قروض "ضخمة" من وكالة "جايكا" اليابانية للعراق على مدار عقدين.. هل هناك مؤشرات نجاح للمشاريع؟
انفوبلس/ تقرير
شكّلت الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA)، حلقة من حلقات العراق بعد سقوط النظام البائد عام 2003 من خلال القروض والمنح التي قدّمتها للدولة العراقية طوال السنوات الماضية في مختلف المجالات، وكذلك إلى برامج التدريب والمشاريع الأخرى، وهذا ما سنتعرّف عليه في التقرير الآتي.
الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (JICA) هي وكالة مساعدات إنمائية تابعة لحكومة اليابان، وهي تقدّم المساعدة الإنمائية الرسمية (ODA) في أشكال التعاون الفني والمنح وقروض المساعدة الإنمائية الرسمية في جميع أنحاء العالم. وقّعت جايكا أكثر من 30 اتفاقية قرض للمساعدة الإنمائية الرسمية، بقيمة إجمالية تبلغ أكثر من 11 مليار دولار مع الحكومة العراقية لتنفيذ مشاريع وبرامج البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية منذ عام 2008. كما قدّمت الوكالة التدريب القائم على المنح برامج تدريب لأكثر من 10000 عراقي بالإضافة إلى العديد من مشاريع التعاون الفني منذ عام 2003.
كما أفصح نائب الرئيس التنفيذي الأقدم للوكالة الدوليَّة اليابانية (جايكا) البروفيسور جونجي يامادا عن أنَّ إجمالي قروض الوكالة لإعادة إعمار البنى التحتية للعراق بلغ نحو 10 مليارات دولار أميركي منذ أن أعلنت الحكومة اليابانية دعمها العراق.
*العراق يحتل المرتبة السابعة عالمياً في محفظة قروض جايكا
وبيّن "يامادا" خلال زيارته العراق التي التقى فيها عدداً من المسؤولين الحكوميين أنَّ العراق يحتل المرتبة السابعة عالمياً في محفظة قروض جايكا، في حين لم يتلقَّ أي بلد هذا العدد الكبير من القروض في مثل هذه الفترة القصيرة البالغة 15 عاماً.
* نحو 11.5 مليار دولار لدعم العراق
وأضاف، أنَّ الحكومة اليابانية وجايكا دعمتا العراق حتى هذه اللحظة بنحو 11.5 مليار دولار بما في ذلك المنح، وهو أكثر من ضعف المبلغ الذي تم التعهد به في ذلك الوقت، فضلاً عن تلقي أكثر من 10000 عراقي تدريبات بشكل رئيسي في اليابان، بُغية المساعدة في تطوير القابليات وتنفيذ مشاريع تعاون فني في المجالات كافة، ومنها الزراعة وسلامة العمال والتخطيط العمراني وتخطيط الموانئ والصحة، وبما يعزز الاستقرار والنمو، إذ يحتل العراق موقعاً مهماً في الشرق الأوسط.
وأوضح البروفيسور يامادا، أنَّ "جايكا تلعب حالياً دوراً مهماً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق وبما يتجاوز مفهوم إعادة الإعمار بعد الحرب، إذ تم الانتهاء خلال السنوات القليلة الماضية من العديد من المشاريع الهامة بعد أن تحقق في العراق الاستقرار الأمني والسياسي".
*تطوير مصفى البصرة
وأشار إلى، أنَّ العراق بحاجة إلى المزيد من مشاريع الطاقة المتجددة، وتعزيز توليد الطاقة الشمسية واستقرارها من خلال الجمع بين الطاقة الشمسية وتوليد الطاقة الحالي بالإضافة إلى التطوير على نطاق واسع من خلال الاستثمار الخاص. مرجّحاً أنَّ التوقيع على تنفيذ مشروعي ماء السماوة والمرحلة الخامسة من تطوير مصفى البصرة سيتم قريباً مع الحكومة العراقية.
وبشأن توقّعاته لتنفيذ المشاريع في العراق واستعادة عافيته، بيّن يامادا أنَّ "العلاقات العراقية اليابانية قوية جداً، وأنه فخور بنجاح الشركات اليابانية إبان السبعينيات والثمانينيات في تنفيذ المشاريع الكبيرة ومنها بناء نصب الشهيد وساحة التحرير فضلاً عن أنَّ الآلاف من الأُسر اليابانية عاشت في العراق بسبب انخراط عدد كبير من الشركات اليابانية في تنفيذ الأعمال وقد تركت انطباعاً جيداً لدى العراقيين".
وأكد نائب الرئيس التنفيذي الأقدم للوكالة الدولية (جايكا)، أنَّ "شركاتنا تهتم بمتانة التكنولوجيا والعمل الدؤوب وروح المسؤولية، إذ عدّها العراقيون فضيلة في مجتمعهم، وتلعب جايكا الدور المهم في نقل هذه الحقائق إلى اليابان وتعزيز فهم العراق ما يؤدي إلى تطوير التعاون بين القطاعين العام والخاص".
وأشار إلى، أنَّ "العراق يمتلك إمكانيات كبيرة للتنمية رغم مواجهته العديد من التحديات مثل الاستقرار المالي والتنويع الاقتصادي وجذب الاستثمار الخاص". مضيفاً، أنَّ "جايكا ستواصل بذل قصارى جهدها في ترسيخ التعاون في التنمية الاقتصادية وتطوير القطاعات الاجتماعية كافة، ومن خلال هذا التعاون سوف تكون المشاريع المنفِّذة في العراق نموذجاً لبقية دول العالم، وجايكا الآن بصدد القيام بالترويج لبرنامج تعزيز التعاون الجامعي ببرنامج أطلقنا عليه اسم (كرسي جايكا)".
*الوضع تحسّن جداً في بغداد
وعبّر في ختام حديثه عن دهشته بالمشاريع الإنمائية والمرافق السياحية التي أُقيمت في بغداد بعد أن زارها قبل 11 عاماً، ملمّحاً إلى أنَّ الوضع قد تحسّن جداً في بغداد مقارنة في تلك الفترة، وأنَّ الحكومة العراقية جادة في تحقيق الأمن والرخاء للشعب العراقي بعد النجاح في تحقيق المكاسب الأمنية.
*مهمة جايكا في العراق
إلى ذلك، قال جين يونيدا الممثل الرئيسي للوكالة، إن "مهمة جايكا هي العمل على الأمن البشري والنمو والجودة وفقا لميثاق التعاون الإنمائي وهو ما تفعله الوكالة في العراق، إذ تلعب دوراً مهماً في المساعدة الإنمائية الرسمية اليابانية (ODA) كوكالة منفِّذة، كما أن المساعدة الإنمائية الرسمية لليابان هي أداة استراتيجية هامة للعلاقات الدبلوماسية مع العراق".
المشاريع ذات الأولوية
وأضاف يونيدا، إنها "تركز على جميع المشاريع ذات الأولوية من حيث المبالغ، إذ إنها تنفذ مشروع تطوير مصفاة البصرة ذا المبلغ الأكبر تخصيصاً من قبلها بأعمالها في منطقة الشرق الأوسط".
*القروض السيادية
وفيما يتعلق بعملية تمويل القروض السيادية، ذكرت الوكالة، أنها "خصّصت للعراق ميزانيات تمثلت في دفعتين بواقع 866 مليون دولار أميركي، و223 مليون دولار خلال العام 2019، و592 مليون دولار، و257 مليون دولار في عام 2020، إضافة إلى 601 مليون دولار أميركي في عام 2021".
*ميزانية التعاون الفني
أما فيما يتعلق بالتعاون الفني، أكد الممثل الرئيسي للوكالة، أن "الميزانية المخصصة في العراق بلغت 672 مليون ين ياباني في 2019 (ما يعادل 5 ملايين و285 ألف دولار)، و222 مليون ين ياباني (تعادل مليوناً و746 ألف دولار) في عام 2020".
*قروض جايكا لتطوير مصفاة البصرة
وحول قروض الوكالة لتنفيذ مشروع تطوير مصفاة البصرة، فقد أشار يونيدا، إلى أنها "وفّرت قروضأ تصل إلى 1.8 مليار دولار من التكلفة الإجمالية المتوقّعة والبالغة 4 مليارات دولار".
وأوضح، أن "المشروع يهدف لإنشاء مصنع جديد يسمى مجمع تكسير السوائل التحفيزي، وتحويل الزيت المتبقي إلى منتجات زيتية عالية القيمة مما سيجعله أول FCC (مجمع للتكسير بالعامل المساعد) على الإطلاق في العراق".
ولفت إلى، أن "المقصود بالطاقة الانتاجية لمشروع الـ FCC بسعة (55.000) برميل في اليوم، هي الطاقة التكريرية لمشروع المصفى من خلال تحويل المخلفات الفائضة عن إنتاج المصافي والمتمثلة بالنفط الأسود إلى منتجات بيضاء وعالية القيمة".
*إعمار المناطق المُحرّرة
وأكد ممثل وكالة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، أنها "لا تضع شروطاً لتنفيذ المشاريع في العراق، بل يعتمد ذلك على أولويات الحكومة العراقية، إذ يمكن تمويل قرض لمشروع واحد في محافظة واحدة أو مشاريع عدة في عدد من المحافظات". وأضاف، أنه "يمكن لجايكا النظر في بعض المشاريع بالمناطق المُحرّرة والتي تُسهم في كسب ثقة الناس باستقرار الحياة وأمنهم".
*مشاريع الوكالة في العراق
وأشار إلى، أن "جميع المشاريع التي تُنفَّذ في العراق مهمة وبعضها في تقدّم جيد ومن المتوقع أن تحقق جميعها النتائج المتوقّعة في رفع أداء التنمية الاجتماعية والاقتصادية للعراق". وتابع، أن "العديد من المشاريع التي موّلتها الوكالة تتعلق بالبنية التحتية الاقتصادية الموضوعية، وسيتم التباحث مع الحكومة العراقية حول مشاريع ملموسة".
*مؤشرات نجاح المشاريع
وعن مدى نجاح مشاريع جايكا قال يونيدا، إنها "لا تملك حالياً أرقاما أو مؤشرات بشأن المشاريع، وتم إجراء التقييم اللاحق لمشروع واحد فقط حتى الآن إلى حين الانتهاء من المزيد من المشاريع وبالتالي سيكون من الممكن الحصول على أرقام المؤشرات المحددة لكل مشروع، وأيضاً من الممكن إجراء تقييم لرؤية أثر التعاون في المستقبل".
*دعم الزراعة ونظام الرَّي
وأكد ممثل الوكالة، إن "التنمية الزراعية وإدارة الموارد المائية المناسبة ونقل التكنولوجيا تُعد مفاتيح للنجاح في العراق لا سيما بعد أن باتت موارد المياه شحيحة بالإضافة إلى الافتقار للصناعات ذات الصلة". وأضاف، "وفيما يتعلق بإدارة الموارد المائية، قدّمت جايكا قرضاً لتطوير نظام الرَّي، والتعاون التقني لجمعيات مستخدمي المياه".
وتابع، "أما فيما يتعلق بالصناعات الزراعية والسوق، فقد قدّمت جايكا قرضاً لإعادة تأهيل مصنع الأسمدة، والتعاون التقني لتحسين إنتاجية القمح والتكنولوجيا والبستنة، وسوق جانب الطريق". لافتاً إلى، أنه "سيتم إطلاق مشروع جديد للتعاون التقني للمنتجات الزراعية هذا العام".
وأشار ممثل جايكا إلى، أنها "وفّرت قرضاً للرَّي والتعاون التقني لجمعيات مستخدمي المياه، وساهمت في التعاون التقني لتطوير نموذج إدارة مياه الرَّي بكفاءة من قبل جمعيات مستخدمي المياه من خلال تدريب قدرة إدارتها، بما في ذلك برنامج التدريب والرصد والمبادئ التوجيهية والكتيبات"، مبيناً أن "عدد جمعيات مستخدمي المياه التجريبية بلغ 18".
*الاقتصاد العراقي
وتشير الوكالة عبر ممثلها إلى، أن "الاقتصاد يواجه تضخماً هائلاً في أسعار المواد الغذائية التي تسبب ضرراً في حياة الناس، فضلاً عن التقلّب الذي يشهده النمو الاقتصادي والقطاع المالي بسبب تقلّب أسعار النفط وزيادة حاجة الناس لفرص العمل".
وأكدت، أن "العراق بحاجة إلى تنويع الصناعات بدلاً من الاعتماد الكبير على النفط"، مبيناً أن "السياسات المناسبة وتنمية الموارد البشرية تعمل على دعم ذلك نظراً لمدى أهميتها وقدرتها، فضلاً عن ضرورة التنمية الزراعية أيضاً لتحقيق الأمن الغذائي". ولفتت إلى أنه "لتنويع الصناعات، يحتاج العراق إلى استثمارات خارجية والتي من المتوقع أن تؤثر على الامتداد التكنولوجي أو الابتكار لخلق صناعات جديدة".
وشددت، على أن "استقرار الوضع السياسي والأمني والتشريعات المناسبة ضروريان لدعم الاستثمار الأجنبي"، مبينة أن "الموارد البشرية المؤهلة وفرص العمل الجديدة من الأمور الضرورية لخلق الأعمال وفتح الطريق للاستثمار الأجنبي، من أجل خلق مجالات عمل أكثر والتي تسمح بدورها في توفير فرص العمل".
*مساهمات اليابان
وأشار ممثل الوكالة اليابانية، إلى أن "بلاده التزمت بتعاون مالي بقيمة 5 مليارات دولار أمريكي في مؤتمر مدريد عام 2003، وكان ذلك بداية للتعاون على نطاق واسع في العراق". وأضاف، أنه "تم الالتزام على أن تؤخذ على محمل الجد من قبل المجتمع الياباني، وبالتالي جايكا واصلت أعمالاً ومنجزات كبيرة في العراق حتى الآن".
*برنامج الأمم المتحدة ودعم جايكا بالعراق
وتؤكد زينة علي أحمد رئيس بعثة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في العراق UNDP أنه "في إطار الشراكة بين الوكالة اليابانية للتعاون الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يتمتع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بأكثر من 10 سنوات من الخبرة الواسعة كطرف ثالث لمراقبة صرف ما قيمته أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي من مشاريع برنامج قرض المساعدة الإنمائية الرسمية بتمويل من الوكالة اليابانية لتعاون الدول JICA، والذي تَضّمن، 30 مشروعاً ضخماً لتطوير البنية التحتية ذات الأثر الاقتصادي والاجتماعي، ويتضمن 90 عقداً للأعمال الموقَّعة يجري تنفيذها من قبل 12 وزارة وجهة غير مرتبطة بوزارة ضمن الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان".
وأضافت، أن "برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يوفر الدعم للوكالة اليابانية للتعاون الدولي وذلك من خلال المراقبة والرصد الرصين لمشاريع برنامج قرض المساعدة الإنمائية الرسمية اليابانية، الذي تنفّذه الجهات الحكومية العراقية وبتمويل من الوكالة اليابانية للتعاون الدولي، لضمان تنفيذ المشاريع بطريقة مسؤولة تتسم بالشفافية والكفاءة وفق الجدول الزمني المحدد لها، وبما ينسجم مع إرشادات وإجراءات الوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA، ومعايير الأعمال الدولية".
*تحديات تواجه تنفيذ برنامج القرض الياباني
وتشير أحمد إلى، أن "الوكالة اليابانية للتعاون الدولي هي الجهة التي تقدّم القرض وليست من ينفّذ برنامج قرض المساعدة الإنمائية الرسمية"، مؤكدة أن "تنفيذ برنامج قرض المساعدة الإنمائية الرسمية اليابانية منوط بحكومة العراق".
*دعم قطاعي الصحة والكهرباء
وبالعودة لممثل شركة جايكا يؤكد يونيداً، أنها "تعمل على تسريع تنفيذ المشاريع في قطاعات الصحة والكهرباء لاستكمالها، ومناقشة الحكومة العراقية حول مشاريع جديدة بناءً على الدروس المستفادة من المشاريع في العراق وتلك الموجودة في البلدان الأخرى".
ولفت إلى، أنها "اتخذت مبادرة عالمية قوية للتصدي ومنع الأمراض المُعدية وتعزيز الصحة، وقامت بتنفيذ مشاريع القروض وتوفير التعاون التقني في هذا المجال، والسعي لمزيد من فرص العمل مع العراق".
*تشجيع الشركات اليابانية للاستثمار بالعراق
ويؤكد يونيدا أن الشركة "تعمل على تسهيل التواصل بين الحكومة العراقية والشركات اليابانية، كما تدعم الشركات اليابانية لإطلاق أنشطة تجارية خاصة بهم في بلد شريك، نظرًا لأن الشركات اليابانية ترى مناخ الاستثمار في العراق من خلال تنفيذ مشروع قرض المساعدة الإنمائية الرسمية اليابانية". وأضاف، أن "إظهار الأداء الجيد لكل مشروع أمر مهم ويتمثل في الحوكمة والنزاهة، والتشريعات، ومستوى أخلاقيات وممارسات العمل، واتخاذ القرارات بسرعة، وعدم التمييز".
*تقديم الدعم بمختلف المجالات
ويشير ممثل الوكالة، إلى أنها "وفّرت تدريباً في الخارج لأكثر من 10 آلاف مسؤول في الحكومات العراقية على مختلف المستويات في مختلف المجالات حتى الآن". وأضاف، أنها "ترغب في تقديم المزيد من الفرص لمعرفة المزيد عن التأريخ الياباني من التنمية الاجتماعية والاقتصادية وطريقة التفكير التي يمكن أن تكون مفيدة للعراق".