ماذا يحصل في جهاز المخابرات العراقي ؟
بعد تسييسه وتحويله الى جيش الكتروني وحمايات
انفوبلاس/ بغداد..
كتب / سلام عادل
قد لا تعلم الاوساط العراقية أن نصف ميزانية جهاز المخابرات العراقي غير خاضعة للتدقيق والرقابة من قبل المؤسسات المعنية بالمتابعة والنزاهة، بما فيها ديوان الرقابة المالية، وأن ما يقرب على (120 مليون دولار) من ميزانية الجهاز يتحكم بها رئيس الجهاز لوحده بصلاحيات صرف مفتوحة وغير خاضعة للكشف.
وتبلغ التخصيصات المالية للجهاز بحدود (281 مليار دينار) من ضمنها (30 مليار رأسمالية) الى جانب (10 مليار إضافية) وهذه التخصيصات جرى تثبيتها منذ عام 2011 في الموازنة العامة للدولة، وهي سارية حتى هذه اللحظة، تذهب 50% منها الى أوجه صرف سرية بصلاحيات خاصة لرئيس الجهاز، وهو ما يعني أن (مصطفى كاظمي) قد تصرف بأموال تصل الى أكثر من (نصف مليار دولار) خلال السنوات التي ترأس فيها الجهاز منذ عام 2016 من دون أي رقابة أو متابعة.
وتعتبر سنوات الحرب على داعش الفترة الاكثر صرفاً وتبذيراً لاموال جهاز المخابرات، حيث تم صرف ملايين الدولارات على فعاليات جانبية بحجة الحرب على داعش، إلا أن الهدف الحقيقي منها كان بناء جيوش الكترونية وشراء ذمم افراد ومجاميع لغرض التحشيد الاعلامي والسياسي لرئيس الجهاز، الذي صار رئيساً للوزراء منتصف عام 2020، وهي مخالفة واضحة للدستور (المادة 9/أ) التي تمنع تدخل الاجهزة الأمنية في السياسة وتداول السلطة.
ولعل أكثر الادوار السياسية وضوحاً لهذه الجحافل والجيوش الالكترونية ما حصل خلال احداث (تظاهرات تشرين)، وذلك بعد أن جعل مصطفى كاظمي قدرات جهاز المخابرات وأمواله بالكامل تحت تصرف طموحاته السياسية، وكان من ضمنها إدامة زخم إسقاط الحكومة والدفع باتجاه المزيد من العبث والفوضى حتى يفتح الطريق أمامه للقفز الى كرسي مجلس الوزراء.
وفي الفترة الاخيرة عبّر الكثير من ضباط وعناصر الجهاز عن تذمرهم جراء المهمات التي يتم تكليفهم بها، وغالبيتها واجبات سياسية داخل العراق تعتبر مخالفة لتخصصات الجهاز المعني أصلاً بحفظ البلد من الاستهدافات والاختراقات الخارجية، ومن بين هذه المهمات القيام بواجبات الحراسة حول مقرات الكاظمي وعناصر فريقه من الحاشية والمستشارين.
ومايزال جهاز المخابرات العراقي منذ تأسيسه يعمل ويتصرف بدون وجود (قانون) لتنظيم عمله، وسط محاولة خجولة من قبل البرلمان في دورته الثالثة لتشريع قانون خاص به انتهت بـ(الطمطمة)، ولم تتكرر تلك المحاولة مع الدورات اللاحقة، ما يجعل الجهاز عبارة عن تشكيل أمني غير منظم بقانون، علاوة على كونه بالاصل من تأسيس سلطة الاحتلال الأمريكية، وقد تم تشكيله من خلال (مرتزقة عراقيين) يعيشون في المهجر تم التعاقد معهم من قبل الـ(CIA) تحت إشراف اللواء الطيار محمد عبد الله الشهواني، وهو امريكي من أصول عراقية.
ومن الملاحظ مؤخراً قيام الجهاز بعمليات اعتقال وتحقيق مع مواطنين عراقيين من اوساط وظيفية مختلفة على خلفية قضايا إدارية ومالية وحتى سياسية، وهو ما يمثل حالة غير قانونية على الاطلاق خصوصاً مع تخصيص سجون ومعتقلات تابع له بعيدة عن رقابة وسلطة وزارة العدل او وزارة الداخلية.
وبالتالي يبدو أن جهاز المخابرات العراقي صار بالضرورة في حالة تستوجب الرقابة والتدقيق، أو ربما يحتاج الى إعادة هيكلة بالكامل، بعد أن اصبح مجرد (منظومة) شبيهة بالمليشيات غير المنضبطة والخارجة على القانون، التي تمول نفسها من الدولة لخدمة الاجندات السياسية.