السيارات الأمريكية تؤرق الشوارع العراقية.. القيمة تتجاوز نصف مليار دولار خلال 2024
استيراد مع الضرر
السيارات الأمريكية تؤرق الشوارع العراقية.. القيمة تتجاوز نصف مليار دولار خلال 2024
انفوبلس/..
يُعد العراق سوقاً مفتوحة لدخول السيارات الأمريكية "المتضررة"، فالأرقام تكشف عن ارتفاع ضخم وبقيمة مليارية وضوابط قد تكون شبه خالية من الصرامة، في وقت تمنع الكثير من دول العالم استيراد أي سيارة متضررة ولو بشكل بسيط.
*آخر الإحصاءات
سجلت استيرادات السيارات الأمريكية المباشرة من الولايات المتحدة إلى العراق ارتفاعاً قياسياً في الربع الأول من السنة الحالية، حيث بلغت قيمتها 131 مليون دولار أمريكي، مقارنة بـ80 مليون دولار في الربع الأول من السنة الماضية، ما يمثل زيادة بنسبة 63%.
ووفقًا للخبير الاقتصادي منار العبيدي، فإنه من المتوقع أن تصل قيمة السيارات المستوردة من الولايات المتحدة في عام 2024 إلى حوالي 600 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل 800 مليار دينار عراقي.
وأشار إلى، أن هذا الارتفاع الكبير في عدد السيارات المستوردة له تأثيرات ملحوظة على ازدحام الطرق والطلب على الوقود بشكل كبير.
وأضاف العبيدي، أن "عملية الاستيراد العشوائية للسيارات يجب أن يتم ضبطها من خلال زيادة قيمة التعرفة الجمركية على السيارات، بما يتناسب مع حجم وسنة صنع السيارة". وأكد، أن التعرفة الجمركية يجب أن تراعي زيادة الطلب المتزايد على الوقود والضغط على البنى التحتية للشوارع.
هذا الارتفاع الملحوظ في استيرادات السيارات يأتي في وقت تشهد فيه البنية التحتية العراقية تحديات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالطرق والمواصلات.
ويعكس التزايد في استيراد السيارات الأمريكية، الرغبة المتزايدة لدى المستهلك العراقي في اقتناء سيارات حديثة وذات جودة عالية، إلا أن ذلك يضع عبئاً إضافياً على شبكات الطرق ويزيد من استهلاك الوقود.
ويؤكد العبيدي على ضرورة وضع سياسات واضحة لتنظيم عملية استيراد السيارات، بما يضمن تحقيق توازن بين تلبية احتياجات السوق المحلي والتخفيف من الضغط على البنية التحتية والموارد الطبيعية.
*خطر على الاقتصاد
ويُعد موضوع استيراد السيارات المستعملة أو المتضررة أو ما يسمى بـ"الوارد الأميركي" خطرًا كبيرًا على الاقتصاد العراقي حيث يستورد العراق سنوياً سيارات بمبالغ خيالية كثيرة منها سيارات متضررة يجري إصلاحها محلياً أو في دبي أو الأردن وهذا يضر بالعراق.
اقتصاديون عراقيون رأوا بأن "قرار منع استيراد السيارات يمثل خطوة مهمة نحو الحفاظ على العملة الصعبة حتى لا تغادر البلاد لتصب في مصلحة الدول وتضر الاقتصاد العراقي".
ويؤكد المختصون في الشأن الاقتصادي، أن "تقريرًا أصدره البنك المركزي العراقي أظهر أن قيمة ما يستورده العراق من الولايات المتحدة الأميركية فيه نسبة كبيرة عبارة عن قيمة مشتريات سيارات".
تمر تلك السيارات بعد التلاعب بموديلاتها عبر ميناء البصرة جنوباً، أو من خلال المعبر البري من الأردن بمحافظة الأنبار غرب البلاد، أو من خلال تجار يقومون بجمع تلك السيارات التي تتعرض لحوادث أو ضرر من دول خليجية أو عربية وحتى أوروبية وتوريدها للبلاد عبر ميناء العقبة الأردني، او ميناء ام قصر.
المتعقب لتلك المافيات اتي تحاول ضرب عمليات تنظيم الاستيراد والارتفاع بجودة الوارد من السيارات بموديلات حديثة تلائم البيئة العراقية من المناشئ مباشرة، يكتشف علاقات بين نواب وتجار يرفعون شعار "إحياء السكراب" وهو الاسم الذي يطلق بينهم لتعريف تلك السيارات.
استغلت عصابات تھریب السيارات المتضررة قرار ھیئة المنافذ الحدودیة الذي جاء بناءً على اجتماع الھیئة المرقم 11 لسنة 2018 الذي أقر إدخال المركبات المستعملة ضمن المودیل وغير المتضررة.
ولكن ھذا القرار أدى الى تفعیل عصابات إدخال المركبات المتضررة والتي هي لیست ضمن المودیل بحجة إدخال مركبات مستعملة وغیر متضررة.
*الوهم
وتُوهِم عصابات تهريب "سيارات الوارد الامريكي" السوق المحلية والراغبين باقتناء سيارة بأن تلك السيارات تحمل مواصفات المتانة والجودة باعتبار أنها قادمة من الولايات المتحدة أو من كندا، غير أن تلك السيارات هي في الأصل آسيوية الصنع، بل يتم إغفال أنها سيارات تعرضت الى كوارث الفيضانات في كل من الولايات المتحدة وكندا.
ويُعد العراق في مقدمة البلدان التي تستورد السيارات المتضررة، من الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب تدني أسعارها، مقارنة بسعرها الحقيقي، إذ تخضع تلك السيارات للصيانة في بلد المنشأ أو في الأردن أو الإمارات قبل دخولها للعراق.
*رسالة
المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، كان قد وجه في وقت سابق، رسالة إلى الحكومة بضرورة إيقاف استيراد السيارات لمدة خمس سنوات بعد بلوغ عددها أكثر من ثمانية ملايين سيارة بنسبة ارتفاع بلغت 1.9 بالمئة خلال 2024 مقارنةً بنسبة 1.8 بالمئة في 2023.
وفي نهاية العام 2022، كشفت وزارة التخطيط، أن عدد السيارات في العراق وإقليم كردستان بلغ سبعة ملايين و460 ألف سيارة، في حين بلغ عددها سبعة ملايين و27 ألف سيارة عام 2021، مشيرة إلى أنه وبحسب إحصائية لها، هناك 126 سيارة لكل 1000 شخص، و127 سيارة لكل كيلومتر من الطرق المعبدة.
الى ذلك، يرى المختص الاقتصادي، عبد الرحمن الشيخلي، أن "الأموال التي تُجبى عبر الجمارك يفترض أن ترفد خزينة الدولة بإيرادات كبيرة، لكن لا يتم استغلالها في الموازنات المالية بسبب الفساد المستشري في جسد الدولة".
ويبين الشيخلي، أن "التخبط في ملف التعرفة الجمركية بات يؤدي إلى إمكانية تسجيل بعض المواد المستوردة كمواد غذائية وهي ليست كذلك لأن الغذاء معفي من الجمرك، وكذلك مستورد السيارات الحديثة والمستعملة يتم التعامل معه كما يُتعامل مع مستورد المكائن والمعدات الإنتاجية التي تعفى لكونها جزءا من المشاريع الاستثمارية المخفف عنها الضرائب".
ويختم بالقول، إن "التعرفة الجمركية للسيارات وغيرها من السلع والبضائع المستوردة تشكل أهم الروافد التمويلية للموازنات لو خلَت من الفساد والرشوة، ومن بين الممارسات الفاسدة في هذا القطاع هي اعتماد قاعدة بيانات تشمل الجميع حيث إن مستورد المواد الغذائية والسكائر والخمور يعامل في التحاسب الجمركي حسبما يقدّره موظف الجمارك في المنفذ الحدودي".
ويحذر مختصون من استمرار الاستيراد العشوائي للسيارات حيث يسبب ذلك خسائر سنوية كبيرة للعراق نتيجة الاستهلاك الكبير للبنى التحتية في البلاد على مختلف الأصعدة، إضافة لمساهمتها بشكل مباشر في عرقلة الوصول المريح إلى مقاصد المواطنين يوميا نتيجة الاختناقات المرورية وضيق الشوارع، كما تساهم في خروج العملة الصعبة من العراق وهو ما يدخل في خانة الضرر الاقتصادي الأكبر للعراق منذ سنوات.
*ارتفاع صادرات السيارات الامريكية المستعملة الى العراق
ارتفعت صادرات السيارات الامريكية المستعملة الى دول؛ العراق، الاردن، الامارات لتبلغ 25 ألف سيارة لشهر شباط لسنة 2024 وهو الاعلى على امتداد السنة الماضية، وذلك بحسب إحصائية اطلعت عليها شبكة "انفوبلس".
رئيس مؤسسة "عراق المستقبل" للدراسات والإستشارات الاقتصادية منار العبيدي، ذكر في منشور عبر صفحته على الفيسبوك، إن صادرات السيارات الامريكية المستعملة الى العراق مباشرةً وارتفعت لتتجاوز حاجز الـ 2000 سيارة شهريا لأول مرة، كما ارتفعت الصادرات الى الاردن لتبلغ 2137 سيارة في شهر شباط لسنة 2024، بينما أكبر سوق للسيارات الامريكية المستعملة كان الى الامارات العربية المتحدة إذ بلغ عدد السيارات المصدرة الى الامارات 21 ألف سيارة خلال المدة نفسها".
*الأمم المتحدة على الخط
وفي 2020، أفاد تقرير للأمم المتحدة بأن ملايين السيارات المستعملة الملوثة للبيئة بشدة في الدول الغنية يجري "كبّها" في الدول النامية.
وأضاف التقرير أن الفترة بين عامي 2015 و2018 شهدت تصدير أوروبا واليابان والولايات المتحدة نحو 14 مليون سيارة قديمة رديئة الجودة.
ومن هذه الكمية، بيعت أربع من كل خمس سيارات في دول أفقر، وذهب أكثر من نصفها إلى أفريقيا.
ويقول الخبراء إن نحو 80 في المئة من هذه السيارات لا تلبي الحد الأدنى من المعايير الخاصة بالسلامة والبيئة في الدول المصدرة.
وبالإضافة إلى تسبب هذه السيارات في حوادث، فإنها تفاقم من تلوث الهواء وتساهم بشكل كبير في تغير المناخ. كما تم التلاعب في الكثير من السيارات بإزالة مكونات قيمة منها.
ويقول التقرير، الذي نشره برنامج الأمم المتحدة للبيئة "يونيب"، إن الدول المصدرة والمستوردة بحاجة إلى وضع لوائح أكثر صرامة للحد من تدفق هذه السيارات.
وتنتعش سوق ملكية السيارات في شتى أرجاء العالم، حيث تشير تقديرات إلى وجود 1.4 مليار سيارة قيد الاستخدام، وهو رقم من المتوقع أن يصل إلى نحو ملياري سيارة بحلول عام 2040.
وتشهد دول نامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية جانبا كبيرا من هذا النمو.