حين قلبت إيران معادلة الحزن إلى تمكين
كشف التضامن الدولي مع طهران مدى العمل الدؤوب للدبلوماسية الإيرانية في تعطيل ماكنة العزل، التي تحركها الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من أربعين سنة
كتب / سلام عادل
يتابع العالم منذ عدة أيام ما يجري في الجمهورية الإسلامية الإيرانية على خلفية الحادث الأليم، الذي تعرضت له الطائرة المروحية، التي كان يتنقل بها رئيس البلاد ووزير خارجيته مع قيادات وظيفية وروحية مؤثرة، كانوا جميعاً في رحلة عمل تتعلق بمشاريع بنى تحتية كبرى على الحدود مع جمهورية أذربيجان، ما تسبب بوفاتهم جميعاً وولّد حالة من الحزن والحداد العام انضمت له دول مجاورة في المنطقة.
وكشف التضامن الدولي مع طهران مدى العمل الدؤوب للدبلوماسية الإيرانية في تعطيل ماكنة العزل، التي تحركها الولايات المتحدة الأمريكية منذ اكثر من أربعين سنة دون أن تنجح في حصار ايران وجعلها دولة بلا أصدقاء وحلفاء، وقد قدم توافد الوفود الرسمية للمشاركة في مراسم تحية الجثامين معطيات واضحة على ذلك.
واللافت في كل ما جرى على مدار الايام هو التفاعل الشعبي الواسع، والذي ليس له مثيل، من ناحية تماسك المواطنين والتفافهم حول مركزية القيادة العليا في ايران، والمتمثلة بالسيد علي الخامنئي، باعتباره يمثل الإمامة، وهي ما فوق المراتب والوظائف الإدارية والسياسية، وهي جوهر نظرية ولاية الفقيه، التي تطبقها ايران وتتميز بها.
ولعل وجود (الولي الفقيه)، في تراتبية الحكم، وفّر اطمئناناً في تسيير شؤون البلاد على النحو الذي لا يتسبب بأي فراغ قيادي، ودون الخشية او حتى القلق من حصول أي دربكة تربك الحسابات، مع كون الدولة فقدت رئيسها ووزير خارجيتها في لحظة واحدة،، وهو بفضل وجود صمام أمان (المرشد) الذي يبقى ماسكاً لكل المفاصل وحامياً للدستور وتطبيقاته في اكثر الاوقات صعوبة.
وتبقى ملامح البساطة والنزاهة في الحياة الشخصية لقادة ايران، والتي جرى الكشف عنها وإظهارها للعالم، معطيات اخرى على البناء الروحي والأخلاقي الذي تركته العملية التربوية في إعداد رجال الدولة، الذين من بينهم رئيس جمهورية ووزير خارجية، حيث تبين بعد أن رحلوا أنهم بلا أملاك وممتلكات، ولن تلاحقهم او تُسجَّل عليهم أي ملاحظات او مؤشرات فساد وتربُّح من المنصب.
ولهذا تبدو ايران قد قلبت حالة الحزن، الذي مرت به خلال الايام القليلة الماضية، إلى معادلة تمكين منحت النظام قوة أضافية لترسيخ نفسه وتوسعة دائرة فكره، وهي ايام قد أطاحت بمخططات عمرها أربعين سنة كانت تستهدف اضعاف الجمهورية الاسلامية ومحاصرة نظامها وعزله دولياً.