أزمة وقود في بلد النفط.. تأخر باخرة نفطية عن موانئ البصرة يتسبب بأزمة.. تعرّف على حاجة العراق وقدرته الإنتاجية وكمية استيراده
انفوبلس..
في أحد أعلى البلدان إنتاجاً للنفط، تسبب تأخر باخرة وقود مستورد لموانئ البصرة بأزمة وقود في أغلب محافظات العراق، الأمر الذي يفتح العديد من الملفات المهمة بهذه القضية حول دور شركة توزيع المنتجات النفطية وجميع القطاعات العاملة بهذا المجال.
شركة توزيع المنتجات النفطية ذكرت، أمس الأربعاء، أن أزمة وقود السيارات في محافظة ذي قار ستنتهي مساء اليوم، بعد وصول باخرة إلى موانئ البصرة.
وأصدرت الشركة بيانًا بعد نفاد البنزين من محطات الوقود في محافظة ذي قار منذ يوم أمس.
وأشارت الشركة إلى أن الأزمة ناجمة عن "تأخر وصول الباخرة إلى موانئ البصرة، ما أدى إلى تقليل حصة المحافظات كافة خلال اليومين الماضيين".
وبيّنت، أن "المحافظة تلقت 1000 متر مكعب فقط في اليوم الواحد خلال الساعات الـ 48 ساعة الماضية"، موضحة أنّ هذه الكمية أقل من حاجة المحافظة بـ 500 متر مكعب.
فيما أكّدت، أنّ "باخرة وصلت ليلة أمس، وتحسّن الوضع بضخ كميات إضافية إلى المحافظة من الساعة الواحدة فجرًا، بمعدل قد يصل إلى 2000 متر مكعب لسد الاحتياج، وعلى هذا المنوال من المتوقع أن تنتهي أزمة البنزين مساء اليوم".
وفي وقت سابق نفت وزارة النفط تسجيل أزمة في محطات البنزين المحسّن في العاصمة بغداد والمحافظات.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة النفط عاصم جهاد في بيان نشره قسم محاربة الشائعات في وزارة الداخلية، إنّ الوزارة "باشرت بضخ كميات إضافية من البنزين المحسّن لتجهيز محطات تعبئة الوقود الحكومية والأهلية اعتبارًا من يوم الأربعاء".
وبحسب البيان، فإنّ الإجراء جاء "لتغطية زيادة كميات الاستهلاك من قبل المواطنين تزامنًا مع ارتفاع درجات الحرارة".
تأخر بسيط وأزمة كبيرة
وقبل صدور البيان، افاد مصدر أن شركة توزيع المنتجات النفطية في البصرة تعاني من شح في مادة الكاز بسبب قلة الخزين في المحافظة.
وأضاف: كانت جاهزة لتجهيز المحطات بالكميات المقررة من الوقود لكن الخزين الحالي في المحافظة لا يغطي حجم الاحتياج الفعلي أي ما يقارب 100 ألف برميل يوميا وبواقع 130 محطة وقود أهلية و17 محطة حكومية تُجهَّز بمادتي البنزين والكاز للمواطنين.
وأشار المصدر إلى، أن الباخرة المُجهِّزة ستصل موانئ البصرة يوم 25 آب تحمل ما يقارب 54 مليون لتر من مادة البازين، مبينا أن هذه الكمية لا تسد الاحتياج وما يردنا من شركة المصافي لمادة البنزين قليلة ولا تغطي الاحتياج الفعلي.
وتابع: سيتم ضخ الخزين الاحتياطي في عموم محطات التعبئة في البصرة لحل الأزمة الحالية.
انخفاض الإيرادات
وفي شهر حزيران الماضي، تم تداول أنباء بشأن تراجع إيرادات الشركة العامة لتوزيع المنتجات النفطية وتحولها إلى شركة خاسرة.
فأصدرت الشركة بياناً ذكرت فيه أنه "إشارة إلى ما تناقلته بعض وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية من تصريحات لبعض من أعضاء مجلس النواب حول تراجع إيرادات شركة توزيع المنتجات النفطية وتحولها إلى شركة خاسرة".
وأضاف البيان، أن "شركة توزيع المنتجات النفطية تثمن الدور الرقابي وملاحظات رئاسة وأعضاء مجلس النواب لتقوية أداء وعمل الجهاز التنفيذي"، وبصدد التصريح أعلاه تود إدارة الشركة توضيح الآتي:
١- شركة توزيع المنتجات النفطية هي شركة عامة مملوكة للدولة وهي الذراع التسويقي للمنتجات البيضاء لوزارة النفط التي تقوم بدورها بتوفير المنتجات النفطية للقطاعات المختلفة وحسب الكميات المتوفرة من إنتاج المصافي الحكومية أو استيراد تلك المنتجات لتغطية الطلب المتزايد عليها وتحملها فرق الأسعار المدعومة دون أي دعم (تمويل) من وزارة المالية.
٢- إن الشركة ـ مدار البحث ـ خلال السنوات الماضية لم تحقق أي خسائر في بياناتها المالية وإنما لوحظ من خلال المتابعة المستمرة للوضع المالي للشركات النفطية انخفاض عوائد الشركة أعلاه بدءاً من عام ٢٠٢٠ وللأسباب أدناه:
أ- تحويل جزء كبير من عوائدها عن تصدير المنتجات النفطية الفائضة إلى الخزينة العامة تنفيذاً لما ورد في قانون الادارة المالية رقم (6) لسنة 2019 إضافةً الى ما يتم إدراجه من نصوص في قانون الموازنة العامة الاتحادية سنوياً الذي انعكس بأثر سلبي على عوائد الشركة لكون ذلك لا يقابله أي دعم لنشاطها.
ب- ارتفاع أسعار المنتجات النفطية المستوردة إضافة الى تغيير أسعار الصرف (تحويل العملة العراقية الى الدولار) من البنك المركزي العراقي مع المحافظة على أسعار التجهيز للقطاعات المختلفة نتيجة لتوجه الحكومة العراقية باستمرار تقديم المنتجات البيضاء للمواطنين بالأسعار المدعومة دون أن يقابل ذلك دعما (تمويلا) من وزارة المالية مما أثّر على عوائد الشركة أعلاه.
قُدرة مصافي العراق
في منتصف الشهر الجاري، أعلن وزير النفط حيان عبد الغني تواصل العمل على مدار اليوم في إعادة إعمار وتأهيل مصفاة الشمال بمجمع الصمود في بيجي بطاقة 150 ألف برميل يوميًا، والمخطط إكمالها قبل نهاية عام 2023.
وقال وزير النفط حيان بعد ترؤسه اجتماع العمليات القيادي، إن "قطاع مصافي النفط في العراق يُعدّ من أولويات الحكومة في إطار خطة تستهدف خفض فاتورة الوقود"، وفقا لبيان وزارة النفط.
عبد الغني أشار إلى أهمية إعادة إعمار وتشغيل مصفاة الشمال لتعزيز الإنتاج الوطني من البنزين، والديزل، الكيروسين، والنافثا، وغاز النفط المسال، وغيرها من المشتقات النفطية.
وبلغت القدرة التكريرية لمصافي النفط في العراق 1.11 مليون برميل يوميًا بنهاية عام 2021، ولكن إنتاجها أقلّ من ذلك؛ إذ سجّلت 623 ألف برميل يوميًا فقط، وتعمل عدّة مصافٍ بقدرة أقلّ من طاقتها التصميمية، وفق أحدث البيانات السنوية لمنظمة أوبك.
وتعمل وزارة النفط العراقية على إعادة مجمع الصمود إلى سابق إنتاجه، بهدف توفير المشتقات النفطية للمواطنين وللقطاعات الصناعية ولمحطات توليد الكهرباء.
وتُعدّ مصفاة الصمود، التي كانت تسمّى سابقًا "بيجي" وتبلغ طاقتها التصميمية 280 ألف برميل يوميًا، واحدة من أهم مشروعات قطاع مصافي النفط في العراق، وتتبع شركة مصافي الشمال، لكنها تعمل حاليًا بسعة 140 ألف برميل يوميًا فقط، لتعرّضها لهجمات إرهابية من تنظيم داعش عام 2014، وهو السبب وراء تغيير اسمها.
ويعمل العراق على تطوير المصفاة وإعادة تأهيلها؛ إذ تستهدف البلاد رفع طاقتها إلى 300 ألف برميل يوميًا، وتتكون مصفاة الصمود من 3 مصافٍ، هي صلاح الدين 1، وصلاح الدين 2، ومصفاة الشمال.
ومؤخرًا، استطاع العراق إعادة تأهيل مصفاة صلاح الدين 1 ورفع طاقتها إلى 60 ألف برميل يوميًا، في حين تعمل مصفاة صلاح الدين 2 بطاقة تصل إلى 65 ألف برميل يوميًا، مع العمل على إعادة تأهيل مصفاة الشمال بطاقة 150 ألف برميل يوميًا.
وكانت وزارة النفط قد نجحت في إعادة إعمار وتأهيل مصفاة صلاح الدين 1و2، بطاقة 70 ألف برميل يوميًا لكل وحدة، إضافة إلى إنجاز وحدة الأزمرة لتحسين إنتاج البنزين بطاقة 20 ألف برميل يوميًا، في حين باشرت شركة مصافي الشمال في مايو/ أيار الماضي عمليات إعادة إعمار وتأهيل مصفاة الشمال بطاقة 150 ألف برميل، والمخطط إنجازها قبل نهاية عام 2024.
من جانبه، قال وكيل الوزارة لشؤون التصفية حامد يونس، إن بلاده أطلقت حملة واسعة لتأهيل وإعمار مصفاة الشمال في شهر مايو/ أيار الماضي، تنفيذًا للبرنامج الحكومي لتأهيل قطاع التصفية.
وأكد، أن الوزارة اعتمدت في خطط إعادة إعمار مصفاة الشمال على الجهد الوطني والإمكانات المتاحة بعد تعرّضه إلى نسبة أضرار بلغت أكثر من 90%، "ونأمل في إنجازه بمدة قياسية لا تتجاوز نهاية العام المقبل، بعد نجاح تأهيل مصفاة صلاح الدين 1و2، وإنجاز مشروع وحدة الأزمرة بطاقة 20 ألف برميل يوميًا"، موضحًا أن الطاقة التكريرية لمجمع الصمود في بيجي تبلغ 120 ألف برميل يوميًا.
وبيّن مدير عام شركة مصافي الشمال عدنان محمد حمود، أن عمليات التأهيل للمرحلة الأولى من مشروع مصفاة الشمال شملت إزالة الإنقاض ورفع كل الأجزاء التالفة والمتضررة في المصفاة جراء العمليات الإرهابية، ومن ثم المباشرة بالمرحلة الثانية التي تتضمن أعمال الصيانة والتأهيل والبناء والتشغيل.
ويتكوّن قطاع مصافي النفط في العراق من 3 شركات حكومية رئيسية، في مقدّمتها شركة مصافي الشمال، ثم شركة مصافي الجنوب، وشركة مصافي الوسط.
ويبلغ إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية لشركة مصافي الشمال نحو 210 آلاف برميل يوميًا، مع سعي البلاد لزيادتها بدعم من مصفاة الصمود (بيجي سابقًا).
كما تخطط البلاد لرفع الطاقة التكريرية لشركة مصافي الوسط إلى 500 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2026، بدعم من توسعة مصفاة الديوانية، وهناك خطط لزيادة الطاقة الإنتاجية لشركة مصافي الجنوب لنحو 280 ألف برميل يوميًا.
خطوات التخلي عن استيراد الوقود
في تشرين الأول من العام الماضي، بدأ العراق خطوة مهمة لتطوير قطاع التصفية عبر افتتاح مصفاة كربلاء جنوب غرب بغداد بطاقة تكريرية تصل إلى 140 ألف برميل يوميا، مما سيوفر للبلاد سنويا نحو 3 مليارات دولار.
وقال وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار إن مصفاة كربلاء، تعتمد التكنولوجيا الحديثة، وبطاقة 140 ألف برميل يوميا، وتمثل نقلة نوعية في قطاع التصفية العراقي، مشيرا إلى أن هذه المصفاة تعتمد المعايير البيئية وفق المواصفات العالمية.
وتعمل المصفاة بشكل تجريبي حاليا، وستبدأ الانتاج الفعلي مطلع العام المقبل، ومن المتوقع أن تنتج مادة البنزين "السوبر 95" وهو عالي النقاوة، ليغطي الجزء الكبير من الحاجة المحلية.
مصدر مطلع أفاد بأن المصفاة تعمل على تكرير النفط الخفيف والثقيل، وهو ما يتوافق مع نوعية النفط العراقي المنتج، إذ سيتم إنتاج نحو 20 نوعا من مشتقات النفط، مشيرا إلى أنها تحتوي على 33 وحدة، منها 20 وحدة كيميائية و13 وحدة خدمات بالإضافة إلى محطة كهرباء تنتج 200 ميغاواط.
ووقّع العراق مع ائتلاف شركات كورية برئاسة شركة هيونداي على إنشاء مصفاة كربلاء بـ 6.5 مليارات دولار عام 2014.
وكان مدير شركة توزيع المنتجات النفطية، حسين طالب، قد صرّح في وقت سابق بأن "الاستهلاك المحلي للوقود يبلغ يوميا 31 مليون لتر، منها 16 مليونا يتم استيرادها بالعملة الصعبة لسدّ تلك الحاجة، بينما الباقي تنتجه مصافي البلاد".
وقال المتحدث باسم وزارة النفط، عاصم جهاد، إن ضخ النفط بوحدات المصفاة، يبلغ حاليا 80 ألف برميل وسيتصاعد تدريجيا إلى 140 ألف برميل خلال الربع الأول من العام المقبل، وأشار إلى أن مصفاة كربلاء ستحدّ من استيرادات العراق من الوقود وهي خطوة مهمة، إذ سيبلغ إنتاج البنزين بين 9 ملايين و10 ملايين لتر يوميا.
وأشار جهاد إلى أن التأخير يعود إلى جائحة كورونا التي جعلت جميع دول العالم تتوقف عن العمل وتواجه الجائحة، مبينا أن الجهد الوطني ساهم بإعادة تأهيل مصفاة بيجي وعادت قدرته الإنتاجية إلى النصف وهي 140 ألف برميل يوميا.
وأكد أنه خلال العامين المقبلين سيقوم العراق باستثمار فضلات المصافي في البلاد، وتحويلها إلى مشتقات نظيفة صديقة للبيئة، من خلال مصافي الجنوب عبر مشروع يُنفذ مع اليابان.
من جهة أخرى، قال الخبير النفطي حمزة الجواهري، إن مواصفات مصفاة كربلاء تلبّي معايير الانبعاثات وفق التصنيف الأوروبي EOUR 5، مما يجعل المشروع صديقا للبيئة.
وأضاف، إن إنتاج المصفاة سيكون من البنزين والديزل والنفط الأسود وبنزين الطائرات وغيرها من مشتقات النفط، موضحا أن البنزين سيوفر حوالي 3 مليارات دولار سنويا للعراق.
وأكد، إن العراق سيتوقف عن استيراد 70% من البنزين، لكن مع قرب إدخال وحدات صغيرة من مصافي البصرة والدورة إلى العمل، سيتوقف كليا عن الاستيراد، كما سيتوقف عن استيراد الديزل بنسبة 70%.
وبحسب مصادر مطلعة، فإنه من المقرر أن يشهد العام الجاري (2023) طرح عدد من الفرص الاستثمارية بقطاع التكرير، وهو ما أكدته وزارة النفط العراقية بأنها ستطرح قريبًا -ضمن خطتها لزيادة الطاقة التكريرية لوقف استيراد الوقود- أكثر من فرصة بالقطاع تتضمن إنشاء مصفاة جديدة.
ويخطط العراق لإنشاء مصفاة جديدة في محافظة ذي قار العراقية بطاقة تصل إلى 150 ألف برميل يوميًا وطرحها قريبًا أمام المستثمرين.
ومن بين تلك الفرص الاستثمارية المقرر إتاحتها قريبًا، مصفاة العمارة بمحافظة ميسان بقدرة 150 ألف برميل يوميًا، وكذلك مصفاة المثنى بطاقة 100 ألف برميل يوميًا، ومصفاة كركوك بطاقة 100 ألف برميل يوميًا، ومصفاة القيارة بقدرة إنتاجية تبلغ 70 ألف برميل يوميًا.
ومن المقرر -أيضًا- طرح إضافة وحدة جديدة بقدرة 70 ألف برميل يوميًا إلى مصفاة ذي قار ليصل إنتاجها إلى 100 ألف برميل يوميًا، وذلك بعد نجاح العراق في إضافة وحدة إنتاجية جديدة لمصفاة الديوانية بسعة 70 ألف برميل يوميًا.
كما ستهدف العراق تطوير شركة مصافي الجنوب لرفع طاقتها التكريرية إلى 350 ألف برميل يوميًا، لتشكل جزءًا رئيسياً في خطة وقف استيراد الوقود.