هل تكذب السفيرة الألمانية في بغداد ..؟
على ما يبدو أن السفيرة الألمانية مررت معلومات مُعَدَّة بشكل دقيق لتثير جدلاً محلياً وعالمياً، باعتبارها متخصصة ولها خبرة بالتصريح لوسائل الإعلام
كتب / سلام عادل
تناقلت وسائل إعلام عراقية وعربية خلال اليومين الماضيين تصريحاً لافتاً للسفيرة الألمانية في بغداد كريستيانه هومان، أشارت فيه إلى تعرض شركات ألمانية إلى عمليات ابتزاز وطلب أتاوات ورشاوى من قبل أوساط عراقية لقاء تمرير بعض المشاريع الاستثمارية والتجارية، من دون أن تكشف السفيرة عن التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع الحساس والخطير.
وعلى ما يبدو أن السفيرة الألمانية مررت معلومات مُعَدَّة بشكل دقيق لتثير جدلاً محلياً وعالمياً، باعتبارها متخصصة ولها خبرة بالتصريح لوسائل الإعلام، حيث سبق لها أن عملت مستشارة صحفية في سفارة ألمانيا في واشنطن خلال التسعينيات، إلى جانب توليها مطلع الألفينيات مهمة المتحدث الرسمي باسم الخارجية الألمانية لشؤون السياسات الأمنية.
وفي كل الأحوال ليس من المناسب ولا حتى المقبول لأي بعثة وسفارة التحدث والإدلاء بتصريحات إعلامية، على النحو الذي ورد على لسان السفيرة الألمانية في العراق، باعتبار أن ذلك يخالف القواعد والسياقات الدبلوماسية، وهو ما جعل السفيرة كريستيانه هومان وكأنها تلعب دور مدوّنة فيس بوك تسعى لتحقيق (الطشة) وكسب أكبر عدد من المتابعين والمشاهدين.
ومع كون الحكومة العراقية قد تعاملت مع تصريحات السفيرة بشكل جاد، من خلال فتح تحقيق عبر هيئة النزاهة، بحسب ما نُقل عن أوساط قريبة من رئيس الوزراء، لكن هذا لا يُعفي وزارة الخارجية العراقية من توجيه رسالة تنبيه للسفيرة الألمانية بضرورة أن تعتمد السياقات الصحيحة للشكوى عبر القنوات القانونية وليس عبر القنوات التلفزيونية، هذا لو كانت السفيرة جادة ولديها معطيات يمكن أن تخدم مسار العلاقات بين البلدين.
ولكن على ما يبدو أن سفيرة برلين التي جرى اعتمادها في بغداد قبل أشهر تود أن تتماشى مع السياسات الأمريكية المعتمدة في العراق، والتي تسعى إلى إبقاء العراق في عزلة تجارية واستثمارية، وهو ما تأكد مؤخراً بعد أن قام الرئيس بايدن بتجديد القرار التنفيذي السنوي رقم 13303 للمرة 21 والذي بسببه يبقى العراق منطقة غير موثوقة للمستثمرين.
ومن هذا المنطلق يمكن تفسير تصريحات السفيرة بكونها تنخرط في سياق تعزيز سياسات الهيمنة الغربية، بلحاظ التفاهمات السابقة بين العراق وألمانيا التي تم إفشالها أمريكياً في أكثر من مرة، خصوصاً ما يتعلق بقطاع الكهرباء، وليس على خلفية الفساد المالي والإداري، الذي أشارت إليه السفيرة بطريقة تُوحي وكأنها تريد تمرير كذبة سياسية ليس فيها مصلحة ألمانية أو عراقية..