الهروب من أربيل إلى واشنطن
يبدو من الواضح أن رئيس حكومة تصريف الأمور اليومية في الإقليم، يسعى من خلال سفرته إلى واشنطن، للتهرب من مواجهة انقلاب الشارع السياسي في الإقليم ضده، وتحديداً جراء المتغيرات البارزة في اتجاهات المواطنين الأكراد مؤخراً، والتي بدأت بوصلتهم تتجه نحو بغداد.
كتب / سلام عادل
يظهر مسرور بارزاني منذ أيام وكأنه (طالب لجوء) سياسي في واشنطن، نظراً لملامح التوسلات التي ظهرت على وجهه خلال جولته في العاصمة الأمريكية، وهي رحلة تتم بالتوازي مع الاستدعاء لمحكمة مقاطعة كولومبيا، والتي ينبغي على البارزاني الابن المثول أمامها في غضون الأيام القادمة، على خلفية 25 دعوى قضائية رفعتها منظمة مجتمع مدني كردي تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان وفساد واستخدام السلطة بصورة تعسفية ..الخ.
ويبدو من الواضح أن رئيس حكومة تصريف الأمور اليومية في الإقليم، يسعى من خلال سفرته إلى واشنطن، للتهرب من مواجهة انقلاب الشارع السياسي في الإقليم ضده، وتحديداً جراء المتغيرات البارزة في اتجاهات المواطنين الأكراد مؤخراً، والتي بدأت بوصلتهم تتجه نحو بغداد، في الوقت الذي تتجه فيه بوصلة رئيس حكومة الإقليم إلى واشنطن، وهي تحولات لافتة للنظر بعد مرور 20 سنة على التجربة الفيدرالية، سبقتها 13 سنة من الحكم الذاتي بعيداً عن بغداد.
ولعل من السذاجة حين يعتقد مسرور البارزاني أن التشكّي أمام الأمريكان، في هذه الأوقات، مع إراقة دموع التماسيح، قد يُجدي نفعاً وتأثيراً في ظل انشغال الإدارة الأمريكية بملف الانتخابات، أو حتى انشغال العواصم بملف غزة، خصوصاً أن البارزاني يريد من البيت الأبيض الانحياز لمصالح الحزب الديمقراطي الكردستاني على حساب مصالح عموم موظفي ومتقاعدي إقليم كردستان، بلحاظ أن مصالح البارزانيين تتطلب ليَّ قرارات المحكمة الاتحادية العليا، التي تعتبر أحد أهم ركائز النظام العراقي الجديد الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية.
وكانت منصات إعلامية، تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، قد ضخّت على مدار الأيام الماضية مجموعة أخبار وصور لمسرور البارزاني، يُراد منها تسويق فكرة واحدة للرأي العام العراقي، توحي وكأن الأبواب مفتوحة أمام جميع أشكال طلبات أربيل، وأن واشنطن على استعداد لتلبيتها، في حين تجنّبت هذه المنصات الممولة من الحزب الديمقراطي إظهار الوجه الآخر المتمثل بتظاهرات الاحتجاج في السليمانية، أو احتجاجات النشطاء الأكراد التي حاصرت مقر إقامة بارزاني في العاصمة الأمريكية.
ولم تُبدِ الإدارة الامريكي، بتصريح رسمي أو غير ذلك، أي استعداد لتلبية طلبات البارزاني، سواء ما يتعلق بإيقاف توطين رواتب موظفي الإقليم لدى المصارف الاتحادية، أو ما يتعلق بصيغة تفاهم سياسي يتعلق بمستقبل العلاقات مع الإقليم بمعزل عن بغداد، باعتبار أن واشنطن تدرك تماماً أن أزمات الحزب الديمقراطي الكردستاني هي أزمات داخل الإقليم بالدرجة الأساس ولا تتعلق ببغداد أو ببقية المكونات العراقية.
وفي الختام .. باتت التجربة الفيدرالية تأكل نفسها تحت الاستبداد البارزاني، بعد أن صار رصيد الحزب الديمقراطي الكردستاني يتراجع شعبياً في محافظات الإقليم الثلاث يوماً بعد آخر، وصارت أزماته مع مؤسسات السلطة الاتحادية والقوى السياسية تتفاقم، وهي جميعها مؤشرات تكفي للخروج بمعطيات عن كون الحزب قد فشل في كافة السياسات التي اعتمدها، ولم يعد يحصد غير النتائج السلبية.
#شبكة_انفو_بلس