فتح تنشق وكتائب الأقصى تتمرد.. بيان باسم الحركة لم تعترف به قياداتها يثير الجدل ويعمّق الصراع في وقت يشهد فيه الكيان المحتل خلافات تنذر بانقلاب.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
بيان ظهر من العدم، هاجمت فيه حركة "فتح" المسيطرة على السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، المقاومة الإسلامية حركة حماس بلهجة قاسية ألقت فيه فتح مسؤولية حرب الإبادة في قطاع غزة على عاتق حماس، ليبدأ البيان بالانتشار كالنار في الهشيم ويولّد انشقاقاً كبيرا بداخل "فتح" حيث اعتبره العديد من قياداتها بأنه بيان لا يمثل الحركة ومجهول المصدر، فضلا عن دفعه كتائب شهداء الأقصى إلى إعلان تمرد ضد عملاء تل أبيب في الضفة الغربية في وقت يعاني فيه الكيان الصهيوني من تصدعات تنذر بحدوث انقلاب يقوده وزير الدفاع ضد نتنياهو.
ورغم أن بيان حركة “فتح” الأخير كشف الوجه الحقيقي للعلاقات المتوترة والمشحونة بين “فتح” و”حماس”، إلا أنه فجر كذلك موجة انتقادات وخلافات داخلية غير مسبوقة داخل قيادات حركة “فتح” في رام الله بين مؤيد ومعارض، وآخرين لا يعلمون من أصدره أو من يقف حتى خلفه.
مصادر كشفت، أن “خلافات حادة وصلت حد التلاسن دبّت داخل أروقة حركة “فتح”، بعد البيان الذي أصدرته جهات معينة في الحركة وهاجمت فيه حركة حماس”، وقالت المصادر إن “الغالبية العظمى من القيادات الوازنة في فتح من اللجنة المركزية للحركة ومجلسها الثوري لم تكن على علم بالبيان ولم تتم استشارتها فيه مطلقا، على عكس ما درجت عليه العادة أن يتم توزيع مسودة البيانات قبل اعتمادها على عدد من الشخصيات السياسية وكوادر التنظيم في المناطق، لأخذ ملاحظاتهم”.
وأشارت المصادر، إلى أن “الدائرة الإعلامية أو دائرة التعبئة والتنظيم (الجهتان المكلفتان فقط بإصدار البيانات وتعميمها)، وحسب المعلومات فلم يتم إشراكهما في البيان الأخير”، مرجحةً أن “تكون جهات أمنية هي التي تقف خلف إصدار البيان الذي لاقى استنكارا شعبيا جارفا، وعجّت منصات التواصل الاجتماعي بالانتقادات العنيفة للبيان ولحركة فتح”.
ورغم تزامن إصدار البيان مع حملة تشويه ضد المقاومة الفلسطينية بشكل عام وحركة “حماس” على وجه الخصوص، إلا أن أصواتا داخل حركة فتح رفضت ما جاء فيه.
ونشر عضو المجلس الثوري لحركة فتح بسام زكارنة منشورا على صفحته على فيسبوك أكد فيه أن “البيان لا يمثل حركة فتح”، وقال “دون الخوض بالتفاصيل: النظام ينص على أن بيانات فتح تصدر بعد اجتماعات المركزية أو الثوري أو الإقليم”.
وتابع “لا تُكتب من أشخاص، كثير من البيانات لا تُعبر عن رأي الحركة وأفرادها”.
وختم بقوله، “أنا كعضو ثوري أرفض أي بيان يصدر باسم الحركة دون أن يصادق عليه المجلس الثوري أو ينسجم مع قرارات المؤتمر الحركي والثوري والمركزية”.
وذيّل منشوره بعبارة “لا ناطق ولا بيان يمثلنا، دون إشراك الفتحاويين المخولين”.
بيان الفتنة
وأثار البيان الذي نُسب إلى حركة “فتح” وهاجم بشدة حركة “حماس” بسبب حرب غزة وتشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى، حالة كبيرة من الجدل داخل الأوساط الفلسطينية، وكشف مدى عمق وتأزم الخلافات بين الحركتين رغم حرب غزة الدامية التي أحرقت الأخضر واليابس.
بيان “فتح” الذي وصفته الكثير من الفصائل الفلسطينية بأنه “تصعيد في وقت خاطئ”، فجَّر موجة كبيرة من الانتقادات ضد الحركة، في وقت “حساس” بحاجة فيه الفلسطينيون أكثر من أي وقت مضى للوحدة الداخلية والتصالح وتجاوز كل عقبات الانقسام، لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تُحاك في الغرف المغلقة ضد قطاع غزة والضفة الغربية والقدس.
وفي بيان صحفي صدر ليل الجمعة الماضية، شنت حركة “فتح” هجوما حادا على “حماس”، متهمة إياها بالتسبب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، وقالت في البيان، إن “من تسبب في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، وتسبب بوقوع النكبة التي يعيشها الشعب الفلسطيني، خصوصا في قطاع غزة، لا يحق له إملاء الأولويات الوطنية”.
وأكدت فتح أن “المفصول الحقيقي عن الواقع وعن الشعب الفلسطيني هي قيادة حركة حماس، التي لم تشعر حتى هذه اللحظة بحجم الكارثة التي يعيشها شعبنا المظلوم في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية”.
وأعربت فتح عن “استغرابها واستهجانها من حديث حماس عن التفرد والانقسام، وتساءلت هل شاورت حماس القيادة الفلسطينية أو أي طرف وطني فلسطيني عندما اتخذت قرارها القيام بمغامرة السابع من أكتوبر الماضي، التي قادت إلى نكبة أكثر فداحة وقسوة من نكبة 1948؟ وهل شاورت حماس القيادة الفلسطينية وهي تفاوض الآن إسرائيل وتقدم لها التنازلات تلو التنازلات”.
وانتقدت “فتح” تصرفات وممارسات قيادة “حماس” وسلوكياتها اتجاه الحرب في قطاع غزة، مشيرة إلى أنه “على ما يبدو أن حياة الرخاء التي تعيشها هذه القيادة في فنادق السبع نجوم قد أعمتها عن الصواب، متسائلة لماذا تعيش معظم قيادات حماس في الخارج، ولماذا هربت وعائلاتها وتركت الشعب الفلسطيني يواجه حرب الإبادة الوحشية دون أي حماية؟”.
ودعت “فتح” قيادة “حماس” إلى “وقف سياستها المرتهنة لأجندات خارجية، والعودة الى الصف الوطني من أجل وقف الحرب وإنقاذ شعبنا وقضيتنا من التصفية، ومن أجل إغاثة شعبنا وإعادة إعمار غزة، وصولا إلى الانسحاب الكامل عن أرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس”.
وبعد تكليف محمد مصطفى بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة الأسبوع الماضي، من قبل الرئيس محمود عباس، قالت “حماس” في بيان مشترك مع حركتي الجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين “تعيين حكومة من دون توافق وطني هو خطوة فارغة من المضمون وتعمق الانقسام”.
في المقابل، أبدت فتح استهجانها لاتهامات حماس.
يأتي ذلك، في حين تشهد علاقات السلطة التي تسيطر عليها حركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس، توترات منذ فترة طويلة مع “حماس” التي تدير غزة، وخاض الفصيلان حربا قصيرة الأجل قبل طرد فتح من القطاع في عام 2007. مع هذا، نددت السلطة الفلسطينية مرارا بالهجوم الإسرائيلي على القطاع وتصر على لعب دور في إدارة غزة بعد الحرب.
كتائب الأقصى تتمرد
وبعد صدور البيان المريب، أصدرت كتائب شهداء الأقصى بياناً دعت فيه كافة المجموعات التابعة لها إلى "تصعيد العمل المقاوم ضد الاحتلال"، وأعلنت رفضها لما قالت إنه "تشكيل حكومة بإملاءات أمريكية إسرائيلية"، في إشارة إلى حكومة محمد مصطفى الجديدة.
وشنَّ البيان هجومًا ضد تصريحات منسوبة لحركة فتح، حمَّلت حركة حماس المسؤولية عن دمار قطاع غزة، مؤكدًا أن "العمل المقاوم لتحرير الأرض، والعمل على إطلاق سراح الأسرى بكل السبل، حق مكفول لكل فلسطيني، دينًا وعرفًا وقانونًا، ولا مشورة فيه مع أي طرف كان".
وأكد أن "كتائب شهداء الأقصى كانت ومازالت جزءًا من عملية 7 أكتوبر المجيدة، ودماء قياداتنا ورصاص كتائبنا بالضفة خير شاهد ودليل".
وتشكلت "كتائب شهداء الأقصى" الذراع العسكرية لحركة "فتح" عام 2001، بوساطة القيادي رائد الكرمي، قبل اغتياله عام 2002، فيما أعلن التنظيم تسليم سلاحه عام 2007، حينما كان تحت قيادة زكريا الزبيدي، حيث تقرر وقف العمليات ضد الكيان الإسرائيلي.
وفي عام 2021 وبعد ستة عشر عاماً من تسليم السلاح في الضفة الغربية أعادت كتائب شهداء الأقصى التسليح من جديد بعد اشتعال معركة سيف القدس والمشاكل في حي الشيخ جراح.
انشقاق يؤشر إلى انقلاب داخل الكيان
بعد مرور نحو عام على اشتعال أزمة خلافات بين وزير دفاع الكيان الصهيوني يواف غالانت ورئيس وزراءه بنيامين نتنياهو وصلت إلى حد التهديد بالانقلاب، رفض رئيس حكومة الاحتلال عقد جلسة للكابينت حول صفقة الأسرى، ما دفع وزير "الأمن" يوآف غالانت، لعقد صفقة بديلة حضرها كبار المسؤولين الإسرائيليين.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إنّ وزير "الأمن" الإسرائيلي، يوآف غالانت، عقد جلسة بديلة بشأن صفقة الأسرى حضرها كبار مسؤولي المؤسسة الأمنية والعسكرية وممثّلون عن وفد المفاوضات.
وخلال الجلسة التي عقدها غالانت، تم إطلاع الحاضرين على المعلومات الاستخبارية المتعلقة بصفقة محتملة للأسرى، وناقش كبار المسؤولين الموقف الذي قدّمته المؤسسة الأمنية والعسكرية، وحاولوا فهم أين تحول الثغرات دون خروج الصفقة إلى حيز التنفيذ.
وجاءت هذه الجلسة بعد رفض رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، عقد جلسة "الكابينت"، يوم السبت، ومناقشة الصفقة مع غالانت.
وقال مكتب نتنياهو تعليقاً على رفضه عقد الجلسة إنّه "أعلن أمس أن الكابينت سيجتمع غداً من أجل إطلاع الوفد المفاوض الذي سيغادر إلى قطر، وبالتالي فإن المطالبة بعقد اجتماع للكابينت الليلة ليست أكثر من محاولة مصطنعة لتصدّر العناوين".
الجدير ذكره أنّ وسائل إعلام إسرائيلية، كشفت قبل أيام، أنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يدرس إمكانية إلغاء "كابينت" الحرب وإحالة القرارات إلى "الكابينت" الموسّع.
وبشأن الخلافات داخل "كابينت" الحرب، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إنّ التوترات تتصاعد في مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي، حيث يتنافس أعضاؤه الثلاثة (هرتسي هاليفي، بيني غانتس، غادي آيزنكوت) على النفوذ السياسي، ويختلفون حول كيفية مواصلة الحرب في غزّة.
ونتيجة الخلافات، هدّد عضوا "كابينت" الحرب الإسرائيلي بيني غانتس وغادي آيزنكوت، منتصف شباط/فبراير الماضي، رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتفكيك "كابينت" الحرب، وذلك على خلفية "اتخاذ قرارات مهمة من قبل نتنياهو من دون التشاور معهما بشأن الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزّة".
وعمّقت أحداث الـ7 من أكتوبر الخلافات بين القادة الإسرائيليين بشأن المسؤولية عن الإخفاق الكبير، الذي مُنيت به "إسرائيل". وتتزايد الخلافات في المستويين السياسي والعسكري، مع تصاعد المعارضة وسط المستوطنين، والانتقادات لحكومة نتنياهو بشأن إدارتها للحرب وملف الأسرى.