هل نجحت عقوبات واشنطن بعزل طهران؟.. عزاء رئيسي يكشف مستوى علاقات إيران بالعالم.. حضور عشرات الدول يُفشل المحاولات الأمريكية
انفوبلس..
يبدو أن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية بعزل الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن العالم عبر العقوبات المتلاحقة، جاءت بنتائج عكسية، ويمكن للمتابع أن يرى ذلك بشكل واضح من خلال وفود ورسائل التعزية بوفاة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، حيث حضرت إلى مراسم العزاء وفود 68 دولة بعضها كانت على خلاف كبير مع إيران، بالإضافة إلى عشرات الدول التي بعثت رسائل التعزية ووقّعت عليها في الأمم المتحدة.
الحضور العربي
وحضر قادة ومسؤولو 68 دولة مراسم جنازة الرئيس الراحل ومرافقيه التي عُقدت في صالة المؤتمرات الدولية في طهران، من أبرزهم على المستوى العربي: رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس التونسي قيس سعيد ووزراء خارجية كل من السعودية والإمارات والبحرين والكويت ومصر والأردن.
وأثار الحضور العربي الواضح في جنازة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي تساؤلات عدة في الأوساط السياسية بشأن مستقبل العلاقات العربية الإيرانية، وما إذا كان ما يصفه بعضهم بالإقبال العربي على الجنازة، يدل على تغيير دبلوماسي محوري مرتقب في العلاقات أم أنه لا يخرج عن إطار الأعراف الدبلوماسية لا أكثر.
واتسمت علاقات طهران بالدول العربية في عهد رئيسي بانفتاح كبير، ظهرت أبرز ملامحه في إبرام اتفاق وُصف بالتاريخي مع السعودية عام 2023، أنهى قطيعة دامت 7 سنوات بين البلدين، إلى جانب إحراز تطور في العلاقات مع بعض الدول العربية كمصر وتونس، ما دفع بعضهم للقول إن تحسين العلاقات الإيرانية العربية يأتي كأحد أبرز إنجازات رئيسي وحكومته.
ويرى محللون إيرانيون، أنه رغم حضور اثنين فقط من قادة الدول العربية إلى جانب تمثيل دبلوماسي رفيع المستوى لتقديم واجب العزاء، فإن ذلك قد يشير إلى أن ثمة تغيرا ما في العلاقات الإيرانية العربية بات في الأفق، من بينهم المحلل السياسي الإيراني حكم أمهز الذي يرى أن "الإقبال العربي في الجنازة كان نتاجا للعمل الدبلوماسي الذي عملت عليه حكومة رئيسي"، وأنه يترجم "انفتاح علاقات إيران على جميع دول الجوار العربية والخليجية".
ويوافقه في هذه الرؤية، الدكتور حسين روي وران -الأستاذ في كلية الدراسات العالمية بجامعة طهران- الذي فسر حضور العرب إلى طهران، قائلا إن له دلالتين، الأولى "إنسانية وتضامنية" مع حادثة وفاة رئيسي الذي لقي مصرعه هو والوفد المرافق له بعد تحطم مروحية كانت تقلهم الأحد ما قبل الماضي، والثانية هي دلالة "عقلانية" قد تشير إلى استحداث علاقات "قوية" جديدة بين طهران وبعض الدول العربية، على رأسها تونس. ويضيف قائلا: "بين تونس وإيران مسافة جغرافية كبيرة ولذلك فإن حضور قيس سعيّد إلى طهران، لأول مرة منذ توليه منصبه عام 2019، ربما يشير إلى بداية لعلاقة جديدة بين تونس وطهران في المرحلة المقبلة".
الوفود المشاركة
وفي 22 من أيار الجاري، أفادت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" أن 50 وفداً أجنبياً رفيع المستوى شاركوا في مراسم تشييع رئيسي ومرافقيه في طهران.
وأضافت، أنه من بين المشاركين الأجانب نحو 10 وفود على مستوى القادة، ونحو 20 وفداً على مستوى الوزراء، والباقي على مستويات مختلفة مثل رؤساء البرلمانات والمبعوثين الخاصين وغيرهم.
وأعلنت "إرنا"، في وقت سابق، وصول 15 من القادة وكبار المسؤولين من 13 دولة، إلى طهران لحضور مراسم تشييع رئيسي، من بينهم أمير دولة قطر، تميم بن حمد آل ثان، والزعيم الوطني لتركمانستان، قربان قلي بردي محمدوف، والرئيس التونسي، قيس سعيد، ورئيس طاجيكستان، إمام علي رحمون.
كما وصل رؤساء وزراء العراق، محمد شياع السودانى، وباكستان، شهباز شريف، وأرمينيا ، نيكول باشينيان، وقطر، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أذربيجان، علي أسدوف، ورؤساء برلمانات العراق وروسيا والجزائر وأوزبكستان وكازاخستان ولبنان.
جاء ذلك في ظل مشاركة شخصیات عربیة من بينها رئیس المكتب السیاسي لحرکة حماس، إسماعيل هنية، والقیادي في حرکة حماس في بيروت، أسامة حمدان، ونائب الأمین العام لحزب الله اللبناني، الشیخ نعیم قاسم، والمتحدث باسم حركة انصار الله محمد عبد السلام.
كما شارك رئیس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، ونائب رئیس الوزراء للشؤون الاقتصادیة في حکومة طالبان، ملا عبدالغني برادر، ووزیر خارجیتها، أمیرخان متقی، والوفد المرافق لهم، فضلا عن مشاركة رئیس البرلمان الجزائري، إبراهيم بوغالي، ووفد عراقي رفیع المستوی ضم رؤساء الأحزاب والعشائر ونواب البرلمان، والوفد السوري برئاسة رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس.
وأعلنت مصادر، حضور رئیس إقلیم کردستان العراق، نیجیرفان بارزاني، ووزیر خارجیة سريلانكا، علي صبري، ووزیر خارجية ترکیا، هاکان فیدان، ونائب الرئیس التركي، جودت یلماز، ووزير الخارجية المصري، سامح شكري، ووزير الخارجية الكويتي عبدالله علي اليحيا، ممثلا عن أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
ومراسم التأبين شهدت حضور وزير خارجية فنزويلا إيفان جيل بينتو وبختيار سعيدوف وزير الخارجية الأوزبكي.
فشل العزلة
في آب الماضي، أكَّد الرئيس الإيراني الراحل ابراهيم رئيسي أنَّ العدو حاول فرض العزلة على إيران وفشل، وتمكّنا من تحسين العلاقات مع العديد من الدول، مشددًا على أنَّ "الأعداء أدركوا أن شعبنا يدعم الحكومة الإيرانية الواثقة من تحقيق الإنجازات".
وبيَّن الرئيس الراحل، أنَّ تجارة إيران مع دول الجوار سجلت نموًا بنسبة 14 بالمئة في ظل سياسة الجوار التي تنتهجها الحكومة، مشيرًا إلى أنَّ "انضمام إيران إلى منظمة "شنغهاي" ومجموعة "بريكس" يثبت أن سياسة الأعداء في عزل إيران فشلت".
واعتبر أنَّ الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد تثبت أنَّ العدو لم ينجح في استراتيجيته، وأنَّ جهوده في مجال تیئیس الشعب باءت بالفشل.
وأضاف، أنَّه "لم تمر أشهر كثيرة على تولّي الحكومة الـ13 مهام الأمور حتى قام الأعداء بشن الهجوم السیبراني على محطات الوقود على مستوى البلاد وحاولوا إثارة غضب الشعب في جميع أنحاء البلاد، لكن الشعب تصرف بالوعي والبصيرة وهزم العدو الذي أدرك أن الشعب الإيراني يقف إلى جانب الحكومة".
وشدَّد على، أنَّ "الأعداء فشلوا في إضعاف إيران وهم عادوا اليوم للمطالبة بالحوار ونستطيع القول إن إيران الإسلامية دولة قوية ومتقدمة ومتطورة"، لافتًا إلى أنَّ الغرب تصور أنه يستطيع الوصول لأهدافه باستغلال الاحتجاجات وعندما فشل طالب بالعودة إلى الحوار والمفاوضات.
وأوضح، أنَّه "لم نخرج من طاولة المفاوضات، ولم يكن أمامنا سوى ملف إلغاء الحظر، وكان على جدول أعمالنا ملف العضوية في تحالفات إقليمية ودولية".
داخليًا، قال رئيسي: "إنّ هناك خلافات في الرأي بالمجتمع، إلا أنّ الأعداء يحاولون الإيحاء بوجود قطبية ثنائية في إيران ولكن هناك الكثير من القواسم المشتركة في مجتمعنا، وعموم الشعب الإيراني والتیارات داخل البلاد قلقون على البلاد".
وأکَّد الرئيس الإيراني أن المجتمع في الجمهورية الإسلامية متماسك، مبينًا أنَّ الأوضاع السياسية والاقتصادية للبلاد تثبت أن العدو فشل في مخططاته.
وتابع: "الأعداء يحاولون زعزعة الاستقرار في إيران ولكنهم يدركون أن النظام الإسلامي قوي وثابت"، لافتًا إلى أنَّ "آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي أصدر عفوًا عن الكثير ممن وقعوا فريسة التضليل ونحن متمسكون بالحوار ونرفض انتهاك القانون".
اقتصاديًا، أشار إلى أنَّ "معدل التضخم انخفض من 60% الى 46% وسجلنا نموًا اقتصاديًا بنسبة 4 في المئة"، موضحًا أنَّه جرى تعويض عجز الموازنة البالغ 480 ألف مليار تومان (الدولار يساوي نحو 41 ألف تومان) في بداية الحكومة الـ13 بخلق الموارد والمصادر وانخفض معدل التضخم من 60 بالمئة إلى 46 بالمئة وسجلت البلاد نموًا اقتصادیًا بنسبة 4 بالمئة".
وتابع "حقّقنا إنجازات في مجالَي الطاقة وإنتاج الغاز لتأمين حاجات الشعب ونتابع أوضاع ذوي الدخل المحدود، مصالح الشعب والبلاد فوق أي مصالح أخرى ونحن نواصل العمل بكل قدراتنا".