بدعة التوافق على مرشح واحد لرئاسة البرلمان
لا ندري كيف قبلت قوى الاطار التنسيقي الذهاب باتجاه بعيد عن الديمقراطية، بل والأخطر من ذلك محاكاة نسق البعثيين، حين كانوا يدخلون في انتخابات ليس فيها غير مرشح واحد، وهو عادةً يكون صدام حسين
كتب / سلام عادل
ختمت السلطة التشريعية العراقية شهرها الثامن من دون رئيس شرعي منتخب لإدارة أعمال مجلس النواب، وسط حجج مختلفة الذرائع يديرها من الكواليس محمد الحلبوسي، الذي تمت إقالته من المجلس وخلعه من الرئاسة على خلفية جريمة (تزوير)، والتي تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف وفق القوانين النافذة، الأمر الذي يفرض عزل الحلبوسي تماماً عن أي دور وظيفي بحسابات العمل السياسي.
وكان الحلبوسي نفسه قد حصل على منصب رئيس البرلمان في ولايته الاولى عقب انتخابات عام 2018، بعد أن دخل في منافسة مع مرشحين من المكون السُني، كانوا في الجولة الاولى 7 مرشحين، ثم صارت المنافسة في الجولة الثانية بين الحلبوسي وخالد العبيدي، وتكررت هذه الحالة مع ولاية الحلبوسي الثانية عقب انتخابات عام 2021، والتي تنافس فيها الحلبوسي مع محمود المشهداني.
ومثلما شهدت انتخابات رئاسة البرلمان منافسة بين أكثر من مرشح، كذلك شهدت انتخابات رئاسة الجمهورية منافسة بين أكثر من مرشح، على رأسهم عبد اللطيف رشيد وبرهم صالح، إلى جانب 33 مرشحاً جرى السماح لهم من بين 59 شخصاً، وذلك حين تم استبعاد 26 لأسباب تتعلق بعدم توفر الشروط، سواء شرط الخبرة السياسية او الشهادة الجامعية، او حين لا يكون المرشح "حسن السمعة"، مثلما حصل حين تم استبعاد هوشيار زيباري على خلفية ضلوعه بالفساد.
ولا ندري كيف قبلت قوى الاطار التنسيقي الذهاب باتجاه بعيد عن الديمقراطية، بل والأخطر من ذلك محاكاة نسق البعثيين، حين كانوا يدخلون في انتخابات ليس فيها غير مرشح واحد، وهو عادةً يكون صدام حسين، مما سيجعل النظام السياسي العراقي ما بعد 2003 يدخل في مرحلة الاقتراب من الاستبداد، وذلك في ظل عرقلة انعقاد جولة انتخابية ثالثة، او حتى رابعة وخامسة، لحين الوصول للحد الكافي من الأصوات، التي تتيح صعود رئيس جديد للبرلمان.
وبالتالي تتجه أصابع الإدانة إلى المكون الشيعي أكثر من أي مكون آخر، لكونه ابتكر بدعة المرشح الواحد، ولكون هذا الحال سيُبقي البرلمان بحالة الشلل المستمرة منذ أشهر، والتي لم يعد لها أي مبرر غير التواطؤ مع رغبات طرف فشل أخلاقياً في أن يمارس دوره السياسي بشرف، ومن دون تزوير وفساد، إلى جانب العديد من الملاحظات المدونة في سيرته، من بينها التخابر مع لوبيات صهيونية، والتخادم في مخططات كادت أن تجر البلاد في عام 2021 إلى اقتتال شيعي - شيعي.
ومن هنا يتطلب الذهاب نحو جولة انتخابية ثالثة لاختيار رئيس جديد للبرلمان، بإرادة النواب المنتخبين، تكون مكمّلة للجولة الانتخابية الثانية، التي تنافس فيها سالم العيساوي ومحمود المشهداني وطلال الزوبعي وعامر عبد الجبار، وهو المسار القانوني والدستوري السليم، الذي يدعم قواعد العملية الديمقراطية، ويحفظ للبلاد مؤسساتها الأساسية من العبث والمصالح الشخصية، ويديم حالة الاستقرار السياسي والامني وفق مبدأ الشراكة والتوازن.
#شبكة_انفو_بلس