لمحات من سيرة الطيب
وُلِد سليم سعيد المياحي (أبو محمد الطيب) في واسط عام ستة وخمسين لأبوين مؤمنين في أسرة متواضعة الحال غنية النفس والقلب.عاش فَقْدَ الأمِّ صغيراً فتولّت خالته رعايته وأحاطه والده بالحبّ وحُسن التربية والنشأة
وُلِد سليم سعيد المياحي (أبو محمد الطيب) في واسط عام ستة وخمسين لأبوين مؤمنين في أسرة متواضعة الحال غنية النفس والقلب.عاش فَقْدَ الأمِّ صغيراً فتولّت خالته رعايته وأحاطه والده بالحبّ وحُسن التربية والنشأة، فكان حريصاً على اصطحابه إلى المجالس الحسينية والإيمانية مثلما كان يحرص على ذهابه إلى المدرسة التي تبعد عن بيته مسافه 6 كم، فكان سليم الصغير يقطعها مشياً ذهاباً وعودة إذ لم يتمكن والده من شراء دراجة هوائية له نظراً لضيق الأحوال آنذاك.
اضطر أخيراً لترك الدراسة بعد المرحلة المتوسطة لكي يُعين والده في المعيشة، ثم دخل معهد نواب الضباط وعمل نائب ضابط إدارياً، إلا أن الظروف السياسية أدت إلى اتخاذ منحى آخر لاسيما بعد إعدام قبضة الهدى، ثم انخرط في العمل ضد نظام البعث حتى اضطر للهجرة أواخر عام ثمانين.التحق أبو محمد في صفوف الجهاد منذ انطلاقه في إيران، وشهد تأسيس فيلق بدر وشارك في معظم عملياته وتولى مسؤوليات كثيرة فيه، أبرزها مسؤول الاستخبارات في لواء بدر ثم فرقة بدر، وحمل مسؤولية العمل داخل العراق لاسيما الأهوار، فأبدى براعة كبيرة في عمله وانتقاء كادره والإشراف المباشر على العمل في كل خطوة، ومن أولئك الذين تأثّروا به واستلهموا منه شاب سيغدو لاحقاً قائداً كبيراً يُدعى أبو منتظر المحمداوي، كما كان مسؤول محور واسط إبّان الانتفاضة الشعبانية. عُرف أبو محمد بأمانته وتديُّنه وخلقه وذوّبانه في الجهاد وسعيه لتأسيس الشخصية الحسينية المخلصة في نواياها وأهدافها لجعها الحل الأسمى لعراق ينتظر الخلاص من نظام مجرم وإحلال نظام عادل يحقق الكرامة للإنسان فيه. كما عُرِف أبو محمد بحرصه على المال العام وعدم التهاون فيه باعتباره مالاً مؤتمناً عليه، وكان مشهوداً له بالتواضع وحب الآخرين، يقرأ القرآن بعد طول عمل ويهدي ثواب كل ختمة لأحد الشهداء ويحرص على قراءة الدعاء بصوته الشجيّ العذب ليُضفي إلى نفوس المجاهدين وقلوبهم مسرّات الطمأنينة والسلوى بذكر الله والابتهال إليه.
ترك أبو محمد الكثير من الوصايا والكتابات حول الجهاد وخُلُق المجاهدين وكتباً الكثير من الرسائل في ذلك. كان القائد الشهيد جمال المهندس يعدّ أبا محمد الطيب واحداً من أكثر الناس قُرباً إليه، وهو شأن باقي المجاهدين المخلصين والصادقين منهم الذين حافظوا على مبادئهم حتى نهاية المطاف.
واظب أبو محمد على مسيرة الجهاد حتى بعد زواجه وكان يوصي أم محمد بإعانته في سبيل مشروعه ورعاية أبنائهم زهراء وآمنة ومحمد يكتب إليها رسائل الحريص المُحب كلما تركهم لإتمام إحدى المهام. ساءت حاله النفسية بعد استشهاد رفيقيه أبي ميثم الصادقي وأبي أيوب البصري عام 2002 لكن الغزو الأمريكي للعراق شحّذ همّته لمواجهة العدو الجديد كما كان يُسمّيه، وقد كتب لرفاق السلاح للاستعداد لذلك، إذ كان يرى أن وعود أمريكا للعراقيين ما هي إلا جملة من الأكاذيب وأن الأمور سوف تسير إلى المزيد من السوء، وبعد عودته إلى العراق ولقاء الأهل بعد قرابة ربع قرن أخذ يخطط للمرحلة التالية للجهاد، لكن ذلك من يدُم طويلاً فقد اغتيل وهو يقود سيارته يوم 14 نيسان 2004، وكان أول من دفنه أبو مهدي في المقبرة التي ستصير فردوسه لاحقاً.
في الصورة كلٌّ من أبي محمد الطيب وأبي منتظر المحمداوي
هور الحويزة 1985
#شبكة_انفو_بلس