حين تسلب أمريكا حصانة النائب العراقي
يتمتع جميع النواب العراقيين بحصانة قانونية داخل العراق، وأخرى دبلوماسية خارج بلدهم، تتيح لهم الحماية بحسب العديد من المعاهدات والبروتوكولات الدولية، ولا يمكن سلبها إلا عبر إجراءات قضائية محددة ومحدودة.
كتب / سلام عادل
أصدرت الخزانة الأمريكية، وهي ليست محكمة أو جهة قضائية، وإنما وزارة حكومية مسؤولة عن المالية الفدرالية للولايات المتحدة، أصدرت فرماناً يقضي بإدراج نائب عن الشعب في البرلمان العراقي على لائحة عقوبات مقيدة لحرية تصرفه المالي، وهي حالة تكررت مع العديد من الأشخاص، من بينهم مسؤولون في السلطة التنفيذية العراقية والأجهزة الأمنية الرسمية، إلا أنها هذه المرة استهدفت شخصاً يمتلك حصانة محلية ودولية.
ويتمتع جميع النواب العراقيين بحصانة قانونية داخل العراق، وأخرى دبلوماسية خارج بلدهم، تتيح لهم الحماية بحسب العديد من المعاهدات والبروتوكولات الدولية، ولا يمكن سلبها إلا عبر إجراءات قضائية محددة ومحدودة، وتأكيداً لحالة الحصانة هذه يتم منح النواب وعائلاتهم جوازات سفر دبلوماسية مستثناة من تأشيرات الدخول للعديد من الدول، فضلاً عن ضمان حرية التعبير والتنقل واعتناق المعتقدات وتبني الأفكار والاتجاهات السياسية وتمثيلها.
ومن هنا تُعد إجراءات الخزانة الامريكية بمثابة استهتار دولي لا مثيل له، على الأقل لكونها صدرت بمعزل عن مقتضيات العدالة والمسارات القضائية، من ناحية كون العقوبات حين تصدر، أيّاً كان شكلها ونوعها والجهة المستهدفة بها، ينبغي أن يرافقها حق الدفاع عن النفس، ومواجهات شفافة بالأدلة التي من خلالها يتم إثبات الاتهامات، ولا يكفي أن يكون الاختلاف السياسي إطاراً للحكم على آخرين ومصادرة حقوقهم الإنسانية والمدنية.
وبالتالي يتطلب من البرلمان العراقي، الذي يعتبر عضواً في اتحاد البرلمانات العالمي، ما يمنحه كافة أشكال الحقوق المنصوص عليها في العهدين الدوليين والمسنودة بإرادة الناخب العراقي والمواد الدستورية لجمهورية العراق، أن يبادر الى حماية كيانه من أي تعرضات وتجاوزات، من خلال السعي إلى استحصال إدانة دولية مشفوعة بإدانة حكومية عراقية تفرض على وزارة الخارجية استدعاء سفيرة واشنطن في بغداد، على أن يترتب على هذا الاستدعاء تمزيق فرمان الخزانة.
ولعل من المناسب الإشارة إلى أن الحياة الديمقراطية في البلاد تسمح لأصحاب جميع التوجهات السياسية العمل بفاعلية وحرية، بغض النظر عما إذا كانت توجهات بعض القوى والأحزاب، مثل حركة حقوق التي يترأسها النائب حسين مؤنس، تتعارض أو تتفق مع السياسة الامريكية الخارجية، أو مصالحها في المنطقة، وهو ما يعني بالضرورة عدم سكوت النواب عن أي تحركات تحد من حريتهم وقناعتهم، وإلا لن تكون هناك قيمة بعد اليوم لوجود 329 نائباً، ولا حتى قيمة لوجود مجلس نواب أصلاً.
#شبكة_انفو_بلس