مطار النجف ملف مُتخم بالفساد.. تعرّف على تفاصيله منذ تأسيسه لغاية تسليمه إلى سلطة الطيران
انفوبلس..
بين الحين والآخر، يُشعل مطار النجف الجدل، بخصوص عائدية المطار وإيراداته، كان آخرها تصريح رئيس سلطة الطيران المدني، الذي أكد أن السلطة لا تعلم عائدية مطار النجف أو أين تذهب إيراداته.
وفي 8 آذار 2023، أصدر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، إنهاء تكليف مدير مطار النجف الدولي حكمت أحمد علي، وتعيين علي أحمد حسن الساعدي بديلاً عنه، ثم تلاه إعلان رئيس سطلة الطيران المدني عن عودة مطار النجف الدولي إلى إدارة السلطة".
وباشر مدير مطار النجف الجديد علي أحمد حسن الساعدي، اليوم الاثنين، مهام عمله رسمياً، حيث وصل بطائرة عسكرية إلى مطار النجف، وبرفقته عدد من مديري الأقسام في سلطة الطيران المدني والجهات الرقابية".
قصة تأسيس المطار
بعد قيام محافظة النجف الأشرف بتأهيل المطار العسكري الصغير عام 2008 وتحويله إلى مطار دولي، بمنحة من رئيس الوزراء حينها (٥٠ مليون دولار) ولعدم توفر الكفاءات حينها، منحت المحافظة حق إدارته وتشغيله إلى شركة العقيق الكويتية لمدة خمس سنوات على أن تستثمر الشركة خلال هذه المدة ٥٠ مليون دولار من أموالها في إكمال متطلبات تشغيل المطار (أجهزة ملاحية ومعدات أرضية وشركة أمنية وسياج أمني ورخص تشغيل) على أن تكون الأرباح مناصَفة بين محافظة النجف وشركة العقيق.
وبالفعل، تم تشغيل المطار في ٢٠٠٨، ولكن بعد فترة حدثت خلافات بين مجلس المحافظة وشركة العقيق، فمجلس المحافظة ادعى أن الشركة لم تنفذ بنود العقد الخاص بها، وشركة العقيق ادعت أن المحافظة تقيّدها فلا تستطيع تنفيذ خططها التطويرية.
سيطرة مجلس المحافظة على المطار
وفي ٢٠١١ خرجت شركة العقيق، فسيطر مجلس المحافظة حينها على إدارة وتشغيل المطار، وكان عقد التشغيل مع العقيق ينص على أن الخلافات تُحوَّل إلى مركز التحكيم الدولي في دبي، واستمر المطار في عمله وحدثت قفزات كبيرة بعدد الطائرات اليومي القادمة والمغادرة، وتضخمت الواردات بشكل كبير جداً، ولكن لا المحافظة ولا شركة العقيق حصلت على حصتها.
أعلنت شركة العقيق المستثمرة لمطار النجف الأشرف الدولي، في 2012، اللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترجاع حقوقها التي أنفقتها على إنشاء المطار
وبعد أن عجزت عن إرجاع حقوقها ودياً، أعلنت شركة العقيق المستثمرة لمطار النجف الأشرف الدولي، في 2012، اللجوء إلى التحكيم الدولي لاسترجاع حقوقها التي أنفقتها على إنشاء المطار الذي أصبح رقماً يُشار إليه بالبَنان في المنطقة.
واستكملت الشركة الإجراءات القانونية والإدارية كافة، ورفعتها عن طريق شركة محاماة متخصصة إلى محكمة التحكيم الدولية في دبي ضد الإدارة المدنية في النجف التي تماطل بإعادة حقوق الشركة تحت حُجج واهية وغير منطقية.
وتعهدت شركة المحاماة بكسب الدعوى واسترجاع حقوق الشركة وذلك لامتلاكها كل الأوراق والثبوتيات الرسمية، ومن الجدير بالذكر أن الإدارة المدنية ألغت العقد عام 2010 من جانب واحد، واستولت على المطار وأبعدت الشركة المؤسِّسة والمستثمرة للمطار دون سند قانوني، فقامت محافظة النجف الأشرف، بإرسال وفد إلى دولة الكويت من أجل التفاوض مع الشركة، وتحت رعاية أمير الكويت وتوصلوا إلى دفع ٧ مليون دولار من أجل فسخ العقد وإنهاء الخلاف، ولكن كان هناك من هو مستفيد من بقاء هذا الإشكال القانوني، والذي قام بدوره بتخريب هذا الاتفاق، وبالتالي استمر الوضع القانوني الغائم للمطار فسهَّل على المتحكمين به التصرف بكل وارداته وكأنه ملك خاص بهم، وحتى الآن وبعد أن تحولت إدارة المطار إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بقي المسيطرون على المطار كما كانوا، بإبقاء الإشكال القضائي مع شركة العقيق، واستمر المطار بلا رقابة ولا محاسبة.
شكوى ضد المحافظ
ورفعت شركة العقيق الكويتية، في كانون الأول الماضي، دعوى قضائية ضد محافظ النجف الأسبق، ماجد الوائلي بتهمة سرقة أموالها، حيث أظهرت وثيقة رسمية، قيام شركة العقيق الكويتية برفع دعوى قضائية ضد محافظ النجف ماجد الوائلي، متهمةً إياه بسرقة مستحقاتها المالية، كونها الشركة المستثمرة لمطار النجف سابقاً، وبحسب هذه الوثيقة فإن هناك شكوى من شركة العقيق في المحكمة التجارية العراقية على محافظ النجف باعتباره الطرف الأول في العقد الموقِّع مع شركة العقيق.
ممثل التيار الصدري أبو أكثم في المطار
وافتُضحت قصة الفساد في مطار النجف الأشرف، بعد قيام التيار الصدري بالتخلي عن جواد الكرعاوي (أبو أكثم) في نيسان 2017 حين أشار رئيس كتلة الأحرار في مجلس محافظة النجف، وسام الزجراوي، بأن تعليمات سياسية من مراجعه قد وصلته، تفيد بأن جواد الكرعاوي لم يعد ممثلاً للتيار في إدارة مطار النجف، مضيفا أنه على إثر ذلك صدّرتُ بياناً داخل مجلس إدارة المطار، طالبتُ فيه بإقالة الكرعاوي من منصبه.
وكان نص البيان، الذي انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي، أشار إلى أن الأمانة العامة لكتلة الأحرار قد فصلت الأخير من الكتلة، في تاريخ 22 آذار الماضي. وحمَّل البيان، الموقَّع من رئيس كتلة الأحرار في مجلس محافظة النجف، مجلس وإدارة مطار النجف التبعات القانونية في إبقاء الكرعاوي في منصبه.
ومن خلال مجلس إدارة المطار الذي تشكَّل من قبل جهات سياسية مختلفة، كان جواد الكرعاوي (أبو أكثم) يمثل فيه التيار الصدري، ويُعرف "أبو أكثم" بأنه أبرز المقرَّبين لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إلا أن الصدر أمر أتباعه منتصف عام 2019، بمداهمة مصالح "أبو أكثم" ومنها المولات والأسواق ومبنى مطار النجف الأشرف، وعقب اشتداد الحرب بين الصدر وأبو أكثم، ناشد الأخير في تسجيل صوتي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق، عادل عبد المهدي بالتدخل، وقال إن أنصار مقتدى الصدر هاجموا مركزه “المول” وأصابوا اثنين من العاملين فيه بجروح.
في عام 2021، أصدر القضاء العراقي، حُكماً بحق نائب مدير مطار النجف السابق جواد عبد الكاظم علوان الكرعاوي المعروف بـ(أبو أكثم) بالحبس 4 سنوات بجريمة الرشوة في عقد استثمار مطار النجف.
واعتُقل "أبو أكثم" في أيلول 2020، على خلفية اتهامات بالفساد تتعلق بصفقات عُقدت أثناء توليه المنصب في مطار النجف، وبناءً على تحقيقات (لجنة مكافحة الفساد والجرائم المهمة) صدر الحكم عليه في القضية الخاصة عن جريمة الرشوة ــ عقد استثمار مطار النجف وفق أحكام القرار ١٦٠ لسنة ١٩٨٣، وكذلك تم الحكم عليه عن قضية عقد المدرج الجديد في مطار النجف الأشرف وفق أحكام القرار 160 لسنة 1983 فأصبح مجموع الأحكام عليه 8 سنوات.