البنك المركزي يتخلى عن صفته كمراسل ويمنحها لبنوك أجنبية.. هل يتم إلغاء نافذة العملة؟ تعرّف على التفاصيل
انفوبلس..
في خطوة من شأنها إلغاء نافذة العملة بالبنك المركزي والمسيطَر عليها أمريكياً بشكل تام، تخلّى البنك المركزي العراقي عن صفته كـ"مراسل" ومنحها لعدة بنوك أجنبية، وهي خطوة غير واضحة المعالم والنتائج حتى هذه اللحظة، حيث يتغنى بها المركزي فيما يحذر منها بعض المراقبين.
يوم الجمعة الماضي، أعلن محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، بدء توريد الدولار للداخل عبر حسابات المصارف العراقية بالخارج، وفيما أشار الى انتهاء الإجراءات لفتح حسابات بالدرهم الإماراتي والتفاهم مع تركيا لإجراء تحويلات باليورو أو العملة التركية، وكشف عن خطة واسعة لإصلاح وتطوير المصارف الأهلية والحكومية.
المركزي يتحدث عن "تغييرات جذرية"
وقال العلاق، إن "البنك المركزي العراقي في تواصل مستمر مع وزارة الخزانة الامريكية ومع البنك الفيدرالي الامريكي". مبينا، إن "هذا التواصل مستمر بشكل دائم، وهناك اجتماعات فصلية تُعقد لمراجعة جميع الأمور المتعلقة في إطار هذه العلاقة".
وأضاف العلاق، إن "هناك اجتماعا سيُعقد في بداية الشهر المقبل ضمن الاجتماعات الدورية الفصلية التي تُعقد بين البنك المركزي والبنك الفدرالي ووزارة الخزانة، حيث نراجع في هذه الاجتماعات جميع الأمور مع التأكيد والتركيز على موضوع تنظيم التحويل الخارجي بما يؤمّن سلامة النظام المالي، خاصة بعد تطبيق النظام الجديد للتحويل الخارجي الذي يتطلب الكثير من التنسيق".
وذكر، إن "هذه التطورات التي حصلت هي تطورات جذرية وليست شكلية في إطار إعادة تنظيم التجارة على أُسس صحيحة وتنظيم التحويل الخارجي على أسس صحيحة". موضحا، إن "التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع تتطلب التنسيق والتعاون المشترك بين البنك المركزي وتلك الجهات".
وأكد العلاق، إن "الاجتماع المقبل سيكون في مدينة دبي الإماراتية" لافتا إلى، أن "هناك اجتماعات فصلية إضافة الى الاجتماعات الطارئة التنظيمية أو الاتصالات عبر التواصل من خلال الهاتف أو من خلال الفيديو".
وبيّن، إن "البنك الفدرالي يتفق مع البنك المركزي بضرورة أن يخرجا من عملية إجراء الجوانب التنفيذية في التحويل الخارجي ويقتصر دورهما على الإشراف والمراقبة، وهذا أمر طبيعي في البنوك المركزية التي لا تمارس هذه الأدوار التنفيذية أو العمليات التفصيلية فيما يتعلق بالتحويل الخارجي، ولذلك كانت الخطة والاتفاق بيننا هما خروج البنك المركزي العراقي والبنك الفدرالي من هذه العمليات الإجرائية، مؤكدا وضع خطة بأن تتحول عملية التحويل الخارجي من المنصة الإلكترونية التي سينتهي العمل بها في مطلع العام المقبل".
بنوك المراسلة
العلاق أشار في حديثه إلى، "إيجاد علاقة جديدة بين المصارف العراقية والبنوك المراسلة المعتمدة دولياً في الخارج، حيث تكون العملية محصورة بينهما، ويكون دور البنك المركزي العراقي والفدرالي الامريكي هو عملية المراقبة والإشراف، وبدأنا منذ فترة بمحاولة إيجاد علاقة بين بنوك مراسلة ومصارفنا العراقية".
وذكر، "إننا نجحنا بشكل كبير في هذا الإطار، واستطعنا أن نفتح أكثر من 40 حساباً للمصارف العراقية مع مصارف المراسلة أو بالخارج".
وبيّن، إنه "لزيادة المرونة والتسهيل في عملية التحويل الخارجي، قمنا بتنويع العملات التي يتم بها التحويل الى الخارج، وأصبح لدينا تحويلات بالإضافة إلى الدولار، اليورو والدرهم الإماراتي".
وأكد، إن "الإجراءات انتهت من فتح الحسابات بالدرهم وباليوان الصيني والروبية الهندية"، لافتا إلى، أن "هناك تفاهمات أولية مع الجانب التركي لإجراء التحويلات عن طريق المصارف التركية بعملة اليورو أو العملة التركية".
وبيّن، إن "هذه القضية مهمة وتجري بالتنسيق مع البنك الفدرالي والخزانة الأميركية وهم يساعدوننا في ذلك"، مشيرا إلى، أن "ذلك عكس ما يفهمه البعض بأنه هروب من ضغوط البنك الفدرالي بالنسبة للدولار، حيث إن هذه العملات مغطاة بالدولار ونحن نشتريها من الدولار الموجود في البنك الفدرالي، وهي ليست بعيدة عن البنك الفدرالي بل بتنسيق ودعم البنك الفدرالي كونه يريد أن يصل معنا الى الهدف المنشود وهو أن تكون هناك علاقة بين المصارف العراقية والمصارف المراسلة".
وذكر، إن "ذلك يحدث لأول مرة بأن نفتح هذا العدد من الحسابات لمصارفنا، وهي خطوة مهمة جدا لتقوية النظام المصرفي في العراق، لأن قبول هذه المصارف يعني أنها أصبحت تمتلك الأنظمة القادرة على أن تكون مقبولة دولياً". موضحا، إن "أي مصرف مراسل حاليا يقبل بفتح حساب لمصرف عراقي بعد التأكد من أن هذا المصرف يمتلك الأنظمة اللازمة والمعايير والشروط والقواعد التي يعمل بموجبها".
وأكد العلاق على، أن "ذلك سيؤدي الى انتهاء العمل بالمنصة الإلكترونية لعام 2024"، موضحا، "إننا وصلنا الى نسبة متقدمة وباكتمال للحلقات الأخرى سوف نغادر هذه الطريقة".
وذكر، إنه "بهذه الحالة ستكون العمليات أسرع وأسهل وأكثر انضباطاً، لأن هذه البنوك المراسلة المعتمدة دولياً، لديها الأنظمة الكاملة لإجراء عمليات المراجعة والمراقبة قبل تنفيذ هذه العملية".
وأشار الى، أن "هدفنا هو أن جميع المصارف يجب أن تكون لها بنوك مراسلة، وأكدنا هذه القضية منذ سنوات، حيث إن المصرف الذي لا يمتلك مصارف مراسلة، فهو لا يستطيع أن يمارس عمله الحقيقي وانقطاعه عن العالم". موضحا، إن "بعض المصارف تأخرت عن هذا وكانت تتوفر أساليب سهلة، فلذلك لم يكلف البعض نفسه في العمل بجدية على هذا الموضوع، أما الآن فإن جميع المصارف أدركت أن هناك ضرورة، لذلك بدأت تدخل تباعاً".
وتابع، "كل ما يوفر المصرف قناعة لدى البنك المراسل بأنه يمتلك النظام المطلوب للرقابة على حركة الأموال وتوفير الشروط واتباع المعايير الدولية، ووجود نظام رقابة على قضية غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإنه سيدخل بهذا المجال"، مشيرا الى أن "بعض المصارف بدأت بالاستعانة بشركات دولية مختصة لتنظيم هذه الجوانب حتى تصبح مؤهلة".
وأكد العلاق، إن "هناك خطة إصلاح واسعة للمصارف الأهلية بعمليات اندماج وعمليات تصحيح في بعض أوضاعها، وهناك خطة واسعة للمصارف الحكومية سيعلن عن بعض تفاصيلها، ونعمل مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بهذا الشأن". لافتا الى، أن "المصارف الحكومية تمثل هي الثقل الأكبر بالقطاع المصرفي، ولابد من أن نضعها بأفضل ما يمكن".
نافذة العملة
تتهم عدد من المصادر المعنية بالشأن المالي والمصرفي، هيمنة مصارف غير عراقية، على نافذة مزاد العملة الاجنبية في البنك المركزي العراقي، والتي تحولت الى كابوس يؤرّق الاقتصاد العراقي وأسعار الصرف وكذلك قيّدت حرية التعاملات المالية للمواطنين.
وبحسب مصادر مطلعة، فإنه "منذ عامين على الأقل، أصبح البنك المركزي العراقي "يتكتم" على أسماء المصارف المشاركة بمزاد بيع العملة الاجنبية، وسط اتهامات ومعلومات عن هيمنة مصارف معينة على مزاد بيع العملة دون غيرها".
وتشير إلى، أنه على سبيل المثال يوجد أكثر من 80 مصرفا في العراق، إلا أن النشرة اليومية لمبيعات البنك المركزي، تظهر أن عدد المصارف المشاركة بتلبية الطلبات النقدية يتراوح بين 5 الى 7 مصارف فقط، فيما لا يتجاوز عدد المصارف المشاركة لتلبية الحوالات الخارجية اكثر من 20 مصرفا.
وهذا يعني- بحسب المصادر- أن 30% فقط من إجمالي المصارف في العراق على الأكثر، هي المهيمنة على مزاد بيع العملة من البنك المركزي العراقي، الذي بدوره يتحفظ ويتكتم عن إعلان أسماء هذه المصارف.
وتحدثت المصادر عن مصرف "غير عراقي" يسيطر على مبيعات المركزي، في التسمية "تهكمية"، للمصرف الأهلي العراقي لكونه مملوك بنسبة نحو 65% لصالح مصرف كابيتال الأردني.
وترى أوساط مختصة أن هيمنة مصارف معدودة على نافذة بيع العملة، يجعل أرباحها أكبر، كما ستقلل من كمية الدولار المعروض وتزيد من فرص "ابتزاز" المصارف الأخرى، حيث تستطيع هذه المصارف المشاركة بمزاد العملة من بيع الدولار الى المصارف التي تحتاج الدولار بهامش ربحي.
وأدت سياسات البنك المركزي العراقي لعدم رضا واسع في الاوساط المختصة سواء على صعيد الخبراء الاقتصاديين او شركات الصرافة التي اعتبرت أن اجراءات البنك المركزي "متخبطة" ولم تسيطر على سعر الدولار، بل على العكس، أدت إجراءاتها الى "شحة" الدولار في السوق.
وبينما يرى مختصون أن البنك المركزي ربما يحاول "إخفاء" الدولار من السوق لمنع وصوله الى جهات محرومة من الدولار، الا أنه بدأ يرتكب مخالفات تعارض المنطق الاقتصادي وتعارض الحرية المالية والنقدية والتوجه العالمي المصرفي، حيث بدأ البنك المركزي يمنع العديد ممن يمتلكون حسابات وأموالا بالدولار في المصارف من سحبها، وعلى الطريقة اللبنانية.
وأكدت شهادات لمواطنين ومصرفيين أن المصارف العراقية سواء الحكومية او الأهلية تمتنع عن إعطاء الاموال المودعة بالدولار او الحوالات القادمة من الخارج بالدولار، الى أصحابها، وتفرض عليهم سحبها بالدينار العراقي وبالسعر الرسمي الذي هو أقل من السعر الحقيقي في السوق بأكثر من 25 نقطة.
إلى ذلك، شدد عضو اللجنة المالية النيابية، حسين مؤنس، في وقت سابق، على ضرورة وضع نهاية لنافذة بيع العملة في العراق، واصفاً إياها بالشرطي الأميركي الأعور.
وقال مؤنس في بيان، إن "الحُزَم الإصلاحية الثلاث التي أطلقها البنك المركزي العراقي، قد ثبت فشلها في إطار الحد من اضطرابات سوق الدولار".
وأضاف، إن "الحُزم الإصلاحية وبعد فشلها، فقد صار لابد من وضح نهاية لـ(نافذة بيع العملة)، لكونها أصبحت مجرد (شرطي أمريكي أعور لا يرى غير إيران)، وهو ما جعل البنك المركزي لا يُؤتمَن على السياسة النقدية في البلاد".