سموم الجزيرة

كمثل المفترس الذي يظهر لفريسته الطمأنينة ثم ينقض عليها، تعمل قناة الجزيرة فتكسب ودّ وثقة المشاهد وتستحوذ عليه عبر برامجها وأخبارها الاستثنائية ثم تحقنه بجرعة السموم فجأة، لتأخذه إلى حيث تريده أن يكون وتقرر موقفه دعماً أو رفضاً أو غضباً أو تجاهلاً كالمحقون دماغه.
في العراق ترى ويرى العالم كل أشكال الوحشية فتُسمّي الأوباش القتلة "ثوار عشائر" وقبلها "سُنة مهمشين مظلومين" حتى لو رفعوا رايات السواد وسيوف حزّ رقاب الطلاب والأطفال بحيث كنا نسميها (الحقيرة) والعرب ساخطون.
وفي سوريا ترى ويرى العالم إبادة ممنهجة مدروسة مقررة سابقاً ضد طائفة محددة، وتسمع الهتافات والشعارات وتعلم علم اليقين أنها حرب اجتثاث عِرقية فتسمي الضحايا "فلول النظام البائد".
هذا هو منهج الجزيرة التي كسبت قلوب وعقول العرب عبر تغطية أحداث غزة لعلمها أن العرب لن يتحركوا لنصرتها لكنها واقعاً تطبخ لهم سمّاً فكرياً وتعلم أنهم سوف يتفاعلون معه قولاً وفعلاً.. هكذا أغلب العرب السنة للأسف حين يسمعون (شيعة وعلويون) ينقلبون إلى غيلان.
إسرائيل لم تترك الجزيرة لتكون منبراً لفلسطين لولا أنها مطمئنة أنها سوف تقدم لها خدمة جليلة ولا يهم أن يكون الثمن غضباً عربياً لا يتجاوز حدود السب والشتيمة لليهود.