جولة التراخيص النفطية الخامسة.. أرقام وتساؤلات عديدة: هل سينجح العراق في سد 25% من حاجته إلى الطاقة
انفوبلس/ تقرير
صادقَ مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء الماضي الموافق (السابع من شباط 2023)، على توصية المجلس الوزاري للطاقة (23015 ط لسنة 2023) التي تنصّ على "المضيّ بتوقيع عقود جولة التراخيص الخاصة بالرُّقع والحقول الحدودية (الجولة الخامسة) توقيعاً نهائياً وتفعيلها، لمضيّ فترة طويلة جداً على إحالتها".
وأكد نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة وزير النفط حيان عبد الغني، يوم الأربعاء الماضي الموافق (8/2/2023)، المضيّ بإجراءات التوقيع النهائية لعقود جولة التراخيص الخامسة الخاصة بالرقع الاستكشافية والحقول الحدودية والتعجيل بتفعيل العقود من أجل مباشرة الشركات الفائزة بأعمال تطوير الرقع الحدودية.
وقال عبد الغني في بيان، إنه وجّه دائرة العقود والتراخيص البترولية والجهات المعنية بالوزارة بالتعجيل في إتمام الاجراءات المطلوبة بالتنسيق مع الشركات الفائزة بجولة التراخيص الخامسة، بعد تعطيل الاجراءات لظروف خارج إرادة الوزارة، حيث تم الإعلان عنها في عام 2017 وفي أواخر شهر نيسان من العام 2018 تم اجراء الجولة والتي أثمرت عن إحالة (6) رقع استكشافية للتطوير من قبل الشركات الفائزة بالجولة".
ــ الحقول التي تمت احالتها إلى الشركات الأجنبية بموجب جولة التراخيص الخامسة:
*استكشاف وتطوير وإنتاج الرُّقعة الاستكشافية نفط خانة في محافظة ديالى إحالتها الى شركة (جيو جيد) الصينية.
*تطوير وإنتاج حقل الحويزة النفطي في محافظة البصرة، وإحالته الى شركة (جيو جيد) الصينية.
*تطوير وإنتاج حقل السندباد النفطي في محافظة البصرة وإحالته الى شركة (يو أي جي) الصينية
*تطوير وإنتاج حقول كلابات - قمر في محافظة ديالى وإحالتها الى شركة (نفط الهلال) الإماراتية.
*تطوير وإنتاج حقول الخشم الاحمر-انجانة في محافظة ديالى وإحالتها الى شركة (نفط الهلال) الإماراتية.
*استكشاف وتطوير وإنتاج الرقعة الاستكشافية خضر الماء في محافظة البصرة وإحالتها الى شركة (نفط الهلال) الإماراتية أيضا. بحسب وزارة النفط.
*شركة (جيو جيد) الصينية
Geo-jade Petroleum هي شركة سريعة النمو للتنقيب عن النفط والغاز وتطويرها، أسّسها رجال الأعمال والمهنيين الناجحين في الصين، الذين يطمحون إلى تكريس جهودهم لصناعة النفط والغاز. بدأت الشركة في الاستثمار في النفط والغاز منذ عام 2010 وبفضل قوتها المالية الجيدة وقدرتها القوية في مجال البحث والتطوير وشبكة الأعمال الواسعة، فإنها تدير الآن بشكل مستقل 6 مناطق استكشاف و3 كُتل تطوير، بمساحة إجمالية تقارب 30 ألف كيلومتر مربع.
شركة (يو أي جي) الصينية
High Growth Upstream Energy هي شركة تنقيب وإنتاج مستقلة رائدة مُدرجة في بورصة هونغ كونغ. وأنشأت UEG نفسها كشركة طاقة دولية مرموقة متخصصة في استكشاف وتطوير وإنتاج وتشغيل النفط والغاز مع الاهتمام بصناعة الطاقة المتجددة. يقع المقر الرئيسي للشركة في هونغ كونغ ولديها شركات تابعة أو وجبات فطور وغداء في الصين والإمارات العربية المتحدة وباكستان والعراق ومصر. هناك 1910 موظفين بدوام كامل يعملون في UEG بدرجة عالية من التدويل والاحتراف.
*شركة (نفط الهلال) الإماراتية
"نفط الهلال" هي شركة تابعة ومملوكة بالكامل لـ"مجموعة الهلال"، وهي أول شركة خاصة تعمل في قطاع استكشاف وإنتاج النفط والغاز في منطقة الشرق الأوسط، وتمتد خبرة "نفط الهلال" لأكثر من 40 عاماً كمشغّل دولي في عدد كبير من الدول بما فيها مصر وباكستان واليمن وكندا ومونتنيغرو وتونس والأرجنتين، بالإضافة إلى عملياتها القائمة في الإمارات العربية المتحدة والعراق. تتخذ شركة "نفط الهلال" من إمارة الشارقة في الإمارات العربية المتحدة مقراً لها، كما تمتلك مكاتب دولية في المملكة المتحدة وثلاثة مواقع في العراق إلى جانب مكاتبها الفرعية في مصر والبحرين.
*تفاصيل الجولة
قال المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط عاصم جهاد، إنه "تم توقيع عقود بالأحرف الأولى مع الشركات الفائزة ومن ثم إحالتها الى مجلس الوزراء/ لجنة شؤون الطاقة لغرض إقرارها والمصادقة عليها في الاسبوع الثاني من حزيران 2018". مضيفا، إن "المجلس الوزاري للطاقة أصدر قرارا بالرقم (8) لسنة 2020 تضمن التوصية بعرض جولة التراخيص الخامسة على مجلس الوزراء بعد أن تم استيفاء ملاحظات ديوان الرقابة المالية الاتحادي".
وأضاف، إن "مجلس الوزراء أصدر قراره المرقم (21) لسنة 2020 والمتضمن إقرار توصية رقم (4) من قرار المجلس الوزاري للطاقة (8 لسنة 2020) بشأن الموافقة على عقود جولة الحقول والرُّقع الحدودية (الجولة الخامسة)".
كما أشار جهاد إلى أن "معدلات الإنتاج اليومية المتوقعة من عقود الجولة تصل الى (1000) مليون قدم مكعب قياسي باليوم من الغاز المصاحب مضافا إليها كميات من النفط الخام بحدود (175) ألف برميل باليوم، مما سيُسهم في تجهيز محطات توليد الطاقة الكهربائية ما نسبته (25%) من احتياجات وزارة الكهرباء من الغاز".
لكنّ ما يُطرح للتساؤل، هو الحجم الكبير من الغاز المصاحب الذي يتحدث عنه المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد والذي سيصاحب إنتاج 175 ألف برميل نفط يوميًا، حيث إنّ العراق ينتج أكثر من 4 ملايين برميل نفط يوميًا اليوم ويبلغ الغاز المصاحب مع هذه الكمية من إنتاج النفط 2700 مقمق يوميًا، ولا يصل بأحسن الأحوال إلى 3 آلاف مقمق يوميًا، ما يعني أنّ إنتاج 1000 مقمق من الغاز المصاحب يخرج مع إنتاج أكثر من مليون برميل نفط على الأقل، وليس 175 ألف برميل.
وفي حسابات أدق، يظهر موقع وزارة النفط على سبيل المثال، آخر إحصائية عن إنتاج النفط وكمية الغاز المصاحب المنتج معه والتي تعود لشهر أيلول/سبتمبر 2021، ويظهر الجدول الذي اطلع عليه "انفوبلس"، أنّ إنتاج النفط الكلي في ذلك الشهر، بلغ 4.093 مليون برميل يوميًا، بالمقابل، بلغ الغاز المصاحب المنتج مع النفط 2879 مقمق يوميًا، وبلغ المحروق منه 1507 مقمق، ما يعني أنّ المستثمَر بلغ أكثر من 1300 مقمق يوميًا.
وبعيدًا عن كمية المستثمَر والمحروق، يظهر بشكل جليّ أن إنتاج أكثر من 4 ملايين برميل نفط يوميًا ينتج بشكل مصاحب له أقل من 2900 مقمق يوميًا فقط. وبعملية حسابية، فإنّ كل 1420 برميل نفط يُنتج معه "مقمق واحد"، أي مليون قدم مكعب قياسي.
ووفقًا لذلك، فإنّ إنتاج 175 ألف برميل يوميًا وفق جولة عقود التراخيص الخامسة، من المفترض أن ينتج أقل من 125 مقمق يوميًا، وليس ألف مقمق يوميًا، كما يقول المتحدث باسم وزارة النفط عاصم جهاد، أي أنّ ما يُنتج وفق حقيقة الأرقام يعادل 12% فقط مما يتحدث عنه المتحدث باسم النفط.
يُشار إلى أن جولة التراخيص الخامسة قد واجهت العديد من ردود الأفعال التي أثارتها جهات سياسية ووسائل إعلام، مما عطّل تنفيذها لأكثر من أربع سنوات مُخلّفةً خسائر وأضراراً جسيمة بالصناعة النفطية والاقتصاد العراقي، وفق ما ذكره مسؤولون في وزارة النفط.
وعرضت وزارة النفط تفاصيل واهداف جولة التراخيص الخامسة على الجهات القضائية وديوان الرقابة المالية وهيئة النزاهة بعد ما أُثير ضدها، وقد تمت مراجعتها حيث تم الإقرار بصحة اجراءات الوزارة.
*أرقام وتساؤلات "عديدة"
قال النائب الأسبق في البرلمان العراقي، عمار طعمة، في بيان، "نبدي اعتراضنا على قرار مجلس الوزراء بالموافقة على توصية المجلس الاقتصادي للطاقة، بتوقيع عقود جولة التراخيص الخامسة، ونوضح مبررات الاعتراض وفق المعلومات أدناه:
1. تم الإعلان عنها من قبل وزارة النفط في تشرين الثاني ٢٠١٧ قبل الانتخابات البرلمانية بستة أشهر .!
2. جرت عملية التنافس بجولة التراخيص الخامسة بتاريخ ٢٠١٨/٣/٢٩، قبل الانتخابات البرلمانية بأسبوعين تقريباً.
3. بتاريخ ٢٠١٨/٦/٤ تم التوقيع بالأحرف الأولى على عقود جولة التراخيص الخامسة وهي فترة تصريف أعمال الحكومة.
4. قرار المجلس الوزاري للطاقة بتاريخ ٢٠٢٠/١/١٣ المتضمن التوصية بعرض جولة التراخيص على مجلس الوزراء وهي فترة تصريف أعمال للحكومة المستقيلة الأخرى !!.
5. قرار مجلس الوزراء وهو حكومة تصريف الأمور اليومية (بتاريخ٢٠٢٠/١/٢١) المتضمن إقرار توصية المجلس الوزاري للطاقة بشأن الموافقة على عقود جولة التراخيص الخامسة وتشمل (١١) رقعة استكشافية وحقلاً نفطياً وغازياً.
6. ثم تراجعت وزارة النفط في الحكومة المستقيلة فأجّلت تفعيل مصادقة مجلس الوزراء على جولة التراخيص الخامسة.
7. يذكر التقرير الفني المرفق الذي زودتنا به الوزارة في جلسة استماع نيابية في الدورة الرابعة رأي شركة نفط البصرة وينص على (يمكن تطوير بعض الحقول من قبل الجهد الوطني – حقل السندباد – بشرط توفير التخصيصات المالية، وكذلك رأي شركة نفط الوسط علّلت عدم قدرتها على تطوير حقولها لعدم توفّر التخصيصات المالية اللازمة ولم يعتذرا من الناحية الفنية، علما أن معدّل موازنة وزارة النفط الاستثمارية السنوية تقارب ١٤ تريليون دينار عراقي وهي كافية لتمويل هذه المشاريع بإدارة من الجهد الوطني العراقي).
8. بعض الشركات الفائزة بالعروض قدّمت نسبة أرباح تنقص عن عرض الوزارة بمقدار ضئيل جداً يثير الشكوك عن اتفاقات مسبقة، ففي حين كان الحد الأقصى لنسبة العائد المحدّد من الوزارة للشركة الراغبة بالتعاقد تبلغ ٢٠٪ من نسبة مجموع أرباح الشريك الحكومي والشريك الأجنبي، قدمت إحدى الشركات نسبة ربح (١٩،٩٩٪)، وفي عرض آخر كان الحد الأقصى المحدد من الوزارة (٧،١٦٪) قدمت نفس تلك الشركة التي ربحت العرض نسبة (٧،١٥٪) .
9. معادلة الموديل الاقتصادي تتمثل بمجموعة خطوات:
أ- يُستقطع ٢٥٪ من مجموع الإيرادات المتحققة من بيع النفط المستخرج من الحقل بعنوان (ريع) يذهب للخزينة العامة للدولة.
ب- ما تبقى (٧٥٪) من مجموع الإيرادات يُستقطع منه نسبة معينة لتغطية الكُلَف البترولية المصروفة من قبل المقاول لتطوير المشروع والتي يفترض أن يستوفيها قبل نهاية مدة العقد.
ج- وما يتبقى من احتساب الفقرة (ب) يُضرب في النسبة المئوية لربح الشركة الأجنبية (وهي تختلف من عقد لآخر فبعضها يقارب ٢٠٪، وبعضها يقارب ١٥٪ وبعضها أقل من ذلك).
د- ثم يُطرح من نسبة ربح الشركة الأجنبية ٣٥٪ بعنوان ضريبة الدخل.
هـ- ما ذُكر من استقطاع في الفقرة (ب) لتسديد الكلف البترولية يفترض أنه يتنازل وينخفض مع سنوات عمل الشركات حتى يصل إلى مستوى قليل جداً، ولكن تبقى نسبة ربح الشركة الأجنبية ثابتة من مجموع أرباح الشريك الحكومي والشركة الأجنبية، وهذا يعني بمرور السنوات ستزداد بشكل مضاعف قيمة نسبة أرباح الشركة الأجنبية وهذا خلل يُسجل على معادلة العقد المقترحة وبقية عقود جولات التراخيص السابقة.
10. تذكر دراسات جولة التراخيص الخامسة أن كلف تطوير الحقل التي تدفعها الدولة للشركات الأجنبية على سبيل المثال (عقد مدّته عشرون سنة، كُلَف تطوير الحقل ثلاثة مليارات بمعدل مائة وخمسين مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ يتيسّر على وزارة النفط أن توفره للجهد الوطني مع موازنة استثمارية سنوية لها تبلغ ( ١٣-١٦) تريليون دينار عراقي، وتجني الدولة الأرباح العالية التي يحصلها الشريك الأجنبي، فلماذا تذهب الدولة لعقود جولات التراخيص؟ خصوصاً وأن تجربة حقل مجنون أثبتت بعد انسحاب شركة (شل) منه قدرة الجهد الوطني على إدارة الحقول بنجاح، وإذا توجد حاجة لخبرات فيمكن إبرام عقود خدمة مع خبراء متخصصين لدعم هذه المشاريع الوطنية.
11. بل بعض كُلف تطوير الحقول المذكورة في الدراسات الفنية لوزارة النفط تبلغ ثلاثة مليارات دولار لعقد مدته (٣٤) سنة، بمعدل سنوي يبلغ (٨٨) مليون دولار وهو مبلغ يسير جداً بالقياس لموازنة وزارة النفط الاستثمارية مع وجود كادر وجهد وطني يتمكن من إدارة تلك العمليات بنجاح، فلا يبقى مبرر للذهاب إلى عقد جولات تراخيص جديدة تكرر خسائر التجارب السابقة وتمنح الشركات الأجنبية أرباحاً خيالية.
12.وعند الاطلاع على المبالغ المرصودة سنوياً لشركات جولات التراخيص السابقة يتضح منها وكأنها عقود مشاركة ومجحفة جداً بالعراق ونذكر أمثلة تؤيد ذلك:
أ-بلغت المستحقات المرصودة لشركات جولات التراخيص عام ٢٠١٧ (١٦) ترليون وتساوي ٢٢٪ من مجموع الإيرادات النفطية الفعلية لنفس السنة البالغة (٧٢) تريليون دينار.
ب- وبلغت لعام ٢٠١٨ (١٣) تريليون دينار وتساوي ١٣٪ من مجموع الإيرادات النفطية الفعلية لنفس السنة البالغة (٩٩) تريليون دينار.
ج- وبلغت عام ٢٠١٩ (١١،٨) تريليون دينار وتساوي نسبة ١٢٪ من مجموع الإيرادات النفطية الفعلية لنفس السنة والبالغة (٩٣) تريليون دينار.
د- وتقترح موازنة ٢٠٢١ التي ناقشها البرلمان قبيل نهاية دورته، دفع (١٣) تريليون دينار لشركات جولات التراخيص وهي تساوي نسبة ١٨٪ من مجموع الإيرادات النفطية المتوقَّعة لنفس السنة البالغة (٧٢) تريليون دينار (حسب السعر المسجّل في قانون الموازنة لبيع النفط).
١٣. ولو دققنا في الأرقام لوجدنا أن عقود جولات التراخيص باشرت نشاطها من خط شروع كان إنتاج النفط بجهد وطني بحدود (٢،١) مليون برميل يومياً، بمعنى أن تلك النسب من مستحقاتهم بالقياس لقيمة إيرادات العراق النفطية الناتجة من مباشرتهم للعمل ستزداد إلى ما يقارب (٤٠٪) من مجموع إيرادات النفط العراقي في سنة ٢٠١٧ وتصل إلى نسبة (٢٤٪) في سنة ٢٠١٨، وتصل إلى نسبة (٢٣٪) في عام ٢٠١٩، وتقترح في سنة ٢٠٢١ ما يساوي نسبة (٣٥٪) من مجموع الإيرادات النفطية العراقية الناتجة من مباشرتهم للعمل.. وهذه الصيغة أقرب لعقود الشراكة في النفط العراقي منها لعقود الخدمة".