أنفاق حزب الله تُربك حسابات العدو.. مخاوف "إسرائيلية" بعد تقارير تؤكد وجود أنفاق في جنوب لبنان.. عميقة ومتشعبة وأكثر تطوراً من أنفاق غزة
انفوبلس..
بأعماق تصل إلى نحو 80 مترا، تمتلك المقاومة الإسلامية في لبنان أنفاقاً لا تقل أهمية أو حيوية عن أنفاق غزة، الأمر الذي شغل الصحافة العالمية بشكل كبير ودفعها للحديث عنه لأهميته ومفاجأته.
تخوّف مبكّر
في مطلع عام 2024 الجاري، أكد تقرير لصحيفة تايمز أوف "إسرائيل" العبرية، أن المتحدث باسم جيش الاحتلال كشف عن أحد أكبر الأنفاق الهجومية في قطاع غزة يبلغ طوله أربعة كيلومترات، وهو واسع بما يكفي لمرور المركبات.
وذكر التقرير، أن "الكشف عن هذا النفق الضخم، الذي يوجد العديد منه في غزة، أدى إلى إحياء النقاش حول أنفاق مماثلة بالقرب من الحدود اللبنانية وفيها وتحتها خاصة وسط الاشتباكات المستمرة هناك مع المقاومة الإسلامية حزب الله، والإخلاء القسري لسكان غزة من قبل السلطات الإسرائيلية".
وأضاف، أن "مشروع أنفاق لبنان قد نشأت وتطورت قبل وقت طويل من مشروع أنفاق غزة، حيث تشير المعلومات الاستخبارية الموجودة إلى وجود شبكة أنفاق واسعة في جنوب لبنان، وهي عميقة ومتعددة الجوانب".
وتابع، أن "الخشية قد تكون في لبنان من نفق بطول 45 كيلومترا كما أنه من الممكن أن تكون هناك أيضًا “أنفاق قريبة” وهي مشابهة للأنفاق الهجومية ولكنها لا تعبر الحدود، فهي تمكن فصائل المقاومة من الوصول إلى الحدود تقريبًا، ومن هناك الخروج والهجوم".
وبين، أن "الأنفاق عدة أنواع لكن منها ما هو مفخخة قد تُعد فخاً كبيراً للعديد من الجنود الإسرائيليين فقد تم حفر الأنفاق في لبنان منذ البداية بمساعدة كوريا الشمالية – منذ الثمانينيات وخاصة في نهاية التسعينيات، وهناك دليل على ذلك، فيما تتمتع كوريا الشمالية بخبرة تاريخية في حفر الأنفاق في المناطق الجبلية والصخرية وهو ما يضع جيش الاحتلال أمام مفاجئات لا يستطيع توقعها أو تقديرها".
تسليط الضوء
وقبل يومين، ألقت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية الضوء على أنفاق حزب الله اللبناني حيث ذكرت أن الحزب يقوم منذ الثمانينيات وبمساعدة من كوريا الشمالية، ببناء نظام دفاعي تحت الأرض تحسبًا لغزو صهيوني.
ولفتت الصحيفة إلى، أنه "في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بينما أعلن الحزب الله دعمه لطوفان الأقصى، بثّ على موقع “X” مقطع فيديو يصوّر كابوسا إسرائيليا آخر: هجوم وهمي في الجليل نفذته وحدة الرضوان، وحدة النخبة التابعة للحزب عبر نفق من لبنان".
وركزت الصحيفة على أن حزب الله، والذي يتمتع بقوة عسكرية أكبر بكثير من قوة حماس، قام منذ سنوات ببناء شبكة عسكرية تحت الأرض أكثر تطورًا من تلك الموجودة في غزة، يبلغ طولها عدة مئات من الكيلومترات، ولها تشعبات تصل إلى الأراضي المحتلة، وربما إلى سوريا.
وذكر الباحث المساعد في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية الفرنسية، ورئيس الاتصال السابق لقوّة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، الجنرال أوليفييه باسو أنه في وقت مبكر من الستينيات، وربما حتى قبل ذلك، بدأت الجماعات الفلسطينية التي لجأت إلى لبنان وكانت تنفذ هجمات صاروخية وتوغلات في شمال الأراضي المحتلة، في الحفر، وتابع حزب الله بعد ذلك.
وأوضحت الصحيفة، أنه ليس هناك مجال للحفر في الرمال ووضع الخرسانة، كما فعلت حماس في وقت لاحق لإنشاء “مترو غزة”، الذي سيشمل ما يقرب من 1000 كيلومتر من الممرات والغرف ومنصات مموهة، مبينةً أن في جنوب لبنان، يجب حفر الصخور يدوياً بآلات ثقب الصخور أو بآلات هيدروليكية، وتشير التّقديرات إلى أن كل عامل يستطيع الحفر في المتوسط نحو خمسة عشر مترًا شهريًّا.
وأفادت الصحيفة، بأنه وفقًا لباحثي مركز ألما، بعد حرب لبنان الثانية في عام 2006، أنشأ حزب الله خطةً دفاعية في حالة الغزو الصهيوني، مع عشرات من مراكز العمليات المجهزة بشبكات محلية تحت الأرض، وأنفاق داخل الأقاليم تربط المراكز الحيوية في بيروت والبقاع وجنوب لبنان، مبينةً أن في هذه المنطقة الأخيرة وحدها، سيصل الطول التراكمي للأنفاق إلى عدة مئات من الكيلومترات.
وكان الكيان الإسرائيلي قد أعلن في كانون الأول/ ديسمبر 2018 “اكتشاف ستة أنفاق هجومية محفورة بعمق نحو أربعين مترًا تحت الخط الأزرق، هذه الحدود المؤقتة التي تمتد لمسافة 120 كيلومترًا من البحر الأبيض المتوسط إلى سوريا منذ نهاية الاحتلال العسكري الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 2000.
وأوضحت الصحيفة، أنه في الأسابيع التي تلَت 7 تشرين الأوّل الماضي، قصف الجيش الكيان جنوب لبنان بقنابل الفوسفور الأبيض. وكان أحد الأهداف هو إشعال النار في غابات الصنوبر للكشف عن مخارج تحت الأرض، وقد تم تصوير عشرة على الأقل وقصفها، مما أدى في أسوأ الأحوال، إلى ضغط زائد وانهيار أرضي على بعد بضعة أمتار.
واعتبر الجنرال باسو، أنه حتى لو نفت السلطات اللبنانية وجودها، فإن مداخل الأنفاق الأكثر أهمية ستكون مخفية داخل الممتلكات الخاصة، مثل المزارع الكبيرة أو المصانع، مما يسمح بجلب الآلات وإخلاء الأرض دون لفت الانتباه.
وقبل أشهر، وبعد شكاوى استلمتها إدارة المركز الطبيّ في نهاريا عن ضجيج حفر، قرّر جيش الاحتلال القيام بسلسلة اختبارات أرضية لاستبعاد الخشية من وجود نفق يصل من لبنان إلى المستشفى المذكور.
وكشفت صحيفة (إسرائيل هيوم) العبرية، عن أنّ السلطات أجرت قبل أكثر من شهر أكثر من 40 عملية حفر بغرض الاختبار، لكن هذه الاختبارات لم تسفر عن أيّ شيءٍ، وفقًا للصحيفة، وبموجب ذلك، فقد استُبعدت شبهة وجود أنفاق في منطقة المستشفى، ومن أجل السلامة تقرر ترك أعمال الحفر بعدما بدأ العمل فيها.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ مستشفى الجليل في نهاريا يُعدّ المستشفى الأقرب من الناحية الجغرافيّة إلى الحدود الشمالية مع لبنان، أي نحو 10 كلم فقط، مشيرةً إلى أنّ التقارير الأوليّة عن موضوع شبهة الأنفاق وردت في شهر كانون الأول من العام الماضي.
وأردفت قائلةً، إنّ "الحديث يدور عن منشأةٍ موجودةٍ حتى قبل حرب لبنان الثانية (حرب تموز 2006) وكانت الأولى في "إسرائيل" بهذا المخطط.. إضافة لذلك، سيُعزز التحصين في أجزاء أخرى من المستشفى وفي مهبط المروحيات. وهذا جزء من الاستعداد، حيث يعمل المستشفى في مناطق محصّنةٍ، ولذلك تبلغ نسبة الإشغال فيه نحو 30% فقط.
ومع اندلاع الحرب على غزة، قالت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، إن هناك مخاوف بشأن تهديد أنفاق "حزب الله" مرة أخرى. ولفتت، إلى أن "حزب الله يتمتع بخبرة واسعة في حفر الأنفاق تحت الأرض"، مشيرة إلى أنه "تم اكتشاف أن أنفاق (حماس) أكبر بكثير وأكثر اتساعاً مما كان يُعتقد سابقاً. فهل من الممكن أن يكون تهديد أنفاق حزب الله أكبر مما كان يُعتقد سابقاً؟".
وأشار مركز "ألما" للأبحاث والتعليم، الذي يركز على التهديدات الشمالية، فإنه "بعد حرب لبنان الثانية عام 2006، أنشأ حزب الله، بمساعدة الكوريين الشماليين والإيرانيين، مشروعاً لتشكيل شبكة من الأنفاق الإقليمية في لبنان، وهي شبكة أكبر بكثير من مترو حماس".
وجنوب لبنان ليس مثل غزة، حيث لديه نوع مختلف من التضاريس، بما في ذلك التلال الصخرية والوديان وبالتالي التقديرات الإسرائيلية لا تتقبل مجرد فكرة أن "حزب الله" نجح في حفر أنفاق حتى 10 كيلومترات في العمق الإسرائيلي، إذ إن مثل هذا الأمر يحتاج إلى جهود خارقة. فالحديث هنا عن أرض صخرية صلبة وجبال، والنجاح في حفرها سيكون "فضيحة" عسكرية وليس إخفاقاً عادياً، بحسب المركز.