بالأسماء والمعلومات.. نظرة معمقة حول حقول النفط المتضررة في كردستان جراء الهجمات
انفوبلس/ تقرير
تشهد صناعة النفط في إقليم كردستان، اضطرابات أمنية غير مسبوقة خلال الأيام الماضية، بعد سلسلة هجمات متكررة بطائرات مسيّرة استهدفت عددًا من الحقول النفطية الرئيسة في الإقليم، مما أدى إلى توقف الإنتاج في بعضها، وإلحاق أضرار بالبنية التحتية في أخرى، فماذا نعرف عن هذه الحقول؟ وما هي الأضرار والخسائر التي سُجلت حتى الآن؟
وبحسب بيانات وأرقام حصلت عليها شبكة "انفوبلس"، فإن الهجمات تسبّبت في تعطيل إنتاج نحو 130 ألف برميل يوميًا من إجمالي إنتاج الإقليم الذي يُقدَّر بنحو 250–300 ألف برميل يوميًا، ما يُمثّل خطرًا مباشرًا على قطاع حيوي يشكّل ركيزة أساسية لاقتصاد كردستان.
وطالت الهجمات -التي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها حتى الآن- 5 أبرز حقول النفط في إقليم كردستان، وهي: شيخان، وطاوكي، وبشكابير، وخورمالا، وسرسنك، وكلها تُعدّ من المشروعات الإستراتيجية التي تديرها شركات أجنبية وإقليمية في مناطق متفرقة من محافظة دهوك وقرب العاصمة أربيل.
حقول النفط في كردستان
تمثّل حقول النفط في كردستان المتضررة من الهجمات الأخيرة، العمود الفقري للإنتاج النفطي في الإقليم، سواء من ناحية الكمية أو الاحتياطيات المؤكدة أو البنية التحتية التصديرية.
وتوزّعت هذه الحقول على مناطق متعددة، منها ما يقع في محافظة دهوك قرب الحدود مع تركيا مثل طاوكي وبشكابير، ومنها ما يتمركز قرب أربيل مثل خورمالا وشيخان، ما يوضح اتساع رقعة التهديدات التي طالت المنشآت الحيوية بشكل غير مسبوق.
حقل شيخان
يُعد حقل شيخان من أبرز الاكتشافات النفطية في كردستان، ويقع شمال غربي أربيل، على بُعد نحو 60 كيلومترًا منها.
ويُشغّل الحقل من قبل شركة غلف كيستون بتروليوم (GKP) التي تملك حصة عمل تبلغ 80% بموجب عقد تقاسم إنتاج مع حكومة إقليم كردستان.
وتعرّض الحقل لهجوم بطائرات مسيرة، ما دفع الشركة إلى تعليق الإنتاج مؤقتًا، مع اتخاذ إجراءات احترازية لحماية العاملين.
ويُنتج الحقل نحو 40 ألف برميل يوميًا، وقد أُدرج ضمن قائمة الحقول غير المتصلة بالإنتاج عقب الهجوم.
حقل طاوكي
يُشكّل حقل طاوكي مع حقل بشكابير امتيازًا واحدًا تديره شركة النفط والغاز النرويجية "دي إن أو" (DNO) (75%) بالشراكة مع شركة "جينيل إنرجي" (Genel Energy) (25%)، ويقع في منطقة زاخو القريبة من الحدود التركية.
وحقل طاوكي من أقدم الحقول التي دخلت حيز الإنتاج في كردستان، منذ عام 2007، وينتج حاليًا قرابة 29 ألف برميل يوميًا. وقد أُوقف تشغيله بعد تعرّضه لانفجارات ناتجة عن هجوم بطائرات مسيّرة، رغم عدم تسجيل إصابات بشرية.
وتُقدّر الاحتياطيات القابلة للاستخراج في الحقل بما بين 150 و370 مليون برميل، ما يجعله أحد الأعمدة الأساسية في مشهد النفط لدى كردستان العراق.
حقل بشكابير
اكتُشف حقل بشكابير في عام 2016 وبدأ الإنتاج فعليًا في 2017، ويقع ضمن امتياز طاوكي، ويُدار من قبل "دي إن أو" أيضًا.
يُنتج حاليًا نحو 49-54 ألف برميل يوميًا، وبلغ إجمالي إنتاجه التراكمي حتى مارس/آذار 2023 أكثر من 100 مليون برميل.
وأُطلق في الحقل مشروع ضخم لحقن الغاز المصاحب عام 2020 بقيمة تقديرية بلغت 110 ملايين دولار، ما أسهم في تقليل الانبعاثات وتعزيز الضغط داخل الخزانات.
وأُدرج الحقل أيضًا ضمن قائمة المواقع المتضررة من الهجمات الأخيرة، وقد عُلّق العمل فيه لتقييم الأضرار.
حقل خورمالا
يقع حقل خورمالا على بُعد 35 كيلومترًا جنوب غرب أربيل، ويُعد امتدادًا جغرافيًا لحقل كركوك العملاق، لكنه يخضع لسيطرة حكومة إقليم كردستان منذ عام 2007، وتُشغّله مجموعة كار المحلية.
وتعرّض الحقل لهجوم مزدوج بطائرتَيْن مسيّرتَيْن، ما أدى إلى تضرر أنابيب المياه، دون معلومات مؤكدة عن الأضرار في المنشآت النفطية. ويُنتج حاليًا نحو 90–100 ألف برميل يوميًا، ما يجعله أكبر الحقول المتضررة من حيث الكمية.
ووفقًا لبيانات "غلوبال داتا" (GlobalData)، استعاد الحقل أكثر من 35% من احتياطياته القابلة للاستخراج، ومن المتوقع أن يصل إلى ذروة الإنتاج بحلول عام 2026، مع استمرار النشاط حتى عام 2065.
حقل سرسنك
يُدار حقل سرسنك من قِبل شركة "إتش كيه إن إنرجي" الأميركية (HKN Energy)، ويقع في قضاء شمانكي بمحافظة دهوك، وكان في طور التشغيل بقدرة إنتاجية تبلغ 30 ألف برميل يوميًا.
وتعرّض الحقل للهجوم يوم الثلاثاء 15 يوليو/تموز 2025، ما أدى إلى توقف الإنتاج بالكامل قبل ساعات من إعلان الشركة توقيع اتفاق تطوير لحقل آخر في العراق.
في حين أن التفاصيل الدقيقة حول جميع الحقول المتضررة قد لا تكون متاحة دائمًا، فإن التهديدات الأمنية تؤثر بشكل عام على عمليات الإنتاج والنقل في جميع أنحاء الإقليم. تهدف هذه الهجمات إلى زعزعة الاستقرار والضغط على الحكومتين العراقية والإقليمية.
كما أن استمرار هذه الهجمات لا يهدد فقط القدرة الإنتاجية للنفط والغاز، بل يعيق أيضًا الاستثمارات الأجنبية وجهود الإقليم لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. ويتطلب هذا الوضع تعزيز الإجراءات الأمنية وتنسيق الجهود لحماية هذه البنية التحتية الحيوية.
وأكد المستشار العسكري، صفاء الأعسم، أن استهداف حقول النفط ومطار أربيل يمثل ضررا كبيرا على أمن العراق واستقراره. وقال إن البلاد "تجاوزت الأزمة التي شهدتها المنطقة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى الآن بسلام، على الرغم من تصاعد المشاكل فيها".
وأضاف، "أنه من غير المعقول أن يسعى العراق الآن إلى التضرر أمنيا واقتصاديا، خاصة مع وجود استثمارات كبيرة قد تتوقف نتيجة لهذه الهجمات".
وبخصوص الجهات المسؤولة عن الهجمات، أكد أن "فصائل المقاومة بعيدة كليا عن هذه الأفعال، كونها الجهة الأكثر ترددا في شن مثل هذه الهجمات خوفا من ردود فعل مماثلة". وحذّر من أن أي تجاوز أو خلل أمني "سيضرّ العراق كليا، وسيؤدي إلى إطالة فترة بقاء قوات التحالف والسماح لقوات أجنبية بالتدخل داخل البلاد، وهو ما لا يتمناه العراق".
لجان تحقيق
وأعلن جهاز مكافحة الإرهاب في الإقليم، في بيان أول أمس الاثنين، عن إسقاط طائرة مسيّرة مفخخة قرب مطار أربيل الدولي. وأوضح أن الحادث وقع في الساعة 2:20 فجرا، مؤكدا عدم وقوع أي أضرار بشرية أو مادية.
من جانبه، قال اللواء صباح النعمان، المتحدث العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، إنه سيتم تشكيل لجان تحقيق أمنية متخصصة للكشف عن أسباب هذه الخروقات والجهات التي تقف وراءها لضمان عدم تكرارها في المستقبل.
وأضاف أن هذه الإجراءات ستتم بشكل شفاف ولديهم تنسيق مع قوات البيشمركة، بصفتها الجهة المعنية بحماية إقليم كردستان، مشددا على أن الهدف من هذه الخطوات هو توفير التطمينات اللازمة للشركات العاملة في قطاع النفط، لضمان استمرارية عملها من دون أي معوقات أمنية.
الخلاصة، فإن الهجمات المتكررة تُبرز حجم التحديات الأمنية التي تواجه حقول النفط في كردستان، في وقت تسعى فيه حكومة الإقليم إلى ضمان تدفق الإنتاج والتصدير المستقر. كما وتشير البيانات إلى أن النفط في كردستان العراق بات أكثر انكشافًا أمام المخاطر الجيوسياسية، وهو ما قد ينعكس على الاستثمارات وخطط التنمية المستقبلية في قطاع الطاقة.

