أحاديث ساذجة عن الإحصاء السكاني
مما لا شك فيه لم يعد منطقياً ولا مبرراً، الحديث عن التغيير الديموغرافي، أو عن وجود مناطق حصرية بقومية أو دين، في ظل دستور العراق الجديد الذي جرى تشريعه سنة 2005
كتب / سلام عادل
أنجزت حكومة المهندس محمد شياع السوداني، اليوم الأول من الإحصاء السكاني، المقرر له يومان وسط حظر تجوال شامل، وهو الأول منذ 37 سنة، وبعد ثلاث محاولات فاشلة خلال أعوام (2007، 2009، 2017)، على خلفية خلافات سياسية تتعلق بالدين والطائفة والقومية، وادعاءات بأن الإحصاء سيتحول إلى دليل بيد المختلفين على الاستيطان الديموغرافي في بعض المناطق والمحافظات.
ومما لا شك فيه لم يعد منطقياً ولا مبرراً، الحديث عن التغيير الديموغرافي، أو عن وجود مناطق حصرية بقومية أو دين، في ظل دستور العراق الجديد، الذي جرى تشريعه سنة 2005، والذي ينص في (المادة 44/ أولا/ ثانية) على حرية العراقي في التنقل والسفر والسكن داخل العراق وخارجه، وعلى عدم جواز نفي العراقي أو إبعاده أو حرمانه من العودة.
ومن هنا جرى تفهم توجهات الحكومة الحالية لإجراء الإحصاء، بمعزل عن الموضوع الديموغرافي الغارق في الخلافات السياسية، باعتبار أن ما يتم الاختلاف عليه في السياسة يُحسم بالسياسة، وصناديق الاقتراع هي ملعب ذلك، وبلحاظ حاجة البلاد إلى الدخول في عجلة التنمية والبناء، بالاعتماد على معلومات شاملة ودقيقة عن السكان، والحاجة إلى تحليل علمي لهذه المعلومات.
ورغم حاجة البلاد إلى معطيات إحصائية منذ أربعة عقود، أخذ بعض السطحيين هنا وهناك بإثارة مخاوف عن إمكانية أن يفضح الإحصاء (الزوجة السرية الثانية)، أو (راتب الرعاية الاجتماعية) الذي يحصل عليه بعض الأشخاص من دون وجه حق، وهي سذاجة خارقة في التفكير، ومؤشر على عدم الشعور بالمسؤولية، بل واستهزاء بالعلم والدولة.
ولكن مع ذلك يبدو أن الوعي العام أكبر من حالات السذاجة، خصوصاً حين شهد اليوم الأول مشاركة واسعة للسكان وسط ترحيب بعمل الفرق الإحصائية، مدعوم بمشاركة كبار المسؤولين والقادة السياسيين، وعلى رأس ذلك النخبة الوطنية، وهي كلها جهود تنطوي على آمال بأن يضع العراق قدمه في المستقبل، بعد سنوات طويلة من الخراب والتخريب، ولا عزاء للسذج والمشككين ومطلقي الشائعات السخيفة، وأصحاب العلب الديموغرافية المغلقة.