المقاتلة "رافال" تُحلّق في سماء العراق أمام أنظار السوداني لهذه الأسباب.. هل سيقوم بتعزيز أسطوله منها؟

انفوبلس/ تقرير
يعتزم العراق إبرام صفقة مع فرنسا لشراء سرب من طائرات "رافال" طال الحديث عنها منذ عام 2020، عبر سلسلة من التصريحات الرسمية، وزيارات مسؤولي وزارتي الدفاع في البلدين المتعددة للانتهاء من هذه الصفقة، التي ستُعيد العراق من جديد إلى سوق السلاح الفرنسية للمرة الأولى منذ غزو الكويت 1990.
وشاركت طائرات رافال الفرنسية المقاتلة، اليوم الثلاثاء، في تمرين جوي مع طائرات عراقية حيث يتجه العراق لشراء مجموعة منها.
كما أشرف رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني اليوم الثلاثاء، على تنفيذ طائرات القوة الجوية العراقية تمرين (أبابيل/1) لتأكيد مستوى الجهوزية والأداء المتقدم الذي وصله طيارو العراق. كما حضر التمرين قائد سلاح الجو والفضاء الفرنسي الجنرال ستيفان ميل، والوفد المرافق له.
وتخطط الحكومة العراقية لتعزيز قدراتها النارية عبر سلسلة من العقود التي وقعتها لتوريد مدافع ومسيّرات ودبابات وعجلات مدرعة لسد النقص الحاصل في بعض فرق الجيش بسبب حرب السنوات الثلاثة ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتشير تقارير إلى أن العراق راغب في شراء 14 طائرة مقاتلة فرنسية لتعزيز أسطوله الجوي حيث إنه يمتلك حاليا أسطولاً يضم 34 طائرة أف 16 المقاتلة الأميركية وكذلك طائرات تشيكية فضلا عن طائرات سوخوي الروسية وطائرات كورية مقاتلة.
*توجيهات السوداني
أكد الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء يحيى رسول، اليوم الثلاثاء 23 مايو/ أيار 2023، السعي لضم طائرات الرافال الفرنسية للأسطول الجوي العراقي.
وقال رسول، إن "توجيهات القيادة العسكرية العليا وعلى رأسها القائد العام القوات المسلحة محمد شياع السوداني، هو استكمال بناء قدرات قيادة القوات المسلحة العراقية ومن ضمنها قيادة القوة الجوية، لهذا فالعراق منفتح على العديد من الدول ومن ضمنها جمهورية فرنسا". وأضاف، إن "فرنسا تعد من الدول المتقدمة في مجال الصناعات العسكرية ومن ضمنها القوة الجوية". مشيراً إلى، أن "هنالك تعاوناً معها في مجالات عديدة، كموضوع الدفاع الجوي ونمتلك رادارات فرنسية".
وتابع: "نطمح مستقبلاً بأن يتألف أسطول القوة الجوية العراقية من طائرات حديثة متعددة الأغراض مثل طائرات الرافال الفرنسية التي تُعد من الطائرات المتقدمة، وتمتلك قدرات عالية في التصدي والإسناد والضربات التعبوية، كما وتمتلك منظومة مراقبة متطورة جداً ورادارات متقدمة جداً أيضا". وشدد على "أهمية إجراء التدريبات والتمارين لدى القوة الجوية العراقية مع دول عديدة من ضمنها دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يعمل على زيادة الخبرات".
وبيّن: "من بين التمارين سيكون ما بين طائرات الـ F16 العراقية وطائرات الرافال الفرنسية، لإظهار قدرات الطائرتين، وكذلك إظهار التقاطع ما بينهما والتي ستزيد من قابلية وقدرة الطيران العراقي، من خلال هذه التمارين".
ولدى العراق حالياً 95 طائرة مقاتلة من أصول أميركية وروسية وكورية جنوبية وتشيكية وفرنسية، وكلها تعاقدت عليها البلاد بعد عام 2003، إلا أن هذا العدد، بحسب متخصصين، غير كاف لتأمين الأجواء العراقية والقيام بضربات ضد أهداف معادية، خصوصاً أن البلد يمتلك مساحات واسعة من الصحراء.
يبدو أن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني ماضٍ في تنفيذ الاتفاقات بين بغداد وباريس، التي عقدتها حكومة مصطفى الكاظمي فيما يتعلق بالحصول على السلاح الفرنسي، خصوصاً شراء طائرات "رافال" المقاتلة و"فالكون" المدنية خلال الفترة المقبلة.
وبيّنت زيارة السوداني السريعة إلى باريس أخيراً وجود رغبة حقيقية من قبل الحكومة العراقية للحصول على طائرات "رافال" وأيضاً طائرات "فالكون" ذات السعات الصغيرة للركاب للطيران المدني.
وأعلن بيان لمكتب رئيس الوزراء أن السوداني التقى خلال زيارته فرنسا وفداً من ممثلي شركة "داسو" الفرنسية، وتم بحث تزويد العراق بطائرات "رافال" المقاتلة لمصلحة القوة الجوية العراقية، وطائرات "فالكون" لمصلحة الطيران المدني.
ولعل الأزمات الاقتصادية التي عانى منها العراق خلال السنوات الماضية نتيجة انخفاض أسعار النفط أرجأت التوجه لشراء أسلحة جديدة، إلا أن زيادة أسعار النفط والوفرة المالية التي تتمتع به احتياطات البلاد من الدولار خلال هذا العام، والعام الماضي، شجعتا العراق على التحرك مجدداً نحو الجانب الفرنسي من أجل شراء طائرات "رافال" المتطورة.
وخلال السنوات الماضية، عقدت بغداد عدداً من صفقات التسليح لتطوير قدراتها العسكرية الجوية المقاتلة والمروحية مع الولايات المتحدة التي تربطها معها اتفاقية إطار استراتيجي، فضلاً عن عقود مع روسيا وكوريا الجنوبية، امتلكت بموجبها مجموعة من أسراب الطائرات، إلا أن الحرب ضد "داعش" الإرهابي الذي سيطر على مساحات واسعة من العراق عام 2014، أظهرت حاجة البلاد إلى تطوير قواتها الجوية.
وكشف وزير الدفاع السابق جمعة عناد سابقاً، عن نجاح العراق في الحصول على قرض محلي لشراء 14 طائرة "رافال" الفرنسية الصنع، مبيناً أن سعر الطائرة الواحدة هو 200 مليون دولار أميركي، وكان الوزير العراقي قد أجرى زيارة إلى فرنسا في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2021 جاءت كجزء من خطط بغداد لتنويع مصادر السلاح العراقي، وتمخضت الزيارة، حسب عناد، عن تفاهم أولي لشراء أسلحة فرنسية أهمها طائرات "رافال" ومنظومة دفاع جوي ومروحيات.
*الرافال مهمة
يرى مدير مركز الجمهورية للدراسات الأمنية والاستراتيجية معتز عبد الحميد، أن شراء طائرات "رافال" مهم جداً لما تمتلكه من تقنيات عالية، خصوصاً أن العراق لديه تجربة مع الطائرات الفرنسية، مشيراً إلى أن البلاد ستموّل الصفقة بجزء من أمواله المجمّدة لدى باريس.
وقال عبد الحميد، إن "الفرنسيين لا يعطون "رافال" إلا بموافقات أميركية، لأن فرنسا تنتمي لحلف شمال الأطلسي"، مبيناً أن "الناتو" لا يبيع أسلحته مباشرة لدول الشرق الأوسط إلا بعد موافقات دول أعضائه، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، خوفاً من تسريب هذه التقنيات إلى ما يعتبرونه دولاً إرهابية أو معادية لهم، مما يعني أن هناك موافقة أميركية لشراء العراق تلك الطائرات".
وأضاف عبد الحميد، إن كل عقد يحتاج إلى ميزانية خاصة من ناحية التدريب والتجهيز، وأن هذه الطائرات تمتلك التقنيات العالية، وتكلّف مبالغ طائلة للدولة، ولدينا تجربة مع الطائرات الفرنسية.
وأشار إلى أن العراق كان يمتلك أساطيل عدة من الطائرات الفرنسية في ثمانينيات القرن الماضي، وهي طائرات "سوبر اتندارد" و"ميراج" التي استُخدِمت في الحرب العراقية - الإيرانية 1980-1988.
*أموال مجمّدة
وكشف عبد الحميد عن وجود مبالغ عراقية مجمّدة لدى الحكومة الفرنسية تعود لعقود تسليح سابقة وقّعها النظام السابق لم يتم تنفيذها بعد قرارات الأمم المتحدة والحصار الاقتصادي الذي فُرِض على العراق عام 1991.
وتابع، إن للعراق أموالاً مجمّدة في كل من فرنسا وإيطاليا والتشيك والنمسا، لكونه كان يستورد أسلحة من تلك الدول وقد سُلِّمت بصفقات مالية ضخمة عندما كان العراق يخوض الحرب العراقية - الإيرانية، لافتاً إلى زيارة وزير الدفاع السابق هذه الدول وكانت هناك مباحثات لاستعادة هذه المبالغ وتسليمها للعراق.
وأوضح عبد الحمي، إن المبلغ المجمّد لدى فرنسا سيكون هو مموِّل صفقة طائرات "رافال" كما حدث في العقد مع إيطاليا وتم تسليمنا زوارق بحرية من ضمن هذه الأموال.
ولفت عبد الحميد إلى، أن العراق يمتلك قواعد جوية كثيرة في بغداد والمحافظات ويحتاج إلى تقنيات وإعادة البنى التحتية لها، بحسب ما تتطلبه تلك الطائرات، مضيفاً أن إعادة تأهيلها يحتاج وقتاً طويلاً لتناسب عملية الهبوط والطيران في المستقبل، وهذا أمر مهم لتنويع مصدر التسلح وعدم الاعتماد على مصدر واحد.
*التنويع مهم
وقال المستشار والخبير العسكري صفاء الأعسم، إن من المهم تطوير منظومة السلاح العراقية بخاصة سلاح الجو العراقي وتنويع مصادره. وأضاف، إن "عقيدة السلاح العراقي كانت منذ سبعينيات القرن الماضي عقيدة شرقية تعتمد على السلاح الروسي، لكن بعد 2003، اعتمد الجيش العراقي على السلاح الغربي خصوصاً المجهَّز من الولايات المتحدة".
*سلاح قديم
وأوضح الأعسم، إن العراق لم يطمئِن خلال 19 عاماً إلى السلاح الأميركي لوجود نقص كبير في تجهيزه في كثير من الصنوف، فضلاً عن قِدم بعض أسلحة الجيش العراقي الذي يرجع تاريخ بعضها إلى عام 2013، وأكد وجود ضعف لدى العراق في القوة الجوية لكون البلاد بحاجة إلى طائرة مراقبة لضعف الجانب الاستخباري لديها، لافتاً إلى أن عدم جديّة الولايات المتحدة في تجهيز السلاح للعراق، جعلته يتحول إلى بلدان أخرى مثل فرنسا، ومن دون موافقة واشنطن.
*حالة غير صحية
وأشار إلى أن التحول في مناشئ السلاح يعني زيادة المدرِّبين ومراكز التدريب وكثيراً من الأمور اللوجيستية، معتبراً أن التشعّب في شراء السلاح يُعد حالة غير صحية وتنتج زيادة في فرق الصيانة والتدريب والخبراء. وبيّن الأعسم، إن الطيار الذي يقود طائرة "أف 16" يختلف عن تدريب الطيار الذي يقود مثلاً طائرات "رافال"، لذلك، هناك تقييد في حركة المنتسب في الصنف نفسه.