية العراقية بهدف السيطرة على تقلب أسعار الصرف في السوق السوداء، وتقليص الفجوة بين سعر الصرف الرسمي وسعره في السوق السوداء.
وبعد بضعة أشهر تم تنفيذ هذه الخطة، وبناء على ذلك، إذا قامت مكاتب الصرافة أو الشبكة المصرفية العراقية بتحويل الأموال إلى هذه الدول، فلن يتم تخصيص عملة لها.
ونتيجة لذلك، من أجل تحويل الأموال إلى إيران، يجب على مكاتب الصرافة وفروع البنوك في العراق شراؤها من السوق الحرة، والتي يبلغ فرق سعرها حوالي 20%.
وبحسب قول الأمين العام لغرفة التجارة الإيرانية العراقية، يبلغ سعر العملة الرسمية للدولار حاليا نحو 1320 دينارا، لكن كل دولار يُباع بنحو 1650 دينارا في السوق الحرة.
ومع أخذ هذا الفارق بعين الاعتبار فإن تكاليف المستوردين العراقيين ستكون أعلى بنسبة 20% عما كانت عليه من قبل، ومن ناحية أخرى، سيخسر المصدّرون الإيرانيون 20% من قيمة بضائعهم عن طريق بيع بضائعهم بالدينار.
ووصف سنجابي هذا الحادث بأنه "تهديد للتجارة بين البلدين".
وفي منتصف مايو (أيار)، حذّر علي شريعتي، عضو غرفة التجارة الإيرانية العراقية، دون أن يذكر إيران، من أن هذا الحادث سيجعل الوضع صعبا على الدول "التقليدية وغير الشفافة".
وفي يوم الثلاثاء 2 يناير (كانون الثاني)، كتبت صحيفة "دنياي اقتصاد" نقلاً عن خبراء في النقد الأجنبي، أن هذا القانون الجديد يمكن أن يؤثر على سوق الصرف الأجنبي داخل إيران.
وبحسب هذا التقرير، وبما أن العراق أحد مصادر العملة الأجنبية الداخلة إلى البلاد، فإن مسار استلام العملة الأجنبية من هذا البلد سيصاحبه مشكلات بعد إقرار القانون المذكور، الأمر الذي سيزيد سعر العملة الأجنبية في الداخل الإيراني.
من ناحية أخرى، تسببت العقوبات الاقتصادية في أن تكون جميع التجارة الخارجية غير النفطية لإيران مع الدول المجاورة في السنوات الأخيرة، ونتيجة لذلك، تعتبر دول مثل العراق مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبي.
ونقلت هذه الصحيفة عن محللين قولهم، إنه وفقا للقانون العراقي الجديد، من المحتمل أن يضطرب سعر التوازن في السوق، ويجب على صانع السوق تغطية هذا الخلل من احتياطياته من النقد الأجنبي.
إن اتخاذ مثل هذا القرار من قبل بغداد يأتي في حين كان العراق يحتاج حتى الآن إلى التبادلات والتقارب التجاري مع إيران، لكن العراق أصبح في السنوات القليلة الماضية أحد أقطاب إنتاج النفط، وبسبب عائداته النفطية الوفيرة، توجه نحو تعزيز علاقاته مع الدول الغربية في كافة المجالات.
من ناحية أخرى، وبسبب توسع هذه التبادلات، اتجه العراق نحو الشفافية في تعاملاته التجارية وقضاياه المصرفية في السنوات القليلة الماضية.