الأزمة الأوكرانية والشرق الأوسط.. هل تندلع شرارة الحرب النووية العالمية في دول المنطقة؟
انفوبلس..
مع تصاعد أزمة الحرب الروسية الأوكرانية واستمرار انعكاساتها على العالم أجمع، وبدء الحديث حول حرب نووية محتملة والتكهنات بشأن حرب عالمية ثالثة، تمتلك منطقة الشرق الأوسط حصة لا بأس بها عند الحديث عن هذه الاحتمالات، فبوجود المحاور الرئيسية المتصارعة (الشرقي والغربي) وحلفائهم في المنطقة، لا يُستبعد نشوب شرارة الحرب أو على الأقل إحدى مراحلها في بلدان الشرق الأوسط.
تنقسم دول هذه المنطقة إلى 3 أقسام: الأول حليف مباشر للمحور الشرقي الروسي كإيران، والثاني حليف مباشر للمحور الغربي الأمريكي البريطاني كالسعودية، والثالث دول تحاول الوقوف على الحياد والنأي بنفسها عن سياسة المحاور كالعراق.
مراقبون رجحوا أن احتمالية اندلاع حرب نووية بسبب انعكاسات الحرب الروسية الأوكرانية قد تبدأ شرارتها في بلدان الشرق الأوسط، حيث من المستبعد أن تبدأ دولة عظمى باستخدام النووي بشكل مباشر تجاه نظيرتها لأن ذلك سيعني حتمياً نهاية العالم بسبب الترسانة النووية التي يمتلكها كل من المحورين.
تداعيات اندلاع حرب نووية
وحول التداعيات المحتملة لتفجير الأسلحة النووية في حال اندلعت حرب نووية مستقبلا، نشرت مجلة "نايتشر فود" العلمية المتخصصة دراسةً تضمنت إحصائيات وأرقاما مخيفة حول انعدام الأمن الغذائي العالمي والمجاعة، بسبب تراجع الإنتاج الزراعي ومصائد الأسماك البحرية وتقلّص الثروة الحيوانية، بسبب اضطراب المناخ حال اندلاع حرب نووية.
وقالت الدراسة، إن أكثر من 5 مليارات شخص يمكن أن يموتوا في حال اندلعت حرب نووية بين الولايات المتحدة وروسيا، وأكثر من ملياري شخص يمكن أن يموتوا في حين اندلعت الحرب بين الهند وباكستان (كمثال بسبب محدودية الترسانة النووية للبلدين مقارنة بما تمتلكه روسيا وأمريكا)، وهي سيناريوهات - بحسب الدراسة- تؤكد مدى أهمية التعاون العالمي في منع الحرب النووية.
إذا اندلعت حرب نووية، ستولّد القنابل التي تستهدف المدن والمناطق الصناعية عواصف نارية تضخ كميات كبيرة من السُّخام في الغلاف الجوي العلوي، سرعان ما ينتشر على مستوى العالم ويبرّد الكوكب. وقد يؤدي هذا السُّخام إلى حدوث اضطرابات عقدية في مناخ الأرض، مما قد يؤثر على أنظمة إنتاج الغذاء على اليابسة والمحيطات.
عملت العديد من الدراسات مؤخرا على تحليل التغيّرات التي يمكن أن تطرأ على محاصيل الحبوب الرئيسية ومصائد الأسماك البحرية البرية، حسب سيناريوهات مختلفة للحرب النووية الإقليمية باستخدام نماذج المناخ والمحاصيل ومصائد الأسماك.
موقع "نيوز ري" نشر تقريراً كشف فيه أن الجيش الروسي يعمل على بلورة نوع جديد من العمليات العسكرية يتضمن استخدام القدرات النووية بهدف الوقاية من أي عدوان نووي محتمل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي (الناتو).
وذكر التقرير، أن مجلة "الفكر العسكري" التابعة لوزارة الدفاع الروسية نشرت مقالا حول ما يسمى "عملية الحماية" بقلم كل من إيغور فازلتدينوف النائب الأول لقائد قوات الصواريخ الاستراتيجية، والعقيد المتقاعد فلاديمير لومبوف، أوضحا فيه أن الولايات المتحدة تخطط لتدمير روسيا في إطار "عملية إستراتيجية متعددة الأساليب".
وأوضحا، أن تحقيق ذلك الهدف يتطلب استخدام الأسلحة النووية، وذلك بسبب فقدان واشنطن نفوذها على الساحة الدولية تدريجيا، ومحدودية خياراتها باستثناء تطوير مسار سياسي عدواني ضد موسكو.
ويرى كل من فازلتدينوف ولومبوف، أن العملية الأميركية المفترضة ضد روسيا قد تشمل في المرحلة الأولى استخدام الضربة الفورية، وكجزء من هذه العملية، يخطط البنتاغون لتدمير ما بين 65% و70% من القوات النووية الاستراتيجية الروسية، وتدمير أنظمة الدفاع الصاروخي الروسي، يليه توجيه ضربة نووية كافية لتدمير روسيا.
المقال أشار إلى، أن القوات المسلحة الروسية تعمل على تطوير عملية "ردع استراتيجي"، تشمل استخدام الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والدفاعية -النووية وغير النووية الحديثة- مع مراعاة أحدث التقنيات العسكرية، وذلك ردا على تصرفات المعتدي.
وبحسب التقرير، تحتاج روسيا إلى أن تثبت لواشنطن قدرتها على الردع، فضلا عن تطوير مجموعة من الأدوات الكفيلة بأن تظهر للقيادة العسكرية السياسية الأميركية استحالة إلحاق ضرر بالغ الخطورة بقوات الصواريخ الاستراتيجية الروسية، وأن الولايات المتحدة ستكون هي المتضررة.
ووفقا لمجلة "الفكر العسكري" -يقول "نيوز ري"- قد يمر الصراع بين موسكو وواشنطن بـ3 مراحل: أولها مرحلة الصد التي تتمثل في تنفيذ القوات الروسية هجوما مضادا ردا على الضربة العالمية الفورية التي قد تنفذها القوات الأميركية.
فيما توصف المرحلة الثانية بأنها "مرحلة الاختراق"، ويتم خلالها اختراق نظام الدفاع الصاروخي الأميركي العالمي عبر تجميع القوات الاستراتيجية الروسية غير النووية.
بينما توصف المرحلة الأخيرة بأنها "مرحلة الانتقام"، وخلالها يشهد كوكب الأرض تبادل روسيا والولايات المتحدة الضربات النووية.
القواعد العسكرية في الشرق الأوسط
تمتلك كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا عشرات القواعد الدائمة والمؤقتة، والرسمية وغير الرسمية إضافة إلى الأساطيل البحرية في بلدان الشرق الأوسط، وهي التي من الممكن استخدامها لبدء المناوشات النووية في حال وصول الأمور إلى نقطة اللاعودة.
لدى روسيا قواعد وأساطيل عسكرية خارج أراضيها في 10 بلدان من دول العالم، وفي دول الشرق الأوسط تمتلك روسيا قاعدتين عسكريتين في سوريا وهما كل من: قاعدة حميميم وقاعدة مرفأ طرطوس.
وقاعدة حميميم هي قاعدة جوية عسكرية روسية تقع جنوب شرق مدينة اللاذقية في محافظة اللاذقية بسوريا، وتتشارك القاعدة بعض مسارات الهبوط مع مطار باسل الأسد الدولي، لكنها فقط محصورة للعمال الروس، كانت القاعدة صغيرة المساحة حيث إنها مخصصة سابقاً للطيران المروحي، لكن القوات السورية استخدمتها لاحقا لاستقبال الطائرات المدنية الصغيرة والمتوسطة، وقد وقعّت روسيا اتفاقا مع سوريا في أغسطس 2015 يمنح الحق للقوات العسكرية الروسية باستخدام قاعدة حميميم في كل وقت من دون مقابل ولأجل غير مسمى، واستخدمت روسيا القاعدة لتنفيذ مهام قتالية، وبعد مرور سنة على التواجد الروسي أعلنت روسيا عزمها توسيع قاعدة حميميم بغرض تحويلها إلى قاعدة جوية عسكرية مجهَّزة بشكل متكامل.
وفي عام 1971 أنشأ الاتحاد السوفيتي منشأة في طرطوس خلال الحرب الباردة وفقًا لاتفاق سوفييتي سوري، بهدف دعم السّرب العملياتي الخامس للبحرية السوفيتية في البحر الأبيض المتوسط، والذي اعتبره السوفييت بمثابة توازن مع الأسطول السادس الأمريكي الذي يقع مقره في إيطاليا (ثم في جايتا).
في أوائل السبعينيات، كان لدى الاتحاد السوفيتي نقاط دعم مماثلة في مصر وإثيوبيا (إريتريا) وفيتنام وأماكن أخرى. وفي عام 1977، أخلت البحرية السوفيتية قواعد الدعم المصرية في الإسكندرية ومرسى مطروح ونقلت السفن والممتلكات إلى طرطوس، حيث حولت مرفق الدعم البحري إلى فرقة دعم السفن البحرية والمصبّات رقم 229.
في عام 1984، قامت موسكو بترقية نقطة دعم طرطوس إلى نقطة الدعم الفني المادي رقم 720.
في ديسمبر 1991 تم حل الاتحاد السوفياتي وتوقف السّرب العملياتي الخامس للبحر الأبيض المتوسط السوفيتي (المكون من سفن من الأسطول الشمالي وأسطول البلطيق وأسطول البحر الأسود) عن الوجود في ديسمبر 1992، منذ ذلك الحين، قامت البحرية الروسية أحيانًا بنشر السفن والغواصات في البحر الأبيض المتوسط.
نظرًا لأن روسيا ألغت 73% من ديون الحقبة السوفيتية البالغة 13.4 مليار دولار لسوريا في عام 2005 وأصبحت المورِّد الرئيسي للأسلحة لسوريا، أجرت روسيا وسوريا محادثات حول السماح لروسيا بتطوير وتوسيع منشآتها البحرية، حتى تتمكن روسيا من تعزيز وجودها البحري في البحر الأبيض المتوسط. وسط تدهور العلاقات الروسية مع الغرب، بسبب حرب أوسيتيا الجنوبية عام 2008 وخُطط نشر درع دفاع صاروخي أمريكي في بولندا، ذكر مصدر غير رسمي أن الرئيس بشار الأسد وافق على تحويل الميناء إلى قاعدة دائمة في الشرق الأوسط للسفن الحربية الروسية المسلحة برؤوس نووية.
في سبتمبر 2008 تم بناء رصيف عائم ثانٍ في المنشأة، عقب مناقشة الموضوع بين رئيسي روسيا وسوريا في آب / أغسطس. في غضون ذلك، كانت وسائل الإعلام والمسؤولون من روسيا وإسرائيل وسوريا يدلون بتصريحات متناقضة حول خطط السفن الحربية الروسية للاتصال في طرطوس وكذلك حول احتمالات ترقية المنشأة إلى قاعدة بحرية.
في يوليو 2009، أعلن الجيش الروسي أنه سوف يقوم بتحديث منشأة طرطوس.
أما بخصوص القواعد الأمريكية في المنطقة، تمتلك أمريكا قواعد في 8 دول، وهي كل من: البحرين، الكويت، قطر، الإمارات، عمان، تركيا، العراق، وأخيراً قواعدها العسكرية على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
في تركيا هناك 7000 جنديأ مريكي في قاعدتي إنجيرليك وأزمير وبها القيادة الموحدة للقوات الأمريكية وقوات حلف الناتو وقوات الانتشار السريع ومكتب التعاون العسكري الأمريكي والقيادة المركزية لوحدة الرادارات الموجهة للطائرات وبها ضابطان من قوات الحرس الوطني الأمريكي.
وفي الأردن هناك قاعدة عسكريـة للولايات المتحـدة الأمريكـيـة هي قاعــدة الأزرق وتسمى " قاعدة موفق السلطي" وقد أنفقت عام 2018م ما يقرب من 143 مليون دولار عليها، وبها العديد من قوات التحالف الألمانية والبلجيكية والهولندية .
وفي سوريا هناك 20 قاعدة عسكرية أمريكية علي أرض خاضعة للأكراد وتمثل منطقة منبج تمركزا لقوات قوامها 400 من النخبة والمدفعية البحرية وهي مزودة ببطاريات مدافع M777 Howaitzer مداها 50 كيلو مترا .
وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة، هنالك تقريباً 91 موظفا من البنتاجون، 69 قيادة عسكرية و22 موظفا مدنيا، معنيون بإدارة قاعدة الأسطول السادس الأمريكي بالقرب من ميناء حيفا ومحطات ديمونة وقاعدة ماشابيم الجوية.
وفي البحرين، القاعدة البحرية الأمريكية وقاعدة الشيخ عيسى الجوية، وفي قطر هنالك قاعدة العديد الجوية، وفي عمان هنالك قاعدتان عسكريتان.
وفي الكويت هنالك 4 قواعد وهي: قاعدة علي السالم الجوية، معسكر عريفجان، معسكر بيوري، قاعدة الكويت البحرية، وفي الإمارات هنالك 3 قواعد وهي قاعدة الظفرة الجوية، ميناء جبل علي، قاعدة الفجيرة البحرية.
أما في العراق، فهناك عدد من القواعد العسكرية الأمريكية، منها قاعدة التاجي وقاعدة بلد وقاعدة رنج وقاعدة ڤيكتوري وقاعدة عين الأسد وقاعدة التقدّم.
وبخصوص القواعد البريطانية في الشرق الأوسط، تمتلك المملكة المتحدة قاعدتين فقط، الأولى في البحرين وهي قاعدة إتش إم إس الجفير (HMS Jufair) وهي قاعدة القوات البحرية الملكية البريطانية يجري بناؤها في ميناء سلمان البحريني، وهي تعد أول قاعدة بحرية دائمة للقوات البريطانية في الشرق الأوسط منذ عام 1971.
في 1 نوفمبر 2015، حضر مراسم بدء تشييد القاعدة وزير الخارجية البريطانية فيليب هاموند وعسكريون من البحرية البريطانية. وفقًا لهيئة الإذاعة البريطانية، دفعت البحرين معظم تكاليف بناء القاعدة التي بلغت 23 مليون دولار، وتدفع بريطانيا التكاليف الجارية.
جرى بناء القاعدة أول مرة في 13 أبريل 1935 وكانت جزءًا من ميناء سلمان. استأجرت البحرية الأمريكية مساحة من القاعدة في 1950، وبعد استقلال البحرين في 1971 استحوذت البحرية الأمريكية على كامل مساحة القاعدة. أعيد تسمية القاعدة لتكن وحدة الدعم الإداري في البحرين Administrative Support Unit Bahrain ثم حملت اسم نشاط الدعم الإداري البحري في البحرين Naval Support Activity Bahrain.
أما القاعدة الثاني فهي في دولة قطر، وهي وحدة العديد الجوية البريطانية والتي تضم سلاح الجو الملكي البريطاني.