الدور الوظيفي للكيان الصهيوني في المنطقة
في ظل تحولات السياسة الداخلية في إسرائيل من اليسار إلى اليمين، تحولت ولاءات واستخدامات الكيان من المعسكر الشرقي إلى المعسكر الغربي، حتى صار وكيلاً أمريكياً في المنطقة بعد أن كان وكيلاً سوفيتياً
كتب / سلام عادل
تذكر غولدا مائير في مذكراتها، تفاصيل مهمة عن بدايات تأسيس الكيان، الذي حصل على أول اعتراف به كدولة من قبل الاتحاد السوفيتي، من كون مساعدات الأسلحة كانت تُرسل إلى تل أبيب من قبل ستالين بالدرجة الاساس، باعتبار أن موسكو كانت ترى في الكيان أفضل وسيلة لزعزعة دول الشرق الأوسط، ذات الأنظمة الملكية في الغالب، والمتحالفة مع المعسكر الامبريالي الرأسمالي، الذي يقوده الغرب بالطبع.
وتُعد غولدا مائير، المرأة الوحيدة التي تولت رئاسة الوزراء في إسرائيل، وتولت وزارة الخارجية والداخلية، فضلاً عن عدة دورات في الكينيست، وهي تنتمي لحزب يساري عمالي اشتراكي ظل يتناوب على السلطة في إسرائيل قبل أن يخسرها نهاية السبعينيات لصالح الليكود، وهو حزب ذو توجهات دينية يمينية متطرفة يقوده حالياً (النتن ياهو)، ما أدى إلى تحولات كبرى تركت بصمات قوية على إسرائيل العلمانية، ليحولها إلى إسرائيل التوراتية.
وفي ظل تحولات السياسة الداخلية في إسرائيل من اليسار إلى اليمين، تحولت ولاءات واستخدامات الكيان من المعسكر الشرقي إلى المعسكر الغربي، حتى صار وكيلاً أمريكياً في المنطقة بعد أن كان وكيلاً سوفيتياً، وهي لحظة فارقة خلال فترة الحرب الباردة يذكرها باهتمام مفكر السياسة الامريكية هنري كيسنجر، لدرجة أنه قال في اعترافاته "إن أمريكا لو لم تجد إسرائيل لخلقت إسرائيل اخرى".
ولهذا بدت إسرائيل وسط صراع الأقطاب مجرد وسيلة ابتزاز دولية، وهي الوظيفة الوحيدة التي أتاحت لها البقاء طوال 75 سنة، والا ما معنى أن يبقى الكيان في حالة دولة غير معترف بها بشكل كامل، او دولة بلا حدود واضحة وسط محيط كاره لها يرفض تسويات التطبيع، بل والأكثر من ذلك تحول الحلم بوطن قومي لليهود إلى كابوس طارد لليهود على خلفية الأحداث الأخيرة.
ولا شك من كون الدولة اليهودية بالأساس كانت مشروعاً لتنظيف أوروبا من اليهود، خطط لها دهاة السياسة في لندن وباريس، باعتبار (اليهود)، في وسط أوروبا المسيحية، طالما كانوا جماعة منبوذة ومحل طرد، ولعل الادبيات السياسية الاوروبية بهذا الخصوص غزيرة بالعديد من الطروحات، التي ناقشت وجود اليهود تحت عنوان (المشكلة اليهودية)، إلى جانب ثلاث مشاكل اخرى من بينها المشكلة الأيرلندية ومشكلة البلقان والمشكلة العثمانية.
وعليه سيبقى الكيان مجرد مشروع ما دون الدولة، ومجرد منطقة تسويات دولية لن تشهد استقراراً وأمناً وسلاماً، وتكفي الأوضاع الحالية كمؤشرات على ذلك، حيث اصبح الكيان طارداً لليهود بعد ان كان جاذباً، وصارت جرائمه المرتكبة بحق الشعبين الفلسطيني واللبناني عبئاً على المجتمع الدولي، في الوقت نفسه صارت عاصمة الكيان عبارة من مكبّ صواريخ ليلاً ونهاراً فرض على السكان قضاء اغلب الاوقات في الملاجئ.
#شبكة_انفو_بلس