كيف يرمى أكثر من 50 مليون لتر بنزين يوميًا كمخلفات في العراق؟
أنفوبلس/..
يتفق خبراء الطاقة في العراق على رداءة المنتجات النفطية التي يكررها العراق وضرورة تطوير المصافي، وبالرغم من أنّ قلة إنتاج المشتقات النفطية في العراق واضطراره لاستيرادها ولا سيما البنزين والكَاز تعزى لـ"قلة المصافي"، لكن قلّة كفاءة المصافي في العراق قد تكون ذات التأثير الأكبر بعدم تحقيق العراق لاكتفائه من المشتقات النفطية، وقيامه بتصدير نفطه خامًا بدلًا من تكريره وبيعه للعالم على هيئة مشتقات نفطية تكون ذات جدوى اقتصادية أعلى.
العراق يرمي 80% من المشتقات "كمخلفات"
قلّة كفاءة المصافي، ربما تتوضح أكثر بلغة الأرقام، حيث تظهر حسابات، أنّ الطاقة التكريرية لمصافي العراق من المفترض أن توفر أكثر من 80 مليون لتر بنزين يوميًا دون إضافة المصافي الجديدة، إلا أنّ ما ينتجه العراق فعليًا يبلغ 15 مليون لتر فقط، أي أقل بنحو 80% من الرقم الإنتاجي المفترض.
برميل النفط الخام الواحد يمكن أن ينتج 73 لترًا من البنزين
وبصورة أوضح، أعلنت وزارة النفط في 2020 عن رفع الطاقة التكريرية للمصافي في العراق إلى 800 ألف برميل يوميًا، ما يعني أنّ 800 ألف برميل يوميًا من النفط الخام تدخل إلى المصافي وتكريرها للحصول على المشتقات النفطية منها كبنزين وزيت الغاز (كَاز) وكيروسين ونفط أسود وغيرها من المشتقات، وفي حينها أكدت الوزارة أنّ إنتاج البنزين اليومي بلغ 15 مليون لتر.
ووفق المتعارف عليه في قطاع التصفية، فإنّ كل برميل نفط خام يمكنه إنتاج 73 لترًا من البنزين، وعلى هذا الأساس؛ أنّ تكرير مصافي العراق لـ800 ألف برميل يوميًا، من المفترض أن ينتج نحو 59 مليون لتر يوميًا، فيما لم يكن ينتج العراق سوى 15 مليون لتر يوميًا، وهي إشارة واضحة على أنّ "سوء الكفاءة الاستخلاصية لمصافي العراق" تبلغ 75%، أي أن المصافي العراقية أنتجت 25% فقط من البنزين الذي من المفترض إنتاجه من تكرير 800 ألف برميل يوميًا.
وفي إعلان جديد صدر عن أوبك قبل يومين، فأنّ العراق شهد "قفزة ملحوظة" في إضافات الطاقة التكريرية ليكون ثاني أكبر منتج للطاقات التكريرية بعد السعودية، حيث بلغت الطاقة التكريرية للعراق 1.116 مليون برميل يوميًا في العام 2021 مرتفعة من 828 ألف برميل يوميًا في العام 2020 ليكون العراق ثاني أكبر منتج للطاقات التكريرية في منظمة "أوبك".
وجاءت الزيادة التكريرية للعراق، بحسب تقرير أوبك بفعل تحسينات في مصافي بيجي والبصرة، حيث أضافت مصفاة بيجي، التي تعرضت لأضرار أثناء استيلاء تنظيم "داعش" عليها، 87 ألف برميل في اليوم، لترتفع طاقتها إلى 140 ألف برميل في اليوم، وأضافت مصفاة البصرة 70 ألف برميل في اليوم لترتفع طاقتها إلى 350 ألف برميل في اليوم.
60 مليون لتر من البنزين "تترك" في النفط الأسود
وتكرير 1.116 مليون برميل يوميًا، ينبغي أن ينتج نحو 82 مليون لتر بنزين، ونحو 43 مليون لتر يوميًا من الكَاز، ونحو 7 مليون لتر يوميًا فقط من زيت الوقود أو "النفط الأسود"، إلا أنّ ما يحصل في الحقيقة وبسبب كفاءة الاستخلاص في المصافي العراقية البالغة 25% فقط، فإنّ العراق ربما لن ينتج حاليًا أكثر من 20 مليون لتر يوميًا، مقارنة بـ15 مليون لتر كان ينتجها بتكرير أكثر من 800 ألف برميل يوميًا.
ولفهم ما يحصل بشكل أوضح، فأن نحو 60 مليون لتر يوميًا من البنزين لا يتم استخراجها بالكامل من النفط الخام وتترك لتكون "كمخلفات" على هيئة نفط أسود "زيت وقود"، حيث أنّ التصفية الجيدة يجب أن تستخلص جميع المنتجات النفطية ولا تبقي في النفط الخام من كل برميل سوى 6 لترات من النفط الأسود، لكنّ ما يحصل هو أن العراق ينتج 50 ألف متر مكعب نفط أسود بتكرير 800 ألف برميل، بحسب تصريح وزارة النفط في 2020، ما يعني 50 مليون متر مكعب، أي أكثر من 62 لترًا نفط أسود من كل برميل، فيما يجب أن يكون الإنتاج من النفط الأسود 6 لترات فقط من كل برميل بعد أن يتم تكريره بشكل جيد واشتقاق المنتجات الجيدة كالبنزين والكيروسين، بينما تذهب الكميات الكبيرة من النفط الأسود
بين استهلاك محلي وتشغيل محطات كهرباء ويباع بسعر مدعوم إلى المعامل، وجزء منه يصدر بأسعار أقل بقليل جدًا من قيمة ما يضمه النفط الأسود من عشرات ملايين اللترات من مشتقات البنزين وغيرها من المنتجات.
إنتاج يغطي استهلاك العراق 260%.. وفائض يدخل 1.5 دولار شهريًا في حال تصديره
ولذلك، فإنّ إنتاج العراق من مصافي التكرير معظمه عبارة عن نفط أسود، وهي مادة مازالت لم تستخلص جيدًا وتحتوي عشرات الملايين من لترات البنزين والكيروسين والكَاز التي يستورد العراق أكثر من 15 مليون لتر منها يوميًا.
ويشير الأمر بشكل واضح إلى أنّ كفاءة الاستخلاص المتدنية لمصافي العراق، أفقدت العراق 60 مليون لتر من البنزين يوميًا، وهي كمية تعادل مع الـ20 مليون لتر من البنزين التي تنتجها المصافي يوميًا، قرابة 260% من استهلاك العراق من البنزين يوميًا والبالغة قرابة 30 مليون لتر يوميًا.
عدم كفاءة المصافي العراقية تفقد البلاد نحو 60 مليون لتر من البنزين يوميًا
والمصافي العراقية لو عملت بطاقة كفاءة استخلاصية عالية، فأنها ستغطي استهلاك العراق من البنزين يوميًا، ويتبقى فائض من البنزين يبلغ 50 مليون لتر يوميًا يمكن تصديره إلى العالم الذي يشهد ارتفاعًا كبيرًا بأسعار البنزين، حيث بلغ أكثر من دولار للتر الواحد عالميًا، ما يعني أن العراق يمكن أن يحصل جراء تصدير 50 مليون لتر بنزين يوميًا، على 50 مليون دولار يوميًا، أو 1.5 مليار دولار شهريًا فقط من البنزين، ما عدا المشتقات الأخرى، وهو رقم يعادل تصدير 15 مليون برميل نفط خام خلال شهر، بينما يمكن الحصول على هذا الرقم جراء تصدير نحو 313 ألف برميل فقط من البنزين خلال شهر، لكون سعر البنزين أعلى من النفط الخام، الأمر الذي يعكس جدوى اقتصادية عالية.