عون في بغداد .. ولكن الدعم سيبقى مشروطاً

كتب / سلام عادل

جاءت زيارة الرئيس اللبناني جوزيف عون إلى بغداد متأخرة نوعاً ما، باعتباره فضّل زيارة دول عربية أخرى قبل أن يزور العراق، من بينها  مصر والكويت، وهو ما أثار استغراب الأوساط العراقية، باعتبار أن العراق كان سبّاقاً في دعم اللبنانيين في السنوات الماضية، بل الداعم الأكبر، إذا لم يكن الوحيد، وخصوصاً أيام المواجهة مع الكيان، في الوقت الذي كان فيه جميع أصدقاء لبنان يجلسون على مقاعد المتفرجين أمام ما يجري على مسرح الاعتداءات الإسرائيلية.

وإذا ما كانت بغداد قد غضّت النظر عن عدم مشاركة الرئيس اللبناني في قمة بغداد، تحت أي حجة كانت، إلا أن ذلك لا يعني أن بغداد داعمة لسياسة عون بشكل مجاني، باعتبار أن الدعم العراقي إلى لبنان مشروط بوصوله لمحور المقاومة، الذي لا يزال يمثل الموقف العربي الشريف في مواجهة الأطماع الإسرائيلية، وهو امتداد للموقف العراقي الثابت في دعم القضية الفلسطينية.

وتُقدم بغداد مساعدات إلى لبنان منذ سنوات تسبق تولي جوزيف عون الرئاسة، ويتم ذلك بالتنسيق مع مدير الأمن العام اللبناني حسن شقير، وهو ما يعني لا دخلَ لعون بالموضوع على الإطلاق، وأن دعم العراقيين للبنانيين ليس لسواد عيون جوزيف عون، وإنما تقديراً واحتراماً لشيعة لبنان وحزب الله وجميع المقاومين، وهذا الدعم سيستمر عن طيب خاطر من العراقيين، على وجه الخصوص شيعة العراق.

وتصل لبنان مساعدات عراقية بحدود مليون ونصف طن من النفط الأسود سنوياً، تقدر قيمتها ابتداءً من 750 مليون دولار إلى قرابة 900 مليون دولار، فضلاً عن الحنطة ومختلف أشكال المواد الغذائية والأدوية، فيما يتبرع موظفو الدولة العراقية بنسبة من رواتبهم لصالح الدعم المالي العراقي المخصص إلى لبنان، والذي حُدد بـ20 مليون دولار تذهب لدعم جهود الإعمار، بحسب ما أعلن عنه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.

وأمام كل ذلك بدا جوزيف عون خارج القواعد الدبلوماسية خلال المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والذي عُقد في القصر الحكومي ببغداد، من ناحية عدم تقدير عون لتوجهات بغداد المبنية على دعم لبنان المقاومة وإدانة الأطماع والجرائم الصهيونية، ولوحظ ذلك من خلال اختلاف الاتجاهات بين السوداني، الذي كان حريصاً على لبنان المقاومة، وبين اتجاه عون، الذي كان يبدو عليه منحازاً إلى السلام الرخيص على طريقة محمود عباس.

والغريب أن أكثر المغالطات الكبيرة، التي طرحها عون في المؤتمر الصحفي، حين أشار إلى مضامين بيان سابق صدر عن المرجع الديني الأعلى في النجف سماحة السيد السيستاني، وهو بيان خاص بالشأن الداخلي العراقي، وكان موجّهاً من قبل المرجعية إلى رئيس بعثة يونامي في العراق، وليس إلى الداخل اللبناني، الذي ترى فيه مرجعية النجف خصوصية ترتبط بعمق المواجهة مع إسرائيل، ولطالما كانت النجف داعمة لجهاد ومواقف حزب الله ودور سلاح الحزب في هذه المواجهة، وهو ما أغلق باب السيد السيستاني بوجه جوزيف عون خلال زيارته العراق، وأفشل كل مساعيه للتوسط من أجل مقابلة المرجع الأعلى.

وبدا جوزيف عون في بغداد عبارة عن نسخة من (كاظمي الغدر)، من ناحية التدليس وهوان المواقف، حتى إنه لم يستفِد من متغيرات ما يحصل في المنطقة، وجميعها تصب في صالح لبنان المقاومة، من ناحية سقوط إسرائيل أخلاقياً أمام أنظار العالم، وتصاعد الخطاب المندّد بجرائمها، على رأس ذلك خطاب الدول الأوروبية، وقرارات المحاكم الدولية، وهي جميعها أكلت من رصيد إسرائيل كثيراً ورفعت من شأن تضحيات اللبنانيين.

وفي الختام .. كان بإمكان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الرد على مغالطات جوزيف عون، خلال المؤتمر الصحفي، وجعله يتصاغر أمام نفسه وشعبه والعالم، لكن أدب وأخلاق السوداني جعلته يتحفظ، وهو ما أنا متأكد منه، وما هو متأكد منه أكثر أن الدعم والمساندة العراقية إلى لبنان ستبقى مشروطة بدعم محور المقاومة وصمود شيعة لبنان في هذا المواجهة.

#شبكة_انفو_بلس