طيارون ولا طيران
(أنا طيّار مدني، درستُ في عمّان على نفقتي الخاصة، كلّفتني الدراسة مبلغاً قدره "مئة وخمسون ألف دولار". أين التعيين؟ يجب على الخطوط العراقية أن تنظر في أمرنا) كان هذا نداء ومناشدة متظاهر خرج في ساحة التحرير يطالب الدولة بتعيينه ضمن كادر الطيران العراقي.
(أنا طيّار مدني، درستُ في عمّان على نفقتي الخاصة، كلّفتني الدراسة مبلغاً قدره "مئة وخمسون ألف دولار". أين التعيين؟ يجب على الخطوط العراقية أن تنظر في أمرنا) كان هذا نداء ومناشدة متظاهر خرج في ساحة التحرير يطالب الدولة بتعيينه ضمن كادر الطيران العراقي.
هناك من يرى وجوب تعيين كل الخريجين بمن فيهم حملة الشهادات من الخارج وإلا فهي حكومة مقصّرة وفاسدة، وهناك من يرى أن كل مظاهرة يجب أن تلبّي الحكومة مطالبها وإلا فهي حكومة مقصّرة وفاسدة. الواقع أن هذه الرؤية قاصرة مجحفة لا تنمّ عن معرفة بالاقتصاد ونُظُم العمل سواء في العراق والعالم، فليس هناك ما يلزم أي حكومة في العالم بتعيين الخريجين كلهم مهما كان عددهم قليلاً أو محدوداً لأن ذلك يكون بحسب الحاجة ومقترح وزارة التخطيط أو المؤسسة التي ترى أنها بحاجة إلى كوادر، فما بالك بالعراق الذي يشهد كل عام جيشاً من الخريجين؟
صاحبنا الذي أنفق مبلغاً يحلم به أكثر من نصف العراقيين والذي يكفي لشراء بيت وسط العاصمة بغداد أو يمكنه فتح مشروع تجاري جيد أو شراء عشر سيارات حديثة، يطالب الحكومة بالتعيين دون أن يسأل: هل الخطوط الجوية العراقية بحاجة لمزيد من الطيارين؟ كل من يسافر عبر مطار بغداد الدولي يجد أنه من أقل المطارات في العالم نشاطاً، ولعل من الممكن القول إنه لولا مواسم الزيارات والحج والعلاج في الخارج لما زادت حاجة العراق عن طائرتين طول السنة، فلماذا عليها تعيين شاب وجد في نفسه القدرة على الالتحاق بأكاديمية خارج العراق ليصير طياراً بقرار من ذاته؟
لا نريد هنا أن نستهدف الكابتن الخريج، بل نتمنى له ولكل الشباب التوفيق والنجاح والظفر بأحسن الفرص، لكن هذا الأمر تعدى ليصبح ظاهرة وهي عدم الاكتراث والتفكير بشيء سوى التعيين الحكومي حتى ولو علم أنه سيكون عالة وفائضاً فوق حاجة الدولة.
#شبكة_انفو_بلس