أردوغان يستبق الصراع الرئاسي بإنجاز يُثير الجدل.. هل اكتشفت تركيا حقولا للنفط أم عاد الرئيس لوهم الإنجازات؟
انفوبلس/ تقارير
يُدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه في الوقت الراهن، أنّ الأزمات الاقتصادية والظروف المعيشية الصعبة التي اختبرها الأتراك خلال الأعوام الأخيرة يمكن أن تكون عائقاً أمام وصوله إلى سُدّة الحُكم لفترة رئاسية جديدة، ممّا دفعه لتقديم إنجازات لشعبه يمكن أن تكون هُلامية، وكان آخرها زعمه اكتشاف حقل نفطي كبير تصل قدرته لـ100 ألف برميل يوميا، فما حقيقة هذا؟ وهل سينضم هذا الادعاء إلى سلسلة ادعاءاته السابقة التي ترافق الانتخابات الرئاسية؟.
*اكتشاف حقل نفطي
في الأسبوع الماضي، زعم أردوغان اكتشاف حقل نفطي بقُدرة إنتاجية تصل إلى (100) ألف برميل يومياً، لافتاً إلى أنّ بلاده "بعد الآن ستُصبح دولة مصدِّرة للطاقة"، على حدّ تعبيره.
وقال أردوغان في كلمة نقلتها وكالة أنباء الأناضول التركية الرسمية: "أودّ أن أزفّ بُشرى جديدة، لقد اكتشفنا حقلاً نفطياً بقُدرة إنتاجية تصل إلى (100) ألف برميل يومياً في جودي غابار (منطقة جبلية في شرناق)... وإطلاق اسم مدرّستنا الشهيدة آيبوكه يالجين التي قتلها تنظيم الـ PKK بطريقة شنيعة على الحقل النفطي المُكتشف في جبل غابار".
وأضاف: "الحقل الذي يوجد فيه بئر آيبوكه يالجين-1 سيُنتِج وحده أكثر من آبار النفط كافة في تركيا.. والنفط المُكتَشَف عالي الجودة، ويقع على بعد (20) كيلومتراً من قضاء جزرا بولاية شرناق". مؤكداً، "سنتخذ خطوة جديدة نحو اكتفاء بلادنا ذاتياً بالطاقة، مع إنتاج يصل إلى (180) ألف برميل نفط يومياً من حقل الشهيدة آيبوكه يالجين -1".
*دعاية انتخابية
شهدت الأعوام الأخيرة في تركيا الإعلان عن العديد من اكتشافات النفط والغاز، فيما بقيت عمليات الإنتاج مجهولة، ولا يُعرف عنها أيّ شيء، حتى زعم الكثير من المراقبين أنّ الإعلانات التي يُطلقها أردوغان في أوقات حسّاسة، ليست إلا دعاية انتخابية، في محاولة لاستمالة المواطنين ومنحهم الأمل بغدٍ أفضل، وفق ما نقل موقع (أحوال تركيا) في تحليل نشره مؤخراً.
*حقول غاز أمام الشاشات فقط!
ومن الوعود التي ساقها أردوغان أيضاً توفير غاز طبيعي مجاني للاستهلاك المنزلي يصل إلى (25) متراً مكعباً شهرياً لمدة عام للمواطنين كافة، احتفالاً باكتشافات جديدة للغاز في البحر الأسود، وفق ما نقل موقع "العربية"، وهذا لم يحدث، وبقي مجرّد وعود غير صادقة.
وضمن إنجازاته الهُلامية سعى أردوغان لطمأنة المواطنين حول احتياطي العملات الصعبة في المصرف المركزي، زعم في كلمة خلال مشاركته في اجتماع الجمعية العامة السابعة لنقابة الموظفين الحكوميين، أنّ احتياطي النقد الأجنبي في البنك المركزي يبلغ حالياً (122) مليار دولار، دون التطرّق للعجز الذي بلغ في كانون الأول (ديسمبر) الماضي (5.9) مليارات دولار، وفقاً للأرقام التي نشرها البنك المركزي، والتي كانت أوسع قليلاً ممّا توقّعه الاقتصاديون.
*وعود دون تنفيذ
ومن الوعود أيضاً التي أطلقها أردوغان تحسين أوضاع المتقاعدين، ورفع مرتبات كل من يتقاضى أقل من (7500) ليرة تركية، بعد الانتخابات المقبلة. لكن وحسبما نقل "موقع 21"، فإنّ الوعود بما يتعلق برفع المرتّبات لمن يتقاضون دون (7500) ليرة تركية كانت من عدّة أشهر، إلّا أنّها طُبِّقت على عدد محدود من الشريحة، لهذا أعاد أردوغان إحياء الوعد، محاولاً استغلاله في الانتخابات المقبلة.
وفي سياق وعود أردوغان الانتخابية، كشف في كلمة ألقاها قبل أيام، خلال مشاركته في حفل "قرن المستقبل" للتعريف ببعض منتجات الصناعات الدفاعية التركية، في العاصمة التركية أنقرة، عن اسم المقاتلة التركية الوطنية محلية الصنع (قاآن)، لتدخل تركيا بذلك نادي إنتاج الطائرات الحربية من الجيل الخامس.
وقال أردوغان، وفق ما أوردت وكالة الأناضول: "نعيش يوماً مشهوداً في تاريخ الدفاع والطيران التركي"، مضيفاً: "لا، ولن نترك متنفّساً لأيٍّ من التنظيمات الإرهابية الدموية".
وذكرت مصادر دولية رفيعة، أنّ الطائرة (قاآن) في طور الاختبارات، وأنّها بحاجة لأعوام طويلة قبل بدء مرحلة التصنيع والإنتاج، مؤكدين ظهور الكثير من العيوب والأخطاء في النسخة الأولية للطائرة.
وأضافت المصادر، أنّه من المتوقَّع أن يتحدث أردوغان خلال الأيام المقبلة عن صناعات ما زالت حتى اللحظة في طور الدراسة، وبحاجة لأعوام طويلة لتطبيقها، في سياق دعايته الانتخابية.
*توقيت حاسم
حسب الباحث والمستشار المتخصص في الشأن التركي محمود علوش، فإن الهدف من اختيار افتتاح العديد من المشاريع هو التأكيد على الارتباط بين التقدّم الذي حققته تركيا خلال العقدين الماضيين بشخصية أردوغان وحِقبة حزب العدالة والتنمية الحاكم.
وأكد علوش، أن "هذا الاختيار يخدمه في المنافسة الانتخابية بالطبع"، مؤكدا أن إنجازات أردوغان لا تزال تعمل كورقة رابحة له في الانتخابات، على الرغم من تراجع تأثيرها عن الأعوام السابقة نظرا للوضع الاقتصادي القائم ومسألة التضخم.
*المعارضة والمجهول
في المقابل، يرى علوش أن المعارضة التركية الحالية لم يختبرها الناخب التركي في السلطة، مما يجعل من الصعب تكوين انطباع إيجابي عام بأنها ستكون أكثر نجاحاً من أردوغان.
*باحث تركي: القفز في المجهول أفضل من الواقع الحالي
وأفاد المتحدث بأنه لا يمكن إغفال شريحة من الأتراك ترغب في التغيير وتريد بديلا لأردوغان، كونها لم تعد تؤمن بتجربته الاقتصادية. مضيفا، "بالنسبة لهم، فإن القفز في المجهول أفضل من الواقع الحالي".
ولفت إلى، أنه "قد لا تكون هذه المقاربة صحيحة دائما. هناك سيّئ قائم من وجهة نظرهم، لكن هناك أسوأ مُحتمل يُمكن أن يأتي إذا أردتَ التغيير. هذه المقاربة قد تخدم أردوغان جزئيا في استقطاب الأصوات المتردّدة غير الأيديولوجية".
*أردوغان واستغلال مواقع التواصل للدعاية الانتخابية
أدرك حزب أردوغان (العدالة والتنمية) الحاكم في تركيا أنّ مواقع التواصل الاجتماعي أصبح لها دور كبير في تكوين الرأي العام وتحريك الشعوب، وأنّها تؤثر في العملية السياسية، خاصةً في الانتخابات.
ورغم أنّ استخدامها في الدعاية الانتخابية موضوع جدل، في ظل انتشار المعلومات الزائفة والمضلّلة خلالها، إلا أنّ أردوغان يحاول استغلالها لصالحه في الانتخابات.
وبهذا الشأن، قال أردوغان توبراك، المستشار الرئيسي لرئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، إنّ حزب العدالة والتنمية بدأ في شراء العديد من الحسابات بأكثر من (10) آلاف متابع على (إنستغرام وتويتر) من خلال وكالة.
*متلازمة النفط والانتخابات!
إعلان أردوغان اكتشاف حقول نفطية ضخمة ستُحدِث نقلة في تاريخ تركيا الاقتصادي أثار سخرية العديد من مدوّني التواصل الاجتماعي، إذ أكد أحدهم أنه في عهد أردوغان اكتشف متلازمة جديدة اسمها "متلازمة النفط والانتخابات". مردفاً بالقول، "سبحان الله، لا يُعلن عن اكتشافات نفطية في تركيا إلا حينما يقترب موعد الانتخابات.. لننتظر نتائج هذا الاكتشاف العظيم بعد الانتخابات!".