الهدف هو 20%.. العراق يسعى لتعزيز إيراداته غير النفطية.. كيف سيتحقق ذلك؟
انفوبلس..
قال مظهر صالح المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء، إن الحكومة تسعى إلى رفع الإيرادات غير النفطية إلى 20% خلال السنوات المقبلة، مبيناً أن معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ارتفع ليلامس 6% سنوياً، فيما أشار إلى أن هناك انضباطاً عالياً في التحصيل الضريبي والكمركي بعد إدخال العمليات الرقمية والأتمتة.
وأوضح صالح، إن “هناك مسارين في ارتفاع الإيرادات غير النفطية التي شهدت تبدلاً كبيراً بمساهمتها في موارد الموازنة العامة الاتحادية، وعلى النحو الذي أشار إليه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني”، مبيناً أن “المسار الأول هو ارتفاع معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ليلامس 6% سنوياً، ويعد قفزة في تطور النشاطات المنتجة لقطاعات الاقتصادات من خارج النفط، يُتوّجها قطاع النقل وتكنولوجيا الاتصالات الرقمية والسكن والتشييد والبنية التحتية والزراعة والتحول الصناعي الواضح”.
وأضاف، إن “المسار الآخر هو التطور الحاصل في موارد الموازنة العامة من غير مورد النفط جراء الانضباط العالي في التحصيل الضريبي والكمركي بعد إدخال العمليات الرقمية والأتمتة والتوسع في ملامسة الأوعية الضريبية المهملة”، لافتاً إلى أن “التقدم الحاصل ينسجم والبرنامج الحكومي بالسعي برفع حصة الإيرادات غير النفطية بمرور الوقت وضمن حزم الإصلاح الاقتصادي بجعلها 20% بدلاً من أقل من 10%”.
وأوضح صالح، إن “هذه المسألة ترتبط بالنمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من جهة وتعظيم موارد الموازنة مالياً من المصادر التقليدية الإيرادية سواء الضرائب المباشرة وغير المباشرة ومختلف الإيرادات الحكومية ذات الصلة، ما يولد علاقة تكاملية بين الاستدامة المالية والاستدامة الاقتصادية بمرور الوقت وهو هدف أسمى من أهداف البرنامج الحكومي”.
وفي وقت سابق من أيلول الماضي، قالت اللجنة المالية النيابية، إنها تتابع بالتنسيق مع وزارة التخطيط سبل معالجة نقص الإيرادات غير النفطية، حيث تُظهر المعطيات أن نسبة الضرائب الحكومية قليلة مقارنةً بحجم الاستيراد الذي يصل إلى 20 ترليون دينار.
نائب رئيس اللجنة إخلاص الدليمي ذكرت في تصريحات صحفية، إن "اللجنة اجتمعت مع وزارة التخطيط، وكان لديها بعض المقترحات بشأن تعظيم موارد الدولة المالية غير النفطية".
وأضافت، إن "المقترحات بحاجة إلى إسناد من اللجنة المالية، التي ستجتمع مع وفد من وزارة التخطيط لتبادل الآراء والمقترحات التي من شأنها أن تعظّم إيرادات الدولة غير النفطية".
وبينت، إن "نسبة الضرائب التي وضعتها الحكومة تُعد قليلة جدا ولا تتماشى مع حجم الاستيراد الذي يصل إلى 20 ترليون دينار تقريبا".
وتابعت، إن "هذا الحجم من الاستيراد ينبغي أن ترافقه ضرائب متناسبة مع حجمه، لكن بسبب التشريعات القديمة التي لا تنسجم مع رؤية الدولة ولا تتماشى مع عمل الهيئات الأخرى، فإن الحاجة تدعونا إلى مراجعة القوانين ودراستها".
وأشارت إلى إن "اللجنة المالية تتبنى هذا الموضوع، بتقديم دراسة شاملة تهدف إلى تعظيم الإيرادات غير النفطية، لاسيما الضرائب والجمارك".
وفي نيسان من العام الماضي، طلب رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، من وزرائه تقديم تقارير شهرية تتضمن الإيرادات غير النفطية التي يقومون باستحصالها شهرياً.
وخلال اجتماع أكد السوداني فيه، عزم الحكومة على تحرير الاقتصاد العراقي من الاعتماد المنفرد على النفط وتقلبات أسعاره في الأسواق العالمية، وهو هدف تحدّث عنه معظم المسؤولين منذ عقود.
ووفقاً للسوداني، فإن الحكومة تنوي تحرير الاقتصاد عبر “تنشيط باقي القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية الواعدة”.
ويمثل العراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، إذ يمتلك احتياطات هائلة من البترول، ويصدر أكثر من 3.3 ملايين برميل من النفط الخام يومياً.
وبلغت عائدات العراق النفطية لعام 2022 نحو 115 مليار دولار، وفقاً لبيانات وزارة النفط.
ولذلك تعتمد ايرادات البلاد بشكل كبير على العائدات النفطية، حيث تشكل إيراداتها ما نسبته 90%، أما الإيرادات الأخرى فتشكل 10% من الايرادات العامة فقط، وتنحصر مصادرها بين الگمارك والضرائب، في ظل كساد ملحوظ في قطاعات الزراعة والصناعة وصعوبة منافسة الأسواق الاقليمية، رغم محاولات محلية طموحة يمكن أن تبدأ بتحقيق الاكتفاء الذاتي في مواد استراتيجية مثل السمنت الذي حقق ذلك عام 2015، او غذائية مثل الحنطة التي حققت ذلك في عدد من المواسم قبل موجة الجفاف الاخيرة.
وذكرت مصادر، أن السوداني يريد متابعة الأمر كل شهر مع كل وزير، لأنه يعلم أن تعظيم الإيرادات غير النفطية هدف يبقى حبراً على ورق طوال سنوات وعقود، ومن خلال تقديم الوزارات تقارير شهرية حول ذلك ستتمكن الحكومة من تحليل ودراسة تلك الإيرادات بشكل أكثر دقة، مما سيسمح لها بوضع الخطط اللازمة لرفع الإيرادات، وصولاً إلى تقليل الاعتماد تدريجياً عن إيرادات النفط.
وبحسب الخطط الحكومية المعلنة حينها، فإن عوائد الإصلاحات المالية، بموجب خطة تحرير الاقتصاد من الاعتماد المنفرد على النفط، ستكون إيجابية على الاقتصاد الداخلي وستخلق فرص العمل الحقيقية وتنشيط القطاع الخاص، كما ستخلّص البلاد من تقلبات أسعار النفط العالمية مستقبلاً وتجنبها الوقوع في أزمات مالية، كما حصل عند تراجع أسعار النفط مع اتساع موجة كورونا عام 2020، عبر تنشيط باقي القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية أو المشاريع الكبرى الواعدة مثل ميناء الفاو الكبير والسكك الحديثة التي من المقرر أن تربط أسواق آسيا عبر شواطئ العراق، بالسوق الأوروبية.