معجزة إيران

من غير المفهوم، حتى بحسابات الطب الحديثة، كيف يمكن لرجل، مثل السيد الخامنئي، من دم ولحم، ناهز الـ90 من عمره، إدارة دولة بهذا الحجم الجغرافي الكبير والتعداد السكاني الضخم، وسط كل التحديات والمخاطر، وفوق ذلك قاد معركة مع أكبر عتاولة الكرة الأرضية، إلا لو كان
كتب / سلام عادل
في المشهد الأخير، الذي شاهده العالم قبل وقف إطلاق النار، أطلقت إيران خلال 20 دقيقة على مدن الكيان 15 صاروخاً من نوعية جديدة، وكان قد سبقت هذه الأنواع أنواع اخرى بأوزان وسرعات مختلفة رافقتها أشكال متعددة من الطائرات المسيرة، مما جعل الجميع يشعر بأن غرف العمليات العسكرية في طهران كانت عبارة عن مختبرات علمية، والقادة لم يكونوا مجرد عسكر وإنما خبراء وعلماء بالسرعات الذرية والأزمنة الجو فضائية.
ولا شك من كون إيران المحاصرة منذ قرابة 40 سنة، هي نفسها من تصنع سلاحها بيدها، وأن شعبها كان أكثر من جبل من الصبر والتحدي والتطلعات، وإلا كيف نفهم هذا النشاط التكنولوجي والصناعي والزراعي المتنامي، الذي وفر للداخل الإيراني جميع الاحتياجات الاستهلاكية بموارد وإمكانيات وطنية بالكامل، جعلها من الدول المصدرة وليست المستوردة، وعلى خط التنمية والإنتاج الإقليمي.
ومن غير المفهوم، حتى بحسابات الطب الحديثة، كيف يمكن لرجل، مثل السيد الخامنئي، من دم ولحم، ناهز الـ90 من عمره، إدارة دولة بهذا الحجم الجغرافي الكبير والتعداد السكاني الضخم، وسط كل التحديات والمخاطر، وفوق ذلك قاد معركة مع أكبر عتاولة الكرة الأرضية، إلا لو كان هذا الرجل عبارة عن معجزة اخرى تضاف إلى معجزات إيران، والأكثر إثارة في الموضوع أنه بكامل قواه العقلية وقدراته النفسية والروحية والجسدية وهو في سن الـ90.
وفي العادة حين تشهد أي منطقة في العالم نزاعاً وحروباً تظهر بالتوازي معها حركة هجرة شعبية ونزوح، وهو ما لم نلاحظه في إيران، حيث لم نشاهد إيرانياً واحداً على حدود الدول المجاورة يبحث عن ملاذ آمن، على العكس تماماً مما حصل داخل الكيان، الذي تأسس قبل عقود ليكون نقطة استقطاب لكل يهود العالم، فصار نقطة طرد اليهود إلى العالم، وفي ذلك قصص ومعلومات جرى رصدها من داخل الكيان عن شيوع حالة شراء جوازات السفر الأجنبية، وصل سعر بعضها إلى 15 ألف دولار، وآخرين دفعوا قرابة 10 آلاف دولار للحصول على مقعد في زوارق الهروب.
وبحسب المتابعات تبدو إسرائيل، التي ذهبت لفتح حرب مع إيران للخروج من أزمة الحرب في غزة، قد عادت مجدداً إلى غزة دون أن تحقق شيئا في إيران، ودون أن تحسم حربها في غزة، فيما حققت إيران معادلة الردع الإقليمي، وحافظت على نظامها، واستعرضت قدراتها الصاروخية، وفي نفس الوقت لم تخسر شيئاً في برنامجها النووي، الذي ربما تعرض إلى أضرار يمكن إصلاحها في غضون أشهر قليلة، وهو ما يجعل إيران معجزة بكل المقاييس.