عن (الهيمنة السلبية) لأمريكا في العراق
لطالما صدَّع رؤوسنا دُعاة الموجة الأمريكية بضرورة أن يكون العراق ضمن قائمة أصدقاء واشنطن، مثل اليابان وألمانيا، وأن يستفيد من الاحتلال باعتباره هيمنة إيجابية
كتب / سلام عادل
مازالت واشنطن تعتبر العراق صديقاً غير موثوق به، ولهذا هي تتعامل معه باعتباره منطقة تهدد الأمن القومي الأمريكي، وما يؤكد ذلك أدبيات الخطاب الأمريكي الغارق بالاتهامات، حتى صارت الوفود العراقية التي تزور البيت الأبيض دائما تخرج ممتعضة، بل وتتذمر من الادارة الأمريكية، لكون واشنطن لا يشغل بالها في الحديث مع بغداد غير مواضيع ايران وأزمات إسرائيل.
وكان وفد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني آخر الوفود التي سمعت هذا النوع من الكلام، وشاهد العالم عبر الشاشات ما دار من حديث في المكتب البيضاوي بين السوداني وبايدن، على الرغم من كون اللقاء كان ينبغي أن يدشن مرحلة جديدة من التفاهمات، كانت السفيرة الأمريكية - اليهودية في بغداد تشير لها باعتبارها تؤسّس لشراكة أمريكية عراقية مستدامة.
ولطالما صدَّع رؤوسنا دُعاة الموجة الأمريكية بضرورة أن يكون العراق ضمن قائمة أصدقاء واشنطن، مثل اليابان وألمانيا، وأن يستفيد من الاحتلال باعتباره (هيمنة إيجابية)، ستفتح باب الفرص الاستثمارية وتقود إلى التنمية والتطور، لكن العراق مازال على قائمة الانتظار منذ 20 سنة يترقب استنساخ (خطة مارشال)، أو أي شراكة حقيقية لها قيمة في مجال الصناعة والزراعة.
وحتى هذه اللحظة ليس في ذاكرة العراقيين عن أمريكا غير الخراب والخيبات والحرب والحصار، وحتى بعد نهاية احتلالها العسكري بقيت لها سفارة على شكل قاعدة مُحاطة بالقطع الكونكريتية العملاقة، فضلاً عن قواعد عسكرية أخرى في الشمال والغرب من البلاد مخصصة لدعم بؤر التوتر وخطط عدم الاستقرار في الداخل العراقي وفي عموم دول المنطقة.
وقد نستغرب حين لا نجد نسباً او ارقاماً تكشف حجم التبادل التجاري بين العراق والولايات المتحدة، وذلك لضحالة هذا التبادل مقارنة بما يجري بين العراق والصين، او حتى العراق وتركيا، وهي مؤشرات واضحة وفاضحة لطبيعة العلاقة الفقيرة بين بغداد وواشنطن، التي لم يتمخض عنها بعد 20 سنة غير مطعم دجاج قلي (كنتاكي)، والذي يعتبر من أسوأ أنواع المأكولات صحياً.
ولعل قيام الرئيس الأمريكية بتجديد الأمر التنفيذي السنوي (رقم 13303)، للمرة 21، والذي بموجبه سيبقي العراق في حالة الطوارئ لسنة أخرى مع وضع اليد على الأصول المالية السيادية، إنما هي حالة تكشف الرغبة بإبقاء العراق معزولاً عن حركة التجارة والاستثمارات العالمية، وهو ما يمثل حال (الهيمنة السلبية) بأقصى حالاتها، ويطيح بكل مراحل المفاوضات التي قد تقود لتصحيح العلاقة المشوّهة.
#شبكة_انفو_بلس