انفوبلس تفتح ملف الحسابات الخاملة في العراق.. هكذا تذهب الأموال إلى البنك المركزي وهذا مصيرها
انفوبلس/ تقارير
ملف مهمل، لم يسلط أحد الضوء عليه بالطريقة الصحيحة، يتأرجح بين البنك المركزي وإحصاءات المراكز المغلوطة، تجهل الدولة معظم تفاصيله، ويخلط الكثيرون بينه وبين "الاكتناز" فما هي الأموال أو الحسابات الخاملة؟ ولماذا يجهل المركزي العراقي كم تبلغ؟ شبكة انفوبلس فتحت هذا الملف وفصلت مصير الأموال بعد انقضاء مهلة السبع سنوات عليها في المصرف، فبعد أن تذهب إلى البنك المركزي، يتصرف بها الأخير بمجموعة من الطرق فصلتها الشبكة في سياق التقرير الآتي.
ما هي الحسابات الخاملة؟
الحسابات الخاملة هي حســابات دائنة لم تجرِ عليها عمليــات سحب او إيداع خلال 7 سنوات ويقوم النظـــام المصرفي بنقلها الى الحســــــــابات غير المتحركة واستيفاء العمولات حسب جدول أسعار العمليات المصرفية عند نهاية السنة المالية وتطبق بحقها تعليمات الحسابات الخاملة او المبالغ غير المطالب بها استنـــاداً الى تعليمـــات البنك المركزي العراقي.
وقد حدد المشرع العراقي أنواع الحسابات التي تُعد خاملة بشكل يجعلها ضمن النطاق الحصري لها وهي الوديعة النقدية والتي تقسم الى الحسابات الجارية الدائنة وغير المتحركة التي لم تجرِ عليها حركة سحب او إيداع وكذلك حسابات التوفير غير المتحركة التي لم تجر عليها حركة سحب او إيداع.
اما النوع الثاني من الحسابات الخاملة فهو الرصيد والذي يقسم الى أرصدة المبالغ المحجوزة وكذلك أرصدة الاشخاص المتوفين.
أما الأملاك المتروكة فقد جاءت أيضا ضمن التعداد الحصري للمشرع العراقي والأملاك المقصودة يمكن أن تندرج ضمن نطاق العقار والمنقول.
كيف تتعامل الدولة مع الحسابات الخاملة؟
لمعرفة الآلية التي تتعامل بها الدولة مع الحسابات الخاملة، توصلت شبكة انفوبلس وبمتابعة دقيقة إلى دراسة موضوعية لكل من "أيسر عماد داوود وسحر حيال غانم" حملت عنوان "الحسابات الخاملة والأملاك المتروكة.. دراسة في نطاق القانون العراقي".
ووفق الدراسة، تخضع الحسابات الخاملة والاملاك المتروكة وفقا إلى ما تبناه المشرع العراقي لقواعد خاصة تتضمن الأحكام المتعلقة بتحقق شروط اعتمادها وفق ذلك الوصف وما يترتب عليها من إجراءات وآثار تنشأ إزاء ذلك بالنسبة إلى أطرافها سواء الدائن أم المدين، إذ يسبق استثمار الحساب الخامل والملك المتروك اجراءات يلزم اتخاذها من قبل جهة إيداعها، وتمثل تلك الإجراءات مراحل متتابعة تجب مراعاتها استنادا إلى آلية يحددها التشريع المختص وتكون ذات طبيعة شكلية وهي تُعد شروطا يتحقق بموجبها المركز القانوني للحسابات الخاملة والأملاك المتروكة.
وقد رسم القانون الحسابات الخاملة ليترتب على عدم الالتزام بها بطلان الإجراء المتخذ والمحاور الأساسية لتلك الإجراءات تكون ضمن المدة والإخبار والإيداع ومحتوى تفاصيلها تحدده الأحكام المقررة قانوناً.
فالحسابات الخاملة والأملاك المتروكة والجامدة التي لم يتحقق بموجبها أية حركة أو معاملة، لابد وأن يتحقق عنها مجموعة من الآثار القانونية التي ترتبط بوجود هذا النوع من الحسابات او الأموال، إذ تلقي بضلالها على طرفي العلاقة القانونية التي نشأت بين صاحب العلاقة وجهة إيداع الحسابات المهملة وفقاً للشكل الذي رسمه التشريع المختص من خلال إيداع مبالغ الحسابات الخاملة والأملاك المتروكة في حساب خاص واستثمار مبالغ ذلك الحساب.
وبحسب مصرف الرافدين، فإن التعليمات والقوانين المصرفية السارية تقضي بتجميد الحسابات المتوقفة والخاملة في التوفير والجاري التي يمضي عليها سبع سنوات وتحويلها إلى البنك المركزي العراقي.
كما أن إيداع المبالغ المتحققة عن الحسابات والأملاك المهملة في حساب خاص عن طريق تحويلها من الحساب الأصلي المقيد باسم العميل، يتم بقوة القانون، بعده وترخيصاً لمقتضيات المصلحة العامة يقرره التشريع المختص في نطاق تنظيمه للنشاط المصرفي وأنواعه، فالتحويل المصرفي للنقد يُعد نشاطاً مصرفياً يترتب عليه تحويل الأموال من حساب الى آخر سواء أكان بإذن من صاحب الحساب الاصلي أو بدون إذن بحكم القانون.
وهذا ما ذهب إليه المشرع العراقي في نص المادة (۸) من تعليمات الحسابات الخاملة والأملاك المتروكة والتي نصت على أنه "يحتفظ البنك المركزي العراقي بالأموال المحولة إليه من المصارف في حساب خاص.....، والتساؤل المطروح هنا عن ماهيّة هذه الأموال إذ جاءت ضمن النص مطلقة وعامة، بينما ورد في نص المادة (٦ / ثانيا) التخصيص للمبالغ التي يستلمها البنك المركزي العراقي من المصرف المعني والتي نصت على أنه ثانياً - يحتفظ البنك المركزي العراقي بالتقرير المنصوص في البند (أولاً) من هذه المادة في سجلاته لمدة (۲۰) عشرين سنة في الأقل من تاريخ تسلمه مبلغ الحسابات الخاملة الاملاك المتروكة من المصرف المعني ويتم إيداعه في حساب خاص لديه.
وتوضح الدراسة، إن إيداع المبالغ المحولة الى البنك المركزي العراقي في حساب خاص لا يعد الإجراء الوحيد الذي يتخذه البنك المركزي العراقي إنما يكون في الوقت ذاته ملزماً بان يحتفظ بالتقرير المحال إليه من المصرف المعني لمدة حددها في التعليمات بأن لا تقل عن (۲۰) عشرين سنة تبدأ من تاريخ تسلمه مبلغ الحسابات الخاملة والاملاك المتروكة ، حيث يتضمن التقرير اسم المصرف الذي قام بتحويل الأموال إليه وأسم صاحب الاموال ومقدار الاموال المحولة من المصرف اليه ، وتاريخ آخر حركة للحساب سواء كانت سحباً أو إيداعاً.
ما مصير الأموال الخاملة بعد ذهابها إلى البنك المركزي؟
يترتب على أي عمل تجاري استثماري نتائج تمثل الآثار القانونية لذلك الاستثمار، فهو العامل الاقتصادي الأكثر أهمية لتحقيق النمو في هذا الجانب لأنه من الوسائل الفعالة في جذب رؤوس الأموال.
وتؤكد الدراسة، إن المشرع العراقي عندما نظم أسلوب التعامل مع الحسابات الخاملة والأملاك المتروكة، فإنه قد حدد سلفاً صيغة النشاط الاقتصادي الواجب اعتماده في التعامل مع الاموال المتحققة عن الحسابات الخاملة والاملاك المتروكة ، فهو فرض على البنك المركزي العراقي استثمار تلك الاموال كأسلوب محدد أولاً، ثم خصص شكل ونوع الاستثمار ثانياً بأن جعله في الأوراق المالية للحكومة العراقية أو أي أوراق مالية أخرى وهذا ما نصت عليه الفقرة (۳) في المادة (۳۷) من قانون المصارف العراقي رقم (٩٤) لسنة 2004.
وينص قانون المصارف هذا، بأنه يحتفظ البنك المركزي العراقي بالأموال في حساب خاص يستثمر في الأوراق المالية للحكومة العراقية، أو أي أوراق مالية أخرى في حالة عدم توفر الأوراق المالية للحكومة العراقية/ كما أكد مضمونها نص المادة (۸) من تعليمات الحسابات الخاملة والأملاك المتروكة رقم (1) لسنة ٢٠٠٩ المتضمن يحتفظ البنك المركزي العراقي بالأموال المحولة اليه من المصارف في حساب خاص يستثمر في الأوراق المالية للحكومة العراقية أو اية أوراق مالية أخرى في حال عدم توفر تلك الأوراق".
من جانب آخر، حاولت انفوبلس التوصل إلى اجمالي المبالغ الخاملة في العراق، لكنها لم تصل إلى أرقام صحيحة، بل وجدت ان نسبة الـ70 % الشائعة على انها أموال خاملة، تعود بالأساس إلى الأموال المكتنزة، والتي تختلف كليا عن الأموال الخاملة.
بعد ذلك، تواصلت الشبكة مع البنك المركزي العراقي لمعرفة حجم تلك الأموال، وأكد مصدرها من داخل البنك عدم إمكانية معرفة هذا الشيء كون البنك نفسه لا يعلم ولم يحضّر قاعدة بيانات خاصة بهذا الشيء.
وعن استفهام انفوبلس من مصدرها داخل البنك المركزي، عن سبب إهمال هذا الجانب، أكدت أن الحسابات الخاملة شبه منسية ولم يسلط الضوء عليها أحد، ولهذا من الاستحالة معرفة كم تبلغ.