اعترافات الكيان بالهزيمة
مع استمرار الفشل الإسرائيلي أمام عمليات المقاومة الفلسطينية، والإقرار بالعجز أمام مخيم جنين، تتزايد التقديرات الإسرائيلية حول أسباب ودوافع الشبان الفلسطينيين لتنفيذ هذه الهجمات، والعوامل التي جعلت من مخيمات اللاجئين مكانا للمقاومة، رغم ما نفذته ضدها قوات
ضباط إسرائيليون : هكذا تحولت جنين إلى معقل للهجمات ضدنا
مع استمرار الفشل الإسرائيلي أمام عمليات المقاومة الفلسطينية، والإقرار بالعجز أمام مخيم جنين، تتزايد التقديرات الإسرائيلية حول أسباب ودوافع الشبان الفلسطينيين لتنفيذ هذه الهجمات، والعوامل التي جعلت من مخيمات اللاجئين مكانا للمقاومة، رغم ما نفذته ضدها قوات الاحتلال من عمليات استئصال متلاحقة طوال السنوات العشرين الماضية منذ عشرين عاما، إبان تنفيذ عملية "السور الواقي".
ويدور الحديث عن مخيمات للاجئين فلسطينيين تبدو مزدحمة بالسكان، وتنتشر فيها الوطنية، والتحريض على مهاجمة الاحتلال والمستوطنين، لاسيما في ظل الضعف الذي تعانيه السلطة الفلسطينية داخل هذه المخيمات، وهو ما كشفه عدد من كبار الضباط والجنرالات الإسرائيليين في حوارات مطولة مع صحيفة "إسرائيل اليوم".
مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بمركز ديان، والمستشار السابق للشؤون الفلسطينية لمنسق العمليات الحكومية في الأراضي المحتلة، قال إن "مخيم جنين ثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية بعد مخيم بلاطة في نابلس، تم إنشاؤه في 1953، مع مرور الوقت هيمن على مر السنين، خاصة مع ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية في المنطقة، أمام القيادة الميدانية المتصاعدة داخل المخيم".
أما الجنرال يوسي كوبرفاسر الرئيس السابق لقسم الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية-أمان، قال إن "مخيم جنين بيئة قاسية، ويمتد قوته من الشيخ عز الدين القسام في 1932، الذي أطلقت حماس اسمه على جناحها العسكري، كتائب القسام، مرورا باستشهاد 27 جنديا عراقيا في حرب 1948، وصولا إلى عملية السور الواقي في 2002، وما شهدته من معركة دامية، فقد فيها الجيش الإسرائيلي 50 من مقاتليه، وأجبر على التراجع أمام المقاومين الفلسطينيين".
وكوبي ميخائيل رئيس الشعبة الفلسطينية في معهد الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ذكر أن "سيطرة السلطة الفلسطينية على جنين شبه معدومة، ليس فقط بسبب ضعفها، ولكن أيضا لأن المناطق النائية في مدينتي الخليل وجنين تدار بشكل أكثر استقلالية، وبالتالي، فإن مظاهر الحكم فيها رخوة، بالعكس فإن مخيم جنين الآن تغذي النار، ورفع مستوى الاحتكاك بين الفلسطينيين وقوات الجيش، وبهذه الطريقة يمكن جر الضفة الغربية إلى انتفاضة ثالثة".
بدوره، قال ليئور أكرمان الضابط السابق في جهاز الأمن العام- الشاباك، إن "الخلايا الفلسطينية المسلحة في جنين تبدو منظمة، وهناك نوع من التسلسل الهرمي، بما في ذلك البنية التحتية العسكرية، ومن يحدد كيفية توزيع الأسلحة والميزانيات، على خلايا حماس والجهاد الإسلامي وشهداء الأقصى، مع العلم أن الروابط الأسرية مفيدة أيضا، ويظهر الولاء العشائري في التسلسل الهرمي أكبر من التنظيمي".
وأضاف أن "نقطة التحول لمخيم جنين حصلت في المعركة الشهيرة خلال عملية الدرع الواقي في أبريل 2002، حين استخدم المسلحون البنادق القناصة والكمائن والأفخاخ المتفجرة، ولذلك غالبا ما يصف الفلسطينيون جنين باسم "جينين-غراد" على اسم مدينة ستالينغراد، التي شهدت المعركة وقف الجيش الروسي للألمان في الحرب العالمية الثانية، وباتت تشكل روحا ومعقلا للنضال الفلسطيني".
وتنطلق هذه التقييمات الإسرائيلية لمخيم جنين، وما يشكله من محور مفصلي في عمليات المقاومة، من "اتسامه بهالة أكبر من بقية المخيمات، حتى بات بيئة أكثر ملاءمة لأبطاله، ويتعلم الأطفال فيه عنهم، من خلال رؤية صورهم على الملصقات المعلقة في الشوارع، والقصص التي يسمعونها عنهم في المنازل، وعندما تولد الأجيال الجديدة في مثل هذا الفضاء، فستكون أكثر شجاعة في المقام الأول ضد الاحتلال، والنتيجة أننا أمام جيل لم يحترق وعيه في معركة السور الواقي".
وأضاف أن "إسرائيل تشعر أنها وقعت في فخ، ولو أنهينا هذه الأحداث في جنين خلال أسبوع، فليس من المؤكد أننا سنعود للاستقرار الأمني والنظام الاقتصادي المثالي، وقد نكون أمما اختبار جديد للسور الواقي2، وربما نقترب من ساعة الحقيقة، عندما تفهم القيادة الإسرائيلية أنه من أجل تغيير الواقع، يجب أن تصاب حماس بجروح قاتلة من جهة، ويتم استهداف عش الدبابير في منطقة جنين من جهة أخرى"، بحسب تحريضه.