شهيد العراق في يوم القمة العربية

لم يكن أحد يتوقع أن يوم 17/ مايو أيار سيشهد انفجاراً مدوياً تهتز له المنطقة الخضراء بالكامل، ويكون ضحيته رئيس الدولة، الذي يعتزم المشاركة في القمة العربية
كتب / سلام عادل
تمر علينا يوم السبت الذكرى 21 على استشهاد رئيس مجلس الحكم الانتقالي الشهيد عز الدين سليم (رحمه الله)، وهو بمثابة رئيس الدولة آنذاك، والذي استشهد في عملية إرهابية عام 2004، وقعت أحداثها أمام بوابات المنطقة الخضراء أثناء وصوله لممارسة عمله اليومي في المبنى المخصص للمجلس، والذي صار فيما بعد مكتب رئيس الوزراء بجوار الأمانة العامة.
ولم يكن أحد يتوقع أن يوم 17/ مايو أيار سيشهد انفجاراً مدوياً تهتز له المنطقة الخضراء بالكامل، ويكون ضحيته رئيس الدولة، الذي يعتزم المشاركة في القمة العربية، والتي كان من المقرر انعقادها في تونس بعد يومين من الحادث، ويكون العراق الجديد مشاركاً فيها بعد سنوات من الأزمات جراء حكم صدام حسين، وما ترتب عليه من قطيعة دولية وحصار ظالم وتوترات قادت إلى احتلال العراق بالكامل.
ويتزامن مع هذه الذكرى المؤلمة انعقاد قمة عربية جديدة في بغداد، يتم بموجبها تفويض العراق الرئاسة الدورية لجامعة الدول العربية لمدة عام، ربما سيكون سهلاً، او ربما يكون من أكثر الأعوام تعقيداً، بلحاظ المتغيرات المتسارعة في الشرق الأوسط على الخريطة السورية واللبنانية، وما يتعلق بالصراع العربي مع الكيان الصهيوني، الذي صار يتمدد أكثر مما ينبغي، وهو ما يهدد القضية الفلسطينية الملتهبة.
ويعتبر منصب رئيس مجلس الحكم آنذاك بمثابة رئيس الدولة، لذا تعتبر حادثة استشهاد عز الدين سليم عملية اغتيال لرئيس الدولة العراقية الجديدة، تحت حكم نظام ديمقراطي تعددي فيدرالي، سيما وأن الاغتيال تم بفعل مباشر من قبل أولى الجماعات الإرهابية التي ظهرت في العراق بعد كسر الحدود من قبل الامريكان، وهي جماعة التوحيد والجهاد المرتبطة بتنظيم القاعدة.
واستشهد مع أبو ياسين في تلك الحادثة، التي وقعت أحداثها في الساعات الأولى من الدوام الرسمي مجموعة من حماية أبو ياسين، بلغ عددهم أربعة أشخاص، مع ابن شقيق عز الدين سليم وهو ابن لشهيد معدوم من قبل (النظام السابق)، علاوة على صديق عز الدين سليم ورفيق دربه النضالي والجهادي.
وقد تناوب على رئاسة مجلس الحكم في حينها 12 شخصية سياسية عراقية من بين 25 شخصاً كانوا أعضاء في المجلس، لم يتعرض منهم أي أحد للأذى او الاغتيال باستثناء عز الدين سليم، وما زال بعضهم يمارس العمل السياسي كزعيم لحزبه، فيما اعتزل آخرون، ومات البعض الآخر موتاً طبيعياً أو جراء المرض.
ولم تبادر الحكومات العراقية المتعاقبة خلال الـ21 سنة الماضية الى استذكار (عز الدين سليم)، بالنحو الذي يليق به، على الاقل باعتباره رئيساً للدولة في النظام العراقي الجديد، او باعتباره شخصية وطنية لطالما جاهد وناضل ضد الدكتاتورية منذ نهاية السبعينيات وحتى لحظة استشهاده.
ولعل هذا التغييب المقصود تقف خلفه الكثير من الاسباب والمسببات، قد يكون من ابرزها، بحسب وجهة نظري، هي السيرة الناصعة لعز الدين سليم ومواقفه المشرفة، التي لطالما عجز عن الوصول اليها من يدعون أنفسهم زعماء وقادة هذه الايام، خصوصاً مواقفه في فترة المعارضة، وحتى فترة المواجهة مع الامريكان بعد سقوط صدام.
وهنا أذكر للشهيد عز الدين سليم موقفين :
الأول / أثناء فترة المعارضة، حين كان فيها (أبو ياسين) دائم الاعتراض على الغزو الامريكي للعراق، لدرجة أنه كان يصرخ في وجه أركان المعارضة في اربيل قبل انعقاد اجتماعات لجنة التنسيق والمتابعة، التي تمخضت عن مؤتمر لندن للمعارضة، حيث كان أبو ياسين يرفض تولي (زلماي خليل زاده) مقاليد إدارة مؤتمرات المعارضة.
الثاني / أثناء فترة مجلس الحكم، حين كان فيها عز الدين سليم يدخل في مواجهات مع (بريمر) وقراراته، التي صارت تُفرض بقوة الاحتلال على الدولة العراقية.
ومن هنا ربما يعتبر الثنائي (بريمر + زلماي) أحد أكثر المستفيدين من رحيل عز الدين سليم، والاثنان في ذلك الوقت كانا يمثلان السلطة الامريكي بشكلها المدني والعسكري والاستخباري، وهي السلطة، التي لطالما انزعجت من الاصوات الوطنية، او السلطة، التي أرادت عراقاً ممزقاً فاسداً وضعيفاً تتم قيادته من قبل الاتباع المطيعين فقط.
وعموماً .. بعد سنوات اتضح أن تغييب المواقف الوطنية وسيرة الوطنيين القادة في العراق الجديد أمر مقصود لأغراض تتعلق بسيادة الاحتلال ومعه التفاهة والعمالة والفساد، ولعلنا نتدارك ذلك في يوم انعقاد قمة العرب في بغداد، من ناحية أن يتم استذكار شهيد العراق الجديد رئيس مجلس الحكم عز الدين سليم (أبو ياسين)، وتسمية قمة بغداد يوم 17/أيار/ 2025 بقمة الشهيد عز الدين سليم.