غزوة أسعار ما قبل رمضان
باتت العائلة العراقية تتذمر من تكلفة سلّة المشتريات الغذائية التي ارتفعت إجمالاً بنحو 25% في أقل تقدير، ويتمثل ذلك بارتفاع أسعار كيلو لحم الغنم خلال الشهرين الأوليين من السنة الحالية، حيث قفز سعر كيلو اللحم الواحد من 15 ألف دينار إلى 23 ألف دينار
كتب / سلام عادل
من الملاحظ بكل وضوح الخطوات التصاعدية التي تشهدها أسعار جميع أشكال البضائع والخدمات في الأسواق العراقية، على الأقل ابتداءً من منتصف العام الماضي وحتى هذه اللحظة، وذلك على خلفية فشل كافة الحزم الإصلاحية التي أطلقها البنك المركزي العراقي لضبط سعر الصرف، أو الحد من ارتفاعه، وخصوصاً بعد أن باتت السياسات النقدية عامل تغذية للسوق الموازية، وهي سوق سوداء بأي حال من الأحوال تتربح بالدرجة الأساس من المضاربات والجشع التجاري.
وباتت العائلة العراقية تتذمر من تكلفة سلّة المشتريات الغذائية التي ارتفعت إجمالاً بنحو 25% في أقل تقدير، ويتمثل ذلك بارتفاع أسعار كيلو لحم الغنم خلال الشهرين الأوليين من السنة الحالية، حيث قفز سعر كيلو اللحم الواحد من 15 ألف دينار إلى 23 ألف دينار، والسعر في تزايد، كما ارتفع سعر الأسماك أيضاً من 6 آلاف للكيلو الواحد إلى 9 آلاف دينار، ونفس السعر يشمل لحوم الدجاج المحلية والمستوردة، فضلاً عن الألبان والأجبان والبقوليات ومختلف المواد الغذائية الرئيسية المعتمدة في المطبخ العراقي.
ومما يزيد ضغوطات المعيشة أكثر الارتفاع المتزايد لجميع عناصر المواد الإنشائية، وهو ضغط آخر صار يستهدف سوق البناء والعقارات، وهو قطاع يعاني بالأصل من أزمة خانقة كبرى جراء النقص الحاد بالوحدات السكنية مقارنةً بالتزايد السكاني غير المنضبط، ما جعل مبالغ الإيجار تصعد فوق السقوف المعقولة، مقارنةً بمستويات الدخل وحدود مرتبات ذوي الدخل المحدود والثابت، وحتى أصحاب الأجور اليومية، وهم الشريحة الأكثر تضرراً من الضغوط المعيشية.
وتنضم إلى قائمة الأسعار المتزايدة مواد أخرى مثل السيارات والملابس والكماليات والأدوية، والأثاث بجميع أشكاله، وكلها ترتبط بعملية الاستيراد التي تعتمد بشكل أساسي على السوق الموازية للحصول على العملة الصعبة، وكما يعرف الجميع أن السوق الموازية هذه تمول نفسها يومياً من نافذة بيع العملة، التي يغذيها البنك المركزي من دون أن يطلب منها منفستات أو فواتير تتطابق مع شروط المنصة والرقابة الأمريكية، حتى صارت السوق الموازية وكأنها الابن المدلل الذي لا يمسه أحد.
وما يُستغرب له أكثر، صدور بيانات رسمية من جهات حكومية، مثل وزارة التخطيط، تنفي وجود تضخم في الأسواق العراقية، مع كون ما يحصل على أرض الواقع من ارتفاع ملموس ومحسوس لا يمكن نكرانه، وهو ما يجعل الوزارة وكأنها شخص مريض في حالة غيبوبة، أو طرف معزول لا يشعر بحياة الناس خارج العزلة التي هو فيها، مع كون جميع الناس باتوا يتذمرون بشكل علني يوماً بعد آخر، وصار التذمر يزداد مع اقتراب شهر رمضان، وهو الشهر الذي غالباً ما تسبقه موجة ارتفاع تطال كل شيء.
#شبكة_انفو_بلس