دموع تجارية على (يونامي)
مع كون بعثة يونامي كان الغرض منها تنسيق الجهود الإنسانية في العراق بشكل مؤقت، لكنها تحولت إلى سلطة دولية موازية، وأحياناً بوابة لتمويل كيانات خارج الرقابة تعمل لأغراض ربحية
كتب / سلام عادل
نشر فخري كريم مقالة في مرتين خلال أسبوع واحد عن نهاية بعثة الأمم المتحدة في العراق، والتي تُعرف اختصاراً باسم (يونامي)، وفخري كريم هو صاحب مؤسسة المدى للثقافة والفنون والإعلام، والذي يعتقد بنفسه سادناً للثقافة العراقية، لكنه بدل أن يشيد بالاتفاق، الذي يفضي إلى نهاية عمل البعثة الأممية ومغادرتها بغداد، صار ينعى الديمقراطية والتعددية في البلاد، لكون البعثة باعتقاده كانت حارساً على تطبيقاتهما.
وقد أعلنت الحكومة العراقية عن التوصل لاتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة على إنهاء عمل البعثة مع نهاية عام 2025، بعد أن باشرت العمل رسمياً في 2003 بناءً على قرار مجلس الأمن رقم 1500، الذي صوتت عليه 14 دولة يشكلون اعضاء المجلس الدائمين وغير الدائمين في حينها، باستثناء سوريا، التي عارضت القرار باعتبار ذلك يمثل انعكاسا لرأي الدول العربية الرافضة لاحتلال العراق.
ومع كون بعثة يونامي كان الغرض منها تنسيق الجهود الإنسانية في العراق بشكل مؤقت، لكنها تحولت إلى سلطة دولية موازية، واحياناً بوابة لتمويل كيانات خارج الرقابة تعمل لأغراض ربحية، من بينها مؤسسة المدى لصاحبها فخري كريم، والذي لطالما تمتعت مؤسسته بعلاقات خاصة مع المبعوثين، حصلت بموجبها على تمويل ودعم تحت غطاء تنفيذ مشاريع تتعلق بتنمية الموارد البشرية وتطوير قطاع الإعلام، وتعزيز الثقافة وتطوير الفنون وتنظيم الندوات والورش.
وتناوب على رئاسة بعثة يونامي سبعة اشخاص، كان أولهم البرازيلي سيرجيو دي ميلو، الذي استُشهد في حادث تفجير إرهابي من تدبير تنظيم القاعدة، وهو شخصية حظيت باحترام مرجعية السيستاني وأوساط الوطنيين العراقيين، لكونه قاد البعثة في ظروف صعبة بمواجهة سلطة الحاكم المدني بول بريمر، الذي عينه الامريكان حاكما مطلق الصلاحيات على العراق.
وبما أن الهولندية جنين بلاسخارت تعتبر آخر مبعوث من بين السبعة، إلا أن عامها الأخير لم يكد ينتهي حتى لاحقتها الصحف العالمية بفضائح مدوية، وعلى رأس هذه الصحف، الغارديان البريطانية، حيث نشرت قصة فساد في عقود برنامج الأمم المتحدة أبطالها الموظفون الدوليون، قد تعتبر بلاسخارت متورطة معهم، خصوصاً بعد أن أجرت الصحيفة مع أكثر من عشرين موظفاً من الحاليين والسابقين في المنظمة الدولية، مع مقاولين ومسؤولين عراقيين وغربيين، تشير إلى أن الأمم المتحدة غذّت صفقات رشوة وكوميشنات استفادت منها اطراف متعددة.
ومن هنا يبدو الحزن على مغادرة (يونامي)، ونهاية زمن بلاسخارت، يصدر بدافع المصالح التجارية، من جنس مصالح فخري كريم الذي صار يبكي عليها هذه الأيام، والتي تتحرك تحت يافطة العمل والشراكة والتنمية وتطوير المهارات، او تعزيز الديمقراطية والتعددية، وهي مصالح ضيقة لا تأخذ بعين الاعتبار المصالح العليا للدولة، في إطار سعيها للتحرر من الهيمنة الخارجية، وإنهاء حالة التدويل التي خنقت العراق منذ أكثر من ثلاثين سنة.
#شبكة_انفو_بلس