أحياء من شوارع بغداد يُرفعون

يقول الانثربولجي الدكتور عدنان صبيح متسائلاً عن كيفية شعور أهالي الشهداء بوجود صور أبنائهم في الشوارع المؤدية لنظرهم؟
يقول الانثربولجي الدكتور عدنان صبيح متسائلاً عن كيفية شعور أهالي الشهداء بوجود صور أبنائهم في الشوارع المؤدية لنظرهم؟ وما هي قيمة وجود صورة الشهيد أمام داره؟
ويجيب عن هذا السؤال من وجهة نظر أنثربولوجي متخصص معقباً على مشهد درامي في مسلسل العشرين (حلقة صورة الشهيد) وعن لسان زوجته وبنص ثقافي مسبوك (هذي الصورة تعطينا الأمان) و(هذي الصورة يعني ناطورنا موجود) و(حرامي السلف يبوك كل البيوت إلا البيت المعلك صورة الشهيد).
معاني رائعة بمعالجة نصية عبقرية تعيدنا للتفكير مرات عدة قبل إطلاق الأفكار دون البحث في معانيها عند أصحابها الأساسيين، هكذا هو حالنا وبدل الاحتفاء والتمجيد تُرفع صور السعداء الأحياء من أحياء بغداد، لأن من وصل إلى كرسي الحكم بفضل دمائهم يخجل من حكام العرب أن يواجههم بصور الأبطال، ويتعكر مزاج الجولاني الإنساني جداً، وهو يشاهد مَن أذلّه في يوم من الأيام الخالية من الرجولة إلا هم.
والأنكى والأغرب في بلد الخنوع السياسي الانبطاحي، إن الضيوف الفاقدين لكل كرامة ولكل شرف تؤرّقهم هذه الصور وتعكس في نفوسهم الذلة والمهانة.
وعلى عكس الأمم وسياقها التاريخي، لن تجد بلداً من البلدان يستنكف من أبطاله ويطمس هويته مثل ساسة بلدنا اليوم.
ماذا سيقول السيد الحاكم لأم الشهيد وزوجته وأطفاله، كنا في زمن ابن صبحة نرى القوات المدججة بالسلاح مع (الشفل) وأمانة العاصمة في مشهد غير إنساني وهم يقتلعون منارة حسينية، أو قبة مرقد لسيد من نسل الرسول الكريم، وسط غضب أهالي المنطقة والمحبين والمريدين، واليوم يتكرر نفس المشهد مع حملة رفع صور الشهداء، مع عبارة سخيفة جداً
من الفريق المكلف بهذه الحملة (إنها غير حضارية).
أيُّ حضارة تقصدون؟
إذا كان الحاضرون في قمتكم المزعومة غائبين عن كل حضارة، إلا حضارة الموت والاعتداء على الجيران والتخريب والبداوة والتصحر، وزادوا عليها الخيانة العظمى لقضايا الأمة الإسلامية والعربية، ليختموا سجلهم الأسود بالمهادنة والتطبيع مع الكيان الغاصب
بل إعانته على إبادة غزة وأهلها، والاعتداء على لبنان واليمن والعراق، في الوقت الذي دعت فيه المرجعية ولأكثر من مناسبة برفع صور الشهداء في شوارع المدن والطرقات الخارجية واصفةً هذا الفعل بالوفاء ورد الجميل لهذه التضحيات العظيمة، مذكّرةً لساسة البلد بأن الأمان الذي ننعم به جاء نتيجة تضحيات الشهداء ودمائهم.
أيها الساسة غير الكرام أنتم موتى بأجسام بشر وتخافون السعداء الأحياء لذلك رفعتم صورهم من شوارع بغداد، ولكنهم عند ربهم يُرزقون.