واشنطن تستقطب عراقيين للقتال في أوكرانيا.. لقاءات المتقدمين في بغداد والتدريب في سوريا والنقل عبر أربيل
انفوبلس/..
سعت الولايات المتحدة الأمريكية دائماً إلى دعم أوكرانيا في حربها المستعرة ضد روسيا منذ نحو 500 يوم، بدءاً من عمليات ضخ السلاح والعتاد، وصولاً إلى تجنيد مرتزقة لإسناد قوات كييف العاجزة أمام القوات الروسية.
وفي هذا الصدد، عملت واشنطن مؤخراً على استقطاب عراقيين عرباً وكرداً للقتال في أوكرانيا، إذ أنشأت مراكز تدريب في مناطق سورية تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، فيما تجرى اللقاءات مع المتقدمين في العاصمة العراقية بغداد، ويتم نقلهم عبر محافظة أربيل الواقعة في إقليم كردستان أقصى شمالي البلاد.
*حملة تجنيد
نشرت وزارة الدفاع الروسية بيانا، الاثنين الماضي، ذكرت فيه أنه "بسبب الخسائر الكبيرة في الأفراد، أطلق نظام كييف، الشهر الماضي، حملة تجنيد مرتزقة أجانب من الأرجنتين والبرازيل وأفغانستان والعراق والمناطق الخاضعة للسيطرة الأمريكية في سوريا".
وعليه، يتم التجنيد من خلال وساطة المخابرات الأمريكية.
في الوقت ذاته، أقامت قوات الاحتلال الأمريكية في سوريا، عدة مراكز تدريب في أرياف محافظتي دير الزور والحسكة، لتدريب "المرتزقة" على التعامل مع مختلف أنواع الأسلحة الخفيفة، ووعدهم بدفع ما يصل إلى 2000 دولار شهرياً.
*نقل عبر كردستان
وذكرت مصادر، في وقت سابق، أن "الولايات المتحدة نقلت نحو 650 مسلحا مواليا لها من قوات سوريا الديمقراطية، من شرق سوريا إلى أوكرانيا عبر إقليم كردستان العراق، وتم نقل المسلحين إلى أوكرانيا على دفعات، خلال الأشهر الستة الماضية".
*لقاءات المتقدمين في بغداد
وأصدرت جماعة المقاومة العراقية المناهضة لأمريكا "أصحاب الكهف"، نداءً رسميًا، في مارس/ آذار الماضي، تحذيرات من بدء تجنيد المرتزقة في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية في البلاد.
وذكر البيان: "تجري لقاءات عناصر الاستخبارات الأمريكية والناتو في بغداد حي المنصور والكرادة، داخل واجهات شركات مختلفة الغطاء الأمني مع شيوخ عشائر عراقيين وسوريين وأساتذة جامعيين وعناصر من ما يسمى بجهاز مخابرات حزب البعث، بهدف تجنيد الشباب العراقي للقتال في أوكرانيا وتؤكد أن وحدة الاستخبارات التابعة للمقاومة الإسلامية تمتلك تفاصيل كاملة من أسماء ورموز وصور وأفلام موثقة لعناصر الاستخبارات الأجنبية العاملة في العراق والمتخصصة بهذا الملف التخريبي".
*رواتب مغرية
في الوقت ذاته، كتبوا في المنتديات العراقية أن المرتزقة المحتملين وُعِدوا براتب 4000 دولار شهريًا.
وفي هذا الصدد، فإن رغبة الكونغرس الأمريكي في تجهيز جماعة "البيشمركة"، التي تعمل على أراضي كردستان العراق، بأنظمة دفاع جوي تبدو وكأنها تبادل أسلحة مقابل قوة بشرية مرسلة. وإلا فلماذا تدعم واشنطن تشكيلا كرديا مسلحا يعمل، من بين أمور أخرى، ضد مصالح الحكومة في بغداد؟
*"كبش فداء" أقل كلفة
وأشارت وزارة الدفاع الروسية في بيانها إلى أن "نظام كييف يستخدم المرتزقة الأجانب كحطب للمدافع، لا أحد من القيادة الأوكرانية يأبه لحياتهم، لذلك ليس لديهم سوى خيار واحد وهو الهروب من أوكرانيا أو الموت".
ووفقًا للمعلومات الواردة أثناء استجواب الأسرى من الجنود الأوكرانيين، فإن "قادة وحدات القوات المسلحة الأوكرانية العاملة على خط التماس، لا يتحملون المسؤولية عن الخسائر بين المرتزقة الأجانب".
تدفع القيادة الأوكرانية بوحدات يقودها مرتزقة أجانب في "هجمات الهلاك" على المواقع الروسية في المقام الأول.
وأضافت وزارة الدفاع أن إخلاء الجرحى من المرتزقة يتم وفقا لمبدأ البقاء، فقط بعد إبعاد العسكريين الأوكرانيين.
*حاجة فعلية
وأشار القائد الميداني السابق في الجيش السوري مهند الحاج علي، إلى أن "القوات المسلحة الأوكرانية والقيمين عليها من الناتو بحاجة فعلية إلى المرتزقة من دول الشرق الأوسط للتحضير لهجوم مضاد، حيث إن تعبئة الموارد بين مواطني أوكرانيا بالفعل مستنفد للغاية".
وشرح: "اليوم هناك خسائر ميدانية فادحة في صفوف القوات الأوكرانية، ولذلك تعمل على تعويض ذلك من خلال تجنيد وجلب المرتزقة إلى أوكرانيا، ليقاتلوا إلى جانب قوات نظام كييف".
وأضاف القائد الميداني السوري: "منذ بداية العملية الروسية العسكرية الخاصة، أعلنت القوات النازية الأوكرانية عن تشكيل فيلق الأجانب، وكان يضم مرتزقة من جنسيات مختلفة، وبما أن هذا الفيلق تعرض لخسائر جسيمة، تريد القوات الأمريكية أن تستثمر وتستغل حلفاءها في سوريا، من بعض أفراد العشائر العربية، وقوات تنظيم "قسد"، من خلال ترغيب هؤلاء المسلحين بمبلغ شهري يعادل الألفي دولار، للانخراط في حرب إلى جانب الجيش النازي الأوكراني، ضد الجيش الروسي".
*تدريب على الأراضي السورية
وأردف الحاج علي: "القوات الأمريكية استطاعت أن تحشد بعضا من القوات، وتقوم بتدريبهم على الأراضي السورية في المناطق التي تسيطر عليها، وخاصة في منطقة التنف، ويمكن أن تدفعهم لكي يلتحقوا بالمرحلة التالية من الهجوم، باعتبار أن القوات الأوكرانية تفقد كل يوم عشرات الأفراد من قواتها".
ومن المثير للاهتمام أن المرتزقة من الشرق الأوسط أرخص بالنسبة للرعاة الأوكرانيين، إذا عرض على المهاجرين من الدول العربية راتبًا يتراوح بين 2000 و4 آلاف دولار شهريًا، فإن المرتزقة الأوروبيين، وفقاً لوزارة الدفاع، يعملون مقابل أجر 5000 دولار شهرياً.
*مقاتلون من ذوي الخبرة
لكن المرتزقة من دول الشرق الأوسط جذابون ليس فقط بسبب سعرهم البخس نسبيا، ولكن أيضًا بسبب الخبرة التطبيقية للعمليات القتالية، وإذا نجوا في الصراع الأوكراني، فيمكن للولايات المتحدة أن تستفيد منهم في مناطق أخرى، بما في ذلك مناطقهم.
*قاتلوا ضد الحشد والجيشين العراقي والسوري
ويقول الحاج علي: "الشيء نفسه ما يميز هؤلاء المرتزقة عن غيرهم، هو أنهم قاتلوا الجيش العراقي والحشد الشعبي، وقاتلوا ضمن صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي ضد الجيش السوري، أي أنهم يملكون جزءا من الخبرة القتالية".
وتابع: "خاصة في معارك الشوارع، ومعارك المجموعات الصغيرة، وهو تكتيك جديد تعتمد عليه الجيوش الحديثة، كالجيش السوري، لتقليل الخسائر وتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسائر لدى العدو، وهم متمرسون في هذا الموضوع، لكن اليوم هذا الأمر لن يشكل فارقا في الميدان، لأن مثل هؤلاء الأشخاص الذين يقاتلون من أجل المال، فإنهم سيتركون السلاح ويفرون من أرض المعركة بمجرد أن يشعروا بالخطر، كما فعلوا أمام الجيش السوري والعراقي وأمام الحشد الشعبي".
وأردف: "قد لا يكون لدى المرتزقة من أجزاء أخرى من العالم هذه التجربة، وربما يكون لهؤلاء المرتزقة أيضًا خبرة قتالية ضد المجموعة الروسية في سوريا، ثم تزداد جاذبيتها في عيون المدربين الأمريكيين فقط".
*أين سيذهب الناجون؟
ولاحظت وزارة الدفاع الروسية أنه منذ بداية العملية العسكرية، هروب 4801 من المقاتلين الأجانب من أراضي أوكرانيا، وهذا يعني أن المرتزقة من الشرق الأوسط لديهم مثل هذه الفرصة، في هذا الصدد، السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أين هم ذاهبون؟
ويرى الحاج علي، بدوره، أن المسلحين لن يعودوا إلى وطنهم، بل سيستقرون في أوروبا.
واستدرك: "لا أتوقع أن يعود أحد من هؤلاء المرتزقة سالماً من أوكرانيا، وقد ينجون أو ربما يفرون كمجموعات صغيرة من اثنين إلى ثلاثة باتجاه أوروبا، وهذا بحد ذاته يشكل خطرا كبيرا على الأمن الأوروبي كون هؤلاء الأشخاص مؤدلَجين عقائديا بطريقة متطرفة، بحيث لا يندمجون في المجتمع الأوروبي، وبهذا تزجّ الولايات المتحدة بالإرهابيين الذين يشكلون خطرا على المجتمعات الأوروبية".
ورجح الحاج علي أن "القصة بظهور مسلحين من سوريا والعراق في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية لن تضر بروسيا على الإطلاق، بل أوروبا".
*محاولات تجنيد سابقة
سلّط تقرير نشره موقع "دويتشه فيله عربية" الألماني، في آذار 2022، الضوء على المتطوعين الأوروبيين والأمريكيين للقتال في صفوف الجيش الأوكراني ضد الغزو الروسي، مشيراً إلى تجنيد "مرتزقة" عراقيين وعرب وأفارقة في الصراع "مقابل المال".
ويشير الموقع الألماني إلى انتشار أنباء في الآونة الأخيرة عن محاولات لتجنيد عراقيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل المشاركة في الحرب الأوكرانية.
وينقل الموقع عن الخبير في الشؤون السياسية العراقية، غانم العابد، قوله إن "توظيف منصات مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد المرتزقة أو المقاتلين ليس جديداً"، مشيراً إلى أن تنظيم داعش كان يتخذ تلك المنصات كأداة للتجنيد.
ويرى العابد أن "كثيراً من الشباب العراقيين قد يسعون إلى الذهاب للقتال مع أوكرانيا للحصول على الجنسية الأوكرانية أو محاولة استغلال الوضع في أوكرانيا وما يترتب عليه من هجرة جماعية للحصول على فرصة للانطلاق إلى أوروبا".
*فيلق دولي
وأعلنت أوكرانيا في آذار من العام الماضي، إنشاء "فيلق دولي" للمتطوعين من الخارج لصد الهجوم الروسي.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي - آنذاك - "سيكون هذا الدليل الرئيسي على دعمكم لبلدنا".
فيما زعم رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو بودانوف، أن "أكثر من 20 ألف متطوع ومحارب سابق من 52 دولة أعربوا عن رغبتهم في الانضمام للفيلق الدولي".