28 عاما على "مجزرة قانا" التي أخفق ضمير الغرب في الاستيقاظ أمامها.. ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي في لبنان ودعمته واشنطن بذلك
انفوبلس/..
تستمر آلة القتل "الإسرائيلية" في ارتكاب جرائمها ضد كل شعب احتلّت أراضيه، وفي وقت يواصل فيه جيش الاحتلال مجازره الدموية اليومية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مزهقاً أرواح ما يقارب 34 ألف شهيد ونحو 77 ألف مصاب، تأتي الذكرى الـ28 لمجزرة قرية قانا اللبنانية، مذكِّرةً بالوحشية الإسرائيلية المتحدية لأي قانون دولي أو مواثيق إنسانية.
وتُعد مجزرة قانا الأولى، إحدى أكبر وأفظع المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي عبر تاريخه، ووقعت يوم 18 نيسان 1996، بمركز قيادة فيجي التابع لـ الأمم المتحدة في قرية "قانا" جنوب لبنان، خلال عدوان عسكري إسرائيلي على هذا البلد أُطلق عليه إسرائيلياً "عملية عناقيد الغضب".
وقعت "مجزرة قانا" في قرية قانا التي تقع في جنوب لبنان وتتبع لقضاء صور، وتضم البلدة التي تسمى رسميا "قانا الجليل" أحياء كثيرة منها: حارة الفوقا، حارة التحتا، حي السيدة صالحة، حي البركة، حي المحافر، حي الجامع الشرقي، حارة مار يوسف، حي الحافور، حي الوارداني، حي الخشنة، حي الماصية، حي الحمارة، الخريبة.
ويوجد في "قانا" مقر لقوات الطوارئ الدولية الأممية (يونيفيل) وتعرضت تلك القرية الوادعة لمجزرة أخرى فجر 30 تموز 2006 خلفت 57 قتيلا على الأقل أكثرهم من الأطفال، كانوا قد لجأوا لبناية هرباً من القصف الإسرائيلي الذي تشنّه على قريتهم، في مذبحة عُرفت بمجزرة قانا الثانية.
تفاصيل المجزرة
في الفترة ما بين 11 نيسان و27 نيسان 1996 شنّت إسرائيل عدوانا عسكريا على لبنان، قتلت وجرحت خلاله العشرات، وقصفت أثناءه عددا من المدن والبلدات اللبنانية من بينها العاصمة بيروت، وأطلقت إسرائيل على تلك العملية "عناقيد الغضب".
وفي يوم الـ 18 من نيسان، ونتيجة لكثافة ودموية القصف، لجأ مئات اللبنانيين معظمهم نساء وأطفال هرباً من جحيم القصف إلى مركز تابع لقوات الأمم المتحدة بقرية قانا ظناً منهم أنها ستحميهم، وأن إسرائيل ستمتنع عن ملاحقتهم وقتلهم في مركز أممي محمي بموجب القوانين والمواثيق والأعراف الدولية، ولكن إسرائيل -وكعادتها- لا تمنعها قُدسية المكان ولا حُرمة الزمان -دينيا أو قانونيا- من ارتكاب جرائمها ومجازرها بالطريقة التي تحلو لها.
وبعد الثانية ظهرا بقليل يوم 18 نيسان صوّبت إسرائيل مدافعها نحو الكتيبة الفيجية التابعة للأمم المتحدة -حيث يحتمي مئات المدنيين- فقتلت منهم 106، وأصابت نحو 150 شخصا بجروح وعاهات وإصابات بدنية ونفسية متفاوتة الخطورة.
استخدمت إسرائيل خلال ذلك العدوان الذي استمر أسبوعين جميع قطاعات الجيش البرية والبحرية والجوية، وكان إجمالي ضحايا هذا العدوان ـوفق تقارير إعلاميةـ نحو 175 شهيدا وثلاثمئة جريح، ونزوح عشرات الآلاف، إضافة إلى أضرار مادية كبيرة في المنشئات.
وكانت "إسرائيل" قد شنّت قبل ذلك عدوانا على لبنان باسم "تصفية الحساب" (تموز 1993) وشمل ذلك قصفا جويا وبريا لمناطق جنوب لبنان والبقاع والشمال وضواحي بيروت، ودام سبعة أيام، وقد أدى لاستشهاد أكثر من 120 لبنانيا وتهجير عشرات الآلاف إضافة لخسائر مادية كبيرة، في حين لقي 26 جنديا إسرائيليا مصرعهم. وانتهت العملية بوساطة أميركية، وعُرف الاتفاق الشفهي بـ"اتفاق تموز" الذي نص على منع استخدام صواريخ كاتيوشا داخل الأراضي الإسرائيلية من قبل حزب الله.
ردود فعل ضعيفة
ورغم هول الجريمة وفظاعة المجزرة كانت ردود الفعل ضعيفة ومحدودة، واكتفت غالبا بالمطالبة بالهدوء ووقف إطلاق النار، حيث دعا الرئيس الأميركي وقتها بيل كلينتون جميع الأطراف لوقف إطلاق النار، ووجه الرئيس الفرنسي جاك شيراك نداء إلى الكيان الإسرائيلي بضرورة الاستجابة لمطالب وقف إطلاق النار، وانتقدت روسيا إسرائيل وأعربت عن قلقها لتدهور الوضع في لبنان.
وعلى المستوى العربي، لم يتجاوز الموقف الرسمي حدود الإدانة وبعث رسائل تؤكد خطورة الموقف وضرورة وقف العمليات العسكرية في لبنان.
وطالب رئيس وزراء لبنان حينها، رفيق الحريري، بوقف النار وتطبيق "اتفاق التفاهم" المعروف باتفاق الكاتيوشا عام 1993 والقاضي بعدم ضرب المدنيين في الجانبين، والبدء في تنفيذ قرار مجلس الأمن الداعي لانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان.
وقد اجتمع مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة الأميركية كعادتها أجهضت القرار باستخدام حق النقض (الفيتو).