مرحلة العداء للنظام الديمقراطي في العراق
لا نعرف لماذا تريد بعض القوى السياسية المتنفذة حالياً تحويل (الانتخاب السري المباشر) من اجل انتخاب رئيس جديد للبرلمان إلى (اتفاق علني)، وهو الأمر الذي يقود إلى ضرب جوهر الديمقراطية، بل ويمثل أحد أشكال الاحتيال الانتخابي المعيب
كتب / سلام عادل
رسم الدستور العراقي خارطة واضحة لكيفية انتخاب الرئاسات الثلاث، كل رئيس سلطة يختلف عن الآخر، ويتمثل ذلك بانتخاب رئيس الجمهورية، والذي يشترط فيه تحقق نصاب الثلثين داخل البرلمان، ومن بعد رئيس مجلس الوزراء، والذي ينبغي ترشيحه من قبل الكتلة النيابية الأكبر تمهيداً للتصويت على تكليفه، وقبلهم جميعاً ينبغي انتخاب رئيس مجلس النواب بمجرد المصادقة على نتائج الانتخابات.
وتتم عملية انتخاب رئيس البرلمان عبر مراحل بسيطة ليس فيها أي تعقيد، تبدأ من حق الترشح لأي نائب منتخب لهذا المنصب السيادي، وصولاً إلى غلق باب الترشيح، ومن ثم الاقتراع السري وفرز الأصوات، ومن بعد إعلان الفائز وتنصيبه شريطة أن يحصل على (النصف +1)، حتى لو تطلب الذهاب إلى أكثر من جولة انتخابية تتيح تفوق مرشح واحد، وهي آلية مثبتة في الدستور والنظام الداخلي بكل وضوح.
ولا نعرف لماذا تريد بعض القوى السياسية المتنفذة حالياً تحويل (الانتخاب السري المباشر) من أجل انتخاب رئيس جديد للبرلمان إلى (اتفاق علني)، وهو الأمر الذي يقود إلى ضرب جوهر الديمقراطية، بل ويمثل أحد أشكال الاحتيال الانتخابي المعيب، الذي ينبغي ملاحقته وتجريمه، باعتباره يستهدف أيضاً ضرب الدستور بعرض الحائط وعدم الالتزام بسياقات الانتقال السلمي للسلطة التي حددها القانون.
ومع كون آلية اختيار رئيس البرلمان ينبغي أن تتم عبر (الانتخاب السري المباشر)، بإرادة النواب المنتخبين وليس من خارج السلطة التشريعية، وكل ذلك مثبت بالدستور والنظام الداخلي، تأتي تفسيرات المحكمة الاتحادية لتكمل القاعدة القانونية وتفرض تصورات محكمة لا مجال فيها للفِّ والدوران او التحريف، ويظهر ذلك في حكم المحكمة رقم 322 لسنة 2023.
ونص القرار 322 لسنة 2023 على أن خلو منصب رئيس البرلمان معالج وفق النظام الداخلي للمجلس، والذي يقتضي انعقاد المجلس لغرض فتح باب الترشيح في تلك الجلسة فقط لغرض حسم الموضوع، وعدم إطالة الأمر، وعدم قبول أي ترشيح جديد بعد بدء اجراءات التصويت، ويتم انتخاب الرئيس بالأغلبية المطلقة في الجلسة الاولى او الجلسات التالية، ويشارك فيها جميع المرشحين باستثناء من ينسحب منهم.
وكان النائب الأول محسن المندلاوي قد تقدم نهاية عام 2023 بطلب تفسير للمحكمة الاتحادية، بخصوص كل ما يتعلق بالمواد القانونية المرتبطة بانتخاب رئيس البرلمان، وعلى إثرها بينت المحكمة بالإجماع في قراراها المرقم 322 جميع الآليات المذكورة في القرار.
ومن هنا صارت طروحات بعض الكتل السياسية هذه الايام تحمل نوايا عدائية للنظام الديمقراطي، بلحاظ أنها صارت تتفنن في تسويف الاستحقاقات بحجج غير قانونية وغير دستورية، وتنطوي على نوايا اخرى لضرب المحكمة الدستورية، التي هي المحكمة الاتحادية العليا، وذلك حين دعت هذه القوى إلى تحويل (الانتخاب السري المباشر) إلى (اتفاق علني على مرشح واحد) لرئاسة مجلس النواب.
#شبكة_انفو_بلس