رجال الظل في العراق قراءة إنسانية وتحليلية
كتب / سلام عادل منذ ظهور هذا الفصيل في المشهد العراقي، شكّلت الكتائب العراقية (ك.ح.هـ) حالة خاصة في الوعي الجمعي للعراقيين، فهي لم تكن مجرد تشكيل مسلح، بل تحوّلت إلى رمز للتضحية والمقاومة في مواجهة ثنائية الاحتلال والإرهاب، وهو ما جعلها تصبح هدفاً لحملات
كتب / سلام عادل
منذ ظهور هذا الفصيل في المشهد العراقي، شكّلت الكتائب العراقية (ك.ح.هـ) حالة خاصة في الوعي الجمعي للعراقيين، فهي لم تكن مجرد تشكيل مسلح، بل تحوّلت إلى رمز للتضحية والمقاومة في مواجهة ثنائية الاحتلال والإرهاب، وهو ما جعلها تصبح هدفاً لحملات إعلامية وسياسية تسعى إلى تقويض صورتها والتشكيك برسالتها.
ومع ذلك استمرّت التضحيات، التي لا تُمحى في معارك التحرير ضد تنظيم داعش وضد القوى المحتلة، والتي كان فيها مقاتلو ك.ح.هـ في الصفوف الأمامية، يدافعون عن مدنٍ مهددة بالزوال وعن عوائل مهددة بالذبح والتهجير، والكثير من هؤلاء المقاتلين قدّموا أرواحهم دون أن ينتظروا مكسباً أو منصباً، ليتركوا خلفهم قصصاً إنسانية تفيض بالوفاء للوطن، هذه الدماء لم تكن مجرد لحظة عابرة، بل صارت شاهداً على أن العراق ما زال قادراً على أن يُنجب رجالاً يضعون أمن الآخرين فوق حياتهم.
ولهذا يوجد بُعد إنساني مخفي رغم الطابع العسكري المعروف عن هذا الفصيل المقاوم، وهو ما يجعل وجهه الإنساني لا يقل أهمية، فقد برز دوره في:
1- مساعدة النازحين وتوفير المأوى والغذاء لهم في لحظات القهر والتهجير.
2- حماية المراقد والمناطق المقدسة من خطر التفجير والاعتداء.
3- المساهمة في إعادة الاستقرار للمناطق المحررة، في وقتٍ كان فيه الفراغ الأمني يثقل حياة المدنيين.
وهذا الجانب يكشف أن سواعد التحرير لم تحصر نفسها في الميدان العسكري، بل حاولت أن تكون جزءاً من النسيج الاجتماعي العراقي، رغم حملات التسقيط بين ما هو سياسي وإعلامي، التي يتم شنها بموجات تشويه منهجية، دون مراعاة لقواعد التحليل الموضوعي والذي في حال اعتمدناه سنخرج بنقاط مهمة من بينها:
1- الموقف السياسي المقاوم الذي تتبناه ك.ح.هـ ضد التدخلات الأجنبية، ما يجعلها في مرمى استهداف القوى الدولية.
2- التنافس الداخلي بين الأحزاب والكتل، حيث تُستخدم ورقة التشويه للتقليل من رصيدها الشعبي.
3- الحرب الإعلامية، التي تعتمد على الأخبار الموجهة ووسائل التواصل الاجتماعي كأدوات لبث الشكوك وإثارة الجدل.
ولعل القراءة المتوازنة والإنصاف يقتضي الاعتراف بأن أي فصيل يحمل في تاريخه مواقف مثيرة للجدل، كما يحمل إنجازات، لكن تحويل صورة الفصيل المقاوم إلى سلبية مطلقة فيه ظلم لتجربة مليئة بالتضحيات، ولهذا المطلوب هو تقييم موضوعي، يعترف بفضلها في حماية العراق، وفي الوقت ذاته يناقش مسؤولياتها المستقبلية في تعزيز الشفافية والالتزام بالقانون، بما يجعلها محصنة ضد أي محاولات للنيل من سمعتها.
وفي الختام، إن ك.ح.هـ تقف اليوم بين ذاكرة الدماء الطاهرة، التي كتبت فصولاً من الصمود العراقي، وبين حملات تسقيط سياسية وإعلامية تحاول طمس تلك الذاكرة، وإذا كان الإعلام قادراً على صناعة صور نمطية، فإن الواقع أثبت أن التضحيات لا يمكن محوها من وجدان الناس، وهكذا، تبقى الكتائب العراقية رمزاً مثيراً للجدل، لكنها أيضاً رمزاً للتضحية والمقاومة والإنسانية في عراق لا يزال يبحث عن توازنه بين الصراع والسيادة.