كربلاء مدينة عالمية
من الملاحظ هذا العام تحديداً كثرة تواجد زائرين من جنسيات متعددة في كربلاء، وبمواعيد استبقت توقيتات الشعائر والطقوس، وكان تواجدهم على شكل جماعات وعوائل، من الخليج العربي والمغرب وحتى أفريقيا، ومرورا بدول آسيا وآوروبا
كتب / سلام عادل
في مثل كل عام تقوم العتبات المقدسة بإعلان الأرقام والإحصائيات الخاصة بأعداد الزائرين، الذين يصلون إلى كربلاء خلال الأيام العشرة الأوائل من شهر محرم، ومن بعد الأعداد الخاصة بزيارة الأربعينية، التي تمتد على مدار أكثر من شهر كامل، يتحول خلالها جنوب ووسط العراق إلى طريق يمشي عليه ملايين البشر، وتتوفر فيه جميع أنواع الخدمات الضرورية.
وتتزامن زيارة عاشوراء هذا العام مع أحداث مهمة تشهدها المنطقة، تتمثل باندلاع طوفان الأقصى، الذي أعاد إحياء القضية الفلسطينية على المستوى العالمي، وارتباط ذلك بدور الشيعة، الذين يتبنون مسار المقاومة، وهو نهج حسيني صار يمثل زاوية من زوايا السياسات العالمية، ونرى مظاهره في الجمهورية الإسلامية في إيران، وفي لبنان، واليمن، وسوريا، فضلاً عن العراق.
ومن الملاحظ هذا العام تحديداً كثرة تواجد زائرين من جنسيات متعددة في كربلاء، وبمواعيد استبقت توقيتات الشعائر والطقوس، وكان تواجدهم على شكل جماعات وعوائل، من الخليج العربي والمغرب وحتى أفريقيا، مرورا بدول آسيا وأوروبا، وهو مؤشر على مركزية كربلاء باعتبارها مدينة دينية صارت تستقطب ما يزيد على أي مدينة دينية في العالم.
وكانت العتبات قد اعتادت على استضافة شخصيات ومنظمات أجنبية من أوروبا وأمريكا، بما فيها مراكز دراسات وجامعات ومؤسسات متخصصة بالبحوث والعلاقات، علاوة على الممثليات الدبلوماسية العاملة في العراق، وهي حالة تتيح فتح طاولة حوار إنساني عابر للحدود المذهبية والدينية ليس لها مثيل، باعتبار أن الطقس العاشورائي ليس مجرد حدث طائفي مغلق ومنغلق على نفسه، وإنما هو قضية عالمية تجسد معنى الصراع بين الخير والشر.
ولذلك تبدو كربلاء عالمية في مثل هذه الأيام، وذلك حين يتوافد لها ملايين الزائرين، من مختلف الجنسيات، بهدف إحياء الطقوس، أو بهدف قراءة معاني الصراع، التي ضحى من أجلها الإمام الحسين بنفسه وبأهل بيته وأصحابه، وهي معاني أخلاقية سامية تتعلق بحرية وكرامة البشر، وترتبط بالعدل والمساواة والحكم الرشيد، لهذا صارت كربلاء تستقطب المزيد في كل عام، ويُنتظر في نهاية الموسم الحالي إعلان إحصائية الزائرين هذا العام، والتي من المتوقع أن تزيد على رقم 22 مليون زائر جرى تسجيلهم العام الماضي.