العراق يتجه نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي بالكهرباء عبر الغاز المحلي والطاقة المتجددة

انفوبلس/..
يعاني العراق منذ عقود من أزمة كهرباء مزمنة، حيث يتراوح الإنتاج الحالي بين 19 و21 ألف ميغاواط، بينما يتجاوز الطلب الفعلي 30 ألف ميغاواط، خاصة خلال فصل الصيف.
هذا النقص الحاد دفع البلاد إلى الاعتماد بشكل كبير على استيراد الغاز من الخارج، مما يشكل عبئًا اقتصاديًا ويؤثر على استقرار إمدادات الطاقة.
في إطار الجهود المبذولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الكهرباء، أعلنت الحكومة العراقية عن خطط طموحة لزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية بالاعتماد على الوقود المنتج محليًا، مثل محطة ميسان التي أُنشئت حديثًا وتُغذي الشبكة الوطنية بـ750 ميغاواط، معتمدة على الغاز المستخرج من حقول ميسان، بالإضافة إلى ذلك، تم تشغيل محطات غازية في السماوة والناصرية وسامراء، مما أسهم في رفع الإنتاج الوطني من الكهرباء.
علاوة على ذلك، يعمل العراق على زيادة إنتاج الغاز المحلي من خلال التعاقد مع شركات دولية، مثل شركة بيكر هيوز الأميركية، لاستثمار الغاز المصاحب من حقلي الناصرية والغرّاف، وهذه الجهود تهدف إلى تقليل الاعتماد على واردات الغاز وتحقيق استقلالية أكبر في قطاع الطاقة.
بالإضافة إلى المشاريع المحلية، يسعى العراق لتعزيز الربط الكهربائي مع دول الجوار، مثل تركيا والسعودية والأردن، بهدف تنويع مصادر الطاقة وضمان استقرار الإمدادات. هذه الخطوات مجتمعة تعكس التزام العراق بتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الكهرباء وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مما يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي وتلبية احتياجات المواطنين من الطاقة.
تحقيق الاكتفاء الذاتي
يستعد قطاع الكهرباء في العراق لتحقيق طفرة مهمة في مشروعات المنظومة، من خلال الاعتماد على الوقود المنتج محليًا، وهو ما يؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة.
وبحسب تصريحات لوزير الكهرباء المهندس زياد علي فاضل، اليوم الأحد 6 أبريل/نيسان (2025)، فإن الوزارة تواصل تنفيذ مشروعات تعتمد على الوقود المحلي.
وأضاف فاضل، أن الخطة الحكومية الخاصة بتطوير قطاع الكهرباء في العراق تركّز على الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من الطاقة، وعدم الاعتماد على مصادر الوقود المستوردة التي تسبّبت في وضع منظومة الكهرباء في أزمة على مدى السنوات الأخيرة.
وزير الكهرباء: تنويع مصادر الكهرباء في العراق يُعدّ خطوة أساسية ورئيسة، لخدمة المستهلك والمنظومة الكهربائية في البلاد بوجه عام
ولفت وزير الكهرباء إلى أن تنويع مصادر الكهرباء في العراق يُعدّ خطوة أساسية ورئيسة، لخدمة المستهلك والمنظومة الكهربائية في البلاد بوجه عام، داعيًا المواطنين -في الوقت نفسه- إلى ضرورة تنويع مصادر الطاقة.
محطات كهرباء جديدة
تتضمّن خطة وزارة الكهرباء في العراق التي تنفّذها ضمن الخطة التي وضعتها الحكومة منذ تشكيلها، إنشاء محطات كهرباء جديدة تعتمد على الوقود المحلي، بوصفه بديلًا للوقود المستورد من الخارج، الذي يأتي من مصادر أبرزها إيران.
وأكد وزير الكهرباء المهندس زياد علي فاضل، أن وزارته تواصل في الوقت الحالي تنفيذ المشروعات التي تعتمد على الوقود المحلي لتوليد كميات كبيرة من الكهرباء في البلاد، وفق التصريحات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ولفت الوزير إلى أن وزارة النفط تعمل حاليًا على استثمار الغاز المحلي، وهو ما سيؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة في البلاد، إذ إن هذا التوجه الحكومي الكبير من شأنه أن يُسهم في تحسين تجهيز الكهرباء في العراق واستقرارها.
بالإضافة إلى مساعي دعم قطاع الكهرباء في العراق بالوقود المنتج محليًا، تتواصل جهود الحكومة لزيادة عدد محطات التوليد من خلال مصادر الطاقة المتجددة، وأهمها الطاقة الشمسية، بالتعاون مع عدد من الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال.
وتُشكّل الطاقة الشمسية أحد الحلول الاستراتيجية لأزمة الكهرباء لدى بغداد، إذ كشف وزير النفط حيان عبد الغني، في 1 أبريل/نيسان الجاري عن خطة مشتركة بالتعاون مع وزارة الكهرباء لإنتاج 12 ألف ميغاواط من الطاقة النظيفة بحلول نهاية العقد الحالي (2030).
وتعمل وزارة النفط، وفق الوزير، مع وزارة الكهرباء على تنفيذ خطة مشتركة، تستهدف زيادة إنتاج الطاقة الشمسية إلى أكثر من 5 آلاف ميغاواط في المرحلة الأولى منها، وصولًا إلى إنتاج 12 ألف ميغاواط من الطاقة النظيفة في المرحلة الأخيرة.
معالجة أزمة الكهرباء في العراق
وكان الخبير الدولي في شؤون الطاقة، وزير الكهرباء الأسبق، الدكتور لؤي الخطيب، قد استعرض أسباب المشكلات القائمة في ملف الكهرباء في العراق، وطرح حلول جوهرية من شأنها إنهاء أزمة الطاقة في البلاد.
وقدّم الخطيب 8 حلول أساسية لمعالجة أزمة الكهرباء في العراق، التي يرى أنها السبيل الوحيد لإنهاء المشكلة بصورة مستدامة، وهي كالآتي:
1. إعادة هيكلة الدعم الحكومي: يجب أن يقتصر الدعم على الفئات المستحقة فقط، وليس متاحًا للجميع، وذلك من خلال تضمينه في رواتب الرعاية الاجتماعية، ما يُسهم في تقليل الهدر المالي للدولة.
2. أتمتة الجباية: فرض الجباية على جميع المستهلكين دون استثناء، وبقوة القانون، لضمان تحصيل مستحقات الدولة وتحقيق العدالة في توزيع الطاقة.
3. إلغاء الخطوط الخاصة والطوارئ: باستثناء المستشفيات، ومشروعات المياه، والمطارات، والأجهزة الأمنية، لضمان عدالة التوزيع وتقليل الهدر.
4. مكافحة التجاوزات على الشبكة الوطنية: من خلال رفع جميع التوصيلات غير القانونية وإعطاء مهلة شهرَيْن لتصحيح الأوضاع، ثم فرض عقوبات صارمة على المخالفين.
5. فرض غرامات وعقوبات رادعة: تشمل غرامات مالية وعقوبات تصل إلى السجن لكل من يخالف الإجراءات الحكومية أو يسرق التيار الكهربائي.
6. قطع التيار عن الممتنعين عن الدفع: يجب فرض غرامات مضاعفة على المستهلكين المتأخرين عن تسديد الفواتير، لضمان التزام الجميع بدفع المستحقات.
7. تشجيع الاستثمار في الطاقة الشمسية: من خلال السماح للأفراد بتركيب منظومات شمسية وشراء الحكومة للفائض منها، وفق قانون ينظّم العملية.
8. إلزام الأبنية الجديدة بمواصفات موفّرة للطاقة: على البلديات فرض شروط تتعلّق باستعمال مواد بناء صديقة للبيئة وأجهزة كهربائية اقتصادية، لضبط مستوى الاستهلاك والطلب على الطاقة.
إصلاحات أخرى ضرورية
إلى جانب هذه الحلول، لفت الخطيب إلى ضرورة الإسراع في تنفيذ مشروعات استثمار الغاز المصاحب، مشيرًا إلى أن العراق يحرق يوميًا نحو 1.4 مليار قدم مكعبة من الغاز، وهو ما يمكن استغلاله لتوليد الكهرباء وتقليل الحاجة إلى الاستيراد.
ولفت إلى أهمية تطوير شبكة الأنابيب الناقلة للنفط وإجراء صيانة دورية لخطوط التصدير البحرية، لتجنّب أي أزمة مستقبلية قد تؤثر في عائدات العراق المالية، التي يمكن استعمالها في تطوير البنى التحتية للطاقة.
وأشار الخطيب إلى أن إنشاء منصات عائمة لاستيراد الغاز المسال يُعدّ خطوة جيدة، لكنه حذّر من أن تنفيذها يحتاج إلى وقت طويل واستثمارات ضخمة، ما يتطلّب تخطيطًا دقيقًا لضمان عدم تأخير المشروعات الحيوية.
توقيع أكبر اتفاقيتَي كهرباء بالعراق
شهد قطاع الطاقة في بغداد تطورًا مهمًا مع توقيع أكبر اتفاقيتَي كهرباء في تاريخ العراق؛ إذ أعلنت وزارة الكهرباء شراكات استراتيجية مع شركتي جنرال إلكتريك الأميركية وسيمنس الألمانية، تهدف إلى تعزيز قدرات الشبكة الكهربائية في البلاد.
وتأتي هذه الاتفاقيات في إطار خطة شاملة لتحسين البنية التحتية الكهربائية، وتلبية الطلب المتزايد على الكهرباء، لا سيما مع اقتراب فصل الصيف الذي يشهد ذروة الاستهلاك.
ووفقًا لتصريحات تلفزيونية رصدتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) أكد وزير الكهرباء العراقي، زياد علي فاضل، أن الاتفاقية مع جنرال إلكتريك تتضمّن مشروعات بقدرة 24 ألف ميغاواط، في حين تشمل الاتفاقية مع سيمنس مشروعات بقدرة 10 آلاف ميغاواط، مما يجعل هذه الشراكات الأضخم في تاريخ البلاد من ناحية حجم الإنتاج المستهدف.
وأضاف الوزير، أن هذه الاتفاقيات تأتي ضمن استراتيجية الحكومة لتحسين إمدادات الكهرباء وتقليل الاعتماد على واردات الكهرباء والغاز من الخارج، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه العراق على هذا الصعيد.