أهلاً بالنظام المروري في بغداد
من الغريب بقاء بغداد، منذ سقوط النظام السابق في عام 2003 وحتى هذه اللحظة، من دون قواعد مرورية، على خلاف المحافظات الوسطى والجنوبية، بما فيها محافظات الاقليم، التي ظلت تلتزم بالإشارات الضوئية والحد المعقول من الانضباط في سير المركبات
كتب / سلام عادل
أعلنت مديرية المرور العامة المباشرة بتطبيق مواد قانون المرور ابتداءً من يوم الجمعة 15-3-2024، الذي بموجبه سيتم فرض غرامات مالية على المخالفين من سواق المركبات بكافة اشكالها وأنواعها، بعد أن يكون قد تم رصدهم بواسطة كاميرات المراقبة الذكية، او بصورة مباشرة من قبل عناصر شرطة المرور المنتشرين في التقاطعات، او المتجولين على شكل دوريات متحركة، وبذلك ستستعيد العاصمة بغداد قواعد المرور التي افتقدتها منذ 20 سنة.
ومن الغريب بقاء بغداد، منذ سقوط النظام السابق في عام 2003 وحتى هذه اللحظة، من دون قواعد مرورية، على خلاف المحافظات الوسطى والجنوبية، بما فيها محافظات الاقليم، التي ظلت تلتزم بالإشارات الضوئية والحد المعقول من الانضباط في سير المركبات، مما يجعل الحالة غير مفهومة في العاصمة، إلا من زاوية تفسيرها بلحاظ الفوضى التي أدخلتها الادارة الأمريكية في العراق بعد الاحتلال تحت يافطة التطبيقات الخاصة بالتحول نحو الديمقراطية، والتي كانت توصف في حينها بـ(الفوضى الخلاقة).
ولم تكن (الفوضى الخلاقة) غير عنوان مخادع جرى تحته تحطيم جميع مباني الدولة العراقية، وتغييب مؤسساتها عن الأدوار الخدمية والتنموية التي كانت تقوم بها، يشمل ذلك تكسير البنى التحتية الضرورية، من بينها الإشارات الضوئية التي كان بموجبها يتم تنظيم حركة السير في التقاطعات والشوارع الرئيسية، بل وصارت تعتبر عملية إعادة تصليح ما تم تكسيره من الأعمال التَرَفيَّة بحسب وجهة نظر الحكومات المتعاقبة، وهو خراب آخر يضاف للفوضى الكبرى التي تسببت بها أمريكا وجيوشها المتحالفة معها في العراق.
ومن الملاحظ في بغداد ولادة أجيال شابة لم تعرف من قبل قواعد المرور واصول قيادة السيارة بالصيغة النظامية، التي تلتزم بالسرعات المحددة وضوابط الحركة، فضلاً عن التقيد بالإشارات الضوئية وعدم تجاوز خطوط عبور المشاة عند التوقف في التقاطعات، او حتى عدم التنقل من اليمين إلى اليسار بهدف التجاوز المتسرع، وهي جميعها حالات سيتم رصدها ابتداءً من الجمعة في بغداد، وسيتم فرض الغرامات بموجبها.
ومن المناسب الإشارة إلى كون شرطة المرور العراقية من أوائل من بادر إلى تفعيل دور الدولة بعد سقوط العراق تحت سلطة الاحتلال، حيث يتذكر الجميع نزول عناصر المرور إلى الشوارع لتنظيم حركة السير، في الوقت الذي لم تكن توجد فيه حكومة ووزارة، ولا حتى قضاء ومحاكم، وطوال السنوات الماضية تعرض عناصر المرور إلى مختلف أشكال الاعتداءات والتجاوزات، بما فيها من قبل جهات حكومية ومسؤولين متنفذين.
ولهذا صار ادخال التكنولوجيا عاملاً مساعداً في ضبط إيقاع الشارع وفق القوانين المعتمدة، يضاف إلى ذلك تعزيز التعامل الإلكتروني مع المؤسسات الحكومة، لأن نظام الغرامات المرورية صار يرتبط بموقع (بوابة أور الإلكترونية)، لغرض أن يتمكن سائق المركبة من معرفة الغرامة المسجلة ضده، وهذا بحد ذاته يشكل انتقالة إلى مرحلة العصر الحديث الذي ننتمي له.