اتهامات بالتجسس تطال بكين والأخيرة ترفض "بشدة".. إليك تفاصيل التصعيد الأمني بين الصين وألمانيا وبريطانيا.. ماذا تعرف عن المؤسسات الاستخبارية الصينية؟
انفوبلس/ تقرير
تزايدَ توتُّر العلاقات الصينية – الغربية على خلفية عدد من القضايا الأمنية والاقتصادية الدولية، بعد إلقاء شرطة برلين القبض على 4 أشخاص اتُهموا بالتجسس لمصلحة بكين بينهم نائب ألماني في البرلمان الأوروبي، خلال 24 ساعة فقط، الأمر الذي نفته الأخيرة "بشدة"، فما الذي يجري وماذا نعرف عن المؤسسات الاستخبارية الصينية؟
ويسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على الأزمة الحالية بين الصين وألمانيا وبريطانيا على خلفية ادعاءات بالتجسس تطال بكين
أطلقت ألمانيا وبريطانيا، أمس الاثنين 22 نيسان/ابريل 2024، حملة ضد الجواسيس المشتبه في نقلهم معلومات سرية إلى الصين، مع تزايد المخاوف في الغرب بشأن أنشطة التجسس الصينية.
وقد رفضت السفارة الصينية في برلين "بشدة" اتهامات بالتجسس في ألمانيا، وذلك على خلفية إعلان النيابة العامة الألمانية توقيف ثلاثة ألمان بشبهة التجسس لحساب بكين، وفق ما أوردت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية "شينخوا".
وجاء في بيان للسفارة أوردته شينخوا "ندعو الجانب الألماني إلى الكف عن استغلال مزاعم التجسس" بغرض "تشويه سمعة الصين" وصورتها.
وبعد يوم من القبض على 3 ألمان اتُّهموا بالتجسس لصالح الصين ونقل تكنولوجيا تتعلق بالدفاعات البحرية، أعلن الادعاء العام الفيدرالي، اليوم الثلاثاء، القبض على جاسوس رابع، هو مساعد يعمل لدى نائب ألماني في البرلمان الأوروبي. والنائب هو ماكسيميليان كراه المنتمي لحزب "البديل لألمانيا"، اليميني المتطرف في صفوف المعارضة.
ووصفت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسي فيزر، الكشف عن الجاسوس الذي يعمل في البرلمان الأوروبي بأنه "خطير للغاية"، وقالت إنه "إذا ثبتت اتهامات التجسس ضد الموظف، فهذا سيكون بمثابة اعتداء على الديمقراطية الأوروبية من الداخل". وفي إشارة إلى إمكانية محاسبة النائب الذي وظف الجاسوس، قالت فيزر إن "أي شخص يوظف شخصاً مماثلاً يتحمل كذلك مسؤولية".
*توجيه اتهام في لندن
وأعلنت شرطة لندن، توجيه التهم رسمياً إلى رجلَين يبلغان من العمر 29 و32 سنة، يشتبه في قيامهما بالتجسس لحساب الصين بين نهاية عام 2021 وفبراير (شباط) 2023.
وقالت الشرطة، إن كريستوفر كاش وكريستوفر بيري، متهمان بالحصول على وثائق أو معلومات "يُعتقد أنها مفيدة بصورة مباشرة أو غير مباشر للعدو" أو جمعها أو تسجيلها أو نشرها أو تسليمها.
واتُهم البريطانيان بانتهاك قانون الأسرار الرسمية لعام 1911، وسيمثَّلان أمام محكمة في لندن، الجمعة.
وقالت الشرطة إن كريستوفر بيري (32 سنة) وكريستوفر كاش (29 سنة) متهمان بتقديم "مقالات أو مذكرات أو وثائق أو معلومات" إلى دولة أجنبية، وكانا يعملان باحثَين في البرلمان البريطاني.
ويُعتقد أن الجرائم المزعومة حدثت بين عامي 2021 و2023.
وكانت شرطة لندن قد أعلنت في سبتمبر (أيلول) الماضي، أنها ألقت القبض على رجل في العشرينيات من عمره بتهمة التجسس. وذكرت صحيفة "صنداي تايمز" أن اسمه كاش وهو باحث في البرلمان البريطاني.
وأشارت الصحيفة إلى أن كاش أجرى اتصالات مع نواب من حزب المحافظين الحاكم، بينهم وزير الأمن توم توغندات ورئيسة لجنة الشؤون الخارجية بمجلس العموم أليسيا كيرنز.
وأفادت التقارير، أن اتصال توغندات بالمشتبه فيه كان محدوداً، ولم يكن لديه أي اتصال به عندما كان وزيراً للأمن.
وحذر جهاز الاستخبارات الداخلية البريطانية "أم آي 5" العام الماضي من أن عميلة للحكومة الصينية تدعى كريستين لي "شاركت في أنشطة تدخل سياسي نيابةً عن الحزب الشيوعي الصيني، وتعاملت مع أعضاء هنا في البرلمان".
في يوليو (تموز) 2023، قالت لجنة الاستخبارات والأمن في مجلس العموم إن الصين كانت تستهدف بريطانيا "بكثافة وقوة" وإن الحكومة ليس لديها "الموارد أو الخبرة أو المعرفة" للتعامل معها.
وفي بيان أصدره محامو كاش في سبتمبر الماضي، أكد الباحث السابق براءته. ونُقل عنه قوله "من المهم أن يكون معروفاً أنني بريء تماماً. لقد أمضيت حياتي المهنية حتى الآن في محاولة تثقيف الآخرين في شأن التحدي والتهديدات التي يمثلها الحزب الشيوعي الصيني". وأضاف، إن "القيام بما تم ادعاؤه ضدي في التقارير الإعلامية سيكون ضد كل ما أدافع عنه".
وقالت بريطانيا، الشهر الماضي، إنها استدعت السفير الصيني لديها للشكوى من سلسلة من الهجمات الإلكترونية تم تحميل قراصنة مرتبطين ببكين مسؤوليتها.
وألقت بريطانيا والولايات المتحدة ونيوزيلندا، بالمسؤولية أيضاً على الصين في سلسلة انتهاكات للأمن السيبراني في العقد الماضي، لكن بكين نفت هذه الاتهامات. وأضافت أن الهجمات ضد النواب والمؤسسات الديمقراطية استهدفت على ما يبدو منتقدي الحكومة الصينية.
توقيفات في ألمانيا
من جهتها، أعلنت النيابة العامة الألمانية في بيان أن المحققين أوقفوا ثلاثة مواطنين ألمان في غرب البلاد، أمس الإثنين، للاشتباه في تجسسهم لصالح الصين، في قضية تأتي مباشرة بعد اكتشاف مشروع تخريبي لصالح موسكو.
وأضافت النيابة العامة أن الثلاثة الذين عرف عنهم على أنهم هيرفيغ أف، وإينا أف، وتوماس آر الذين أوقفوا في مدينتي دوسلدورف، وباد هومبورغ، في غرب البلاد، "تدور شبهات كبيرة حول عملهم لصالح جهاز استخباراتي صيني" في وقت ما قبل يونيو (حزيران) 2022.
كما دهمت قوات الأمن الألمانية أماكن إقامتهم وعملهم. وأوضحت أن "توماس آر كان عميلاً لأحد أفراد وزارة أمن الدولة موجود في الصين"، مشيرة إلى أنه "جمع معلومات في ألمانيا لتقنيات مبتكرة يمكن استخدامها لغايات عسكرية".
نقل المعرفة
وأشارت النيابة العامة الألمانية إلى أن توماس آر تعاون لهذه الغاية مع الثنائي هيرفيغ أف وإينا أف، اللذين يملكان شركة في دوسلدورف تؤدي دوراً وسيطاً في التعاون مع أشخاص في مجال العلوم والبحوث.
وقالت النيابة العامة إن الزوجين وقعا اتفاقاً، عبر شركتهما، مع جامعة ألمانية لتوفير "نقل المعرفة". كما أوضحت أن المرحلة الأولى من المشروع تضمنت إعداد دراسة لـ"شريك متعاقد" صيني حول قطع غيار الآلات الحديثة المستخدمة في محركات السفن القوية.
ولفتت إلى أن الشريك المتعاقد هو موظف شركة "أم أس أس" التي كان يعمل لديها توماس آر، وأن تمويل المشروع تم عبر مؤسسات الدولة الصينية.
وأثناء القبض عليهم، كان المشتبه فيهم يجرون مزيداً من المفاوضات حول مشاريع بحثية قد تكون مفيدة لتوسيع القدرات القتالية البحرية للصين.
ويُتهم الثلاثي أيضاً بشراء جهاز ليزر خاص من ألمانيا نيابة عن شركة "أم أس أس" وتصديره إلى الصين من دون تصريح.
وعلى رغم أن هذا الليزر يعتبر سلعة حساسة مخصصة للتطبيقات المدنية، فإنه من المحتمل أن يستخدم لأغراض عسكرية، من ثم يخضع لترخيص التصدير. وسيقدم المشتبه فيهم إلى القاضي لإيداعهم الحبس الاحتياط.
يقظة الأجهزة الأمنية الألمانية
من جهتها، رحبت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر بهذه التوقيفات التي تأتي بعد خمسة أيام من توقيف رجلين يحملان الجنسيتين الروسية والألمانية، ويشتبه في أنهما أرادا ارتكاب أعمال تخريبية لصالح روسيا بما في ذلك عبر استهداف المساعدات الأوكرانية، وقاعدة عسكرية أميركية.
وأكدت فيزر أن أجهزة الأمن الألمانية كانت "يقظة جداً" في مواجهة "الخطر الكبير للتجسس الصيني في المجالات الاقتصادية والصناعية والعلمية".
وبعد مماطلة طويلة بسبب العلاقات التجارية الوثيقة، قامت ألمانيا، أخيراً، بتشديد علاقاتها إلى حد ما مع الصين التي قالت إنها صارت "أكثر عدوانية".
وقبل بضعة أشهر، أشار وزير التعليم الألماني إلى أخطار التجسس العلمي من قبل الطلاب الصينيين الحاصلين على منح دراسية حكومية في الجامعات الألمانية.
كذلك، ندد قادة الاستخبارات الألمانية قبل عام ونصف العام بنوع من السذاجة في البلاد تجاه الصين الراغبة في الاستحواذ على المعرفة الاقتصادية والعلمية الألمانية.
ومع ذلك، فإن الاقتصاد الألماني الذي يعتمد على صادراته، لا يزال يعتمد بصورة كبيرة على السوق الصينية الهائلة. وتظل الشركات الألمانية حريصة على إقامة شراكات في هذا البلد، كما أظهرت الزيارة التي قام بها المستشار أولاف شولتز للصين، الأسبوع الماضي، وهي الثانية منذ توليه منصبه.
وتعود آخر الاعتقالات في ألمانيا بسبب الاشتباه بالعمل لصالح أجهزة الاستخبارات الصينية إلى صيف عام 2021 حين اعتقل عالم سياسي ألماني، ثم زوجته الألمانية الإيطالية، بتهمة تلقي بدل أتعاب مقابل معلومات حصل عليها بفضل اتصالاتهم السياسية العديدة.
*عمل المخابرات الصينية
لا تترك الصين، الأكثر كثافة سكانية وصاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم، أيّ وسيلة تمكّنها من الحصول على معلومات تكنولوجية وعسكرية من الغرب، حيث تتبع أجهزتها الأمنية المسؤولة عن التجسس وحماية الأمن القومي أساليب معقدة وذكية للحصول على معلومات عالية السرية.
في عام 2010 تعرضت شركة غوغل والعشرات من الشركات التكنولوجية والإعلامية الأميركية لهجوم إلكتروني واسع النطاق من "أورورا"، وهي مجموعة من الهجمات السيبرانية كان مصدرها بكين وعلى علاقة مباشرة مع جيش التحرير الشعبي الصيني.
كان الهدف من تلك الهجمات الحصول على معلومات اقتصادية وتكنولوجية مهمة بالنسبة إلى الصين، وخرق العلاقة مع الولايات المتحدة بشكل غير رسمي ودون إلحاق أضرار جسيمة.
يقول الباحث الإيطالي والمتخصص في الشأن الصيني جيانكارلو إليا فالوري إن "أجهزة المخابرات الصينية لديها أسلوب وطريقة عمل مختلفة تماما عن أجهزة استخبارات الغرب" للحصول على معلومات.
ويضيف في تحليل نشر على موقع “مودرن دبلوماسي”، الأوروبي المتخصص في تناول ملفات السياسة الدولية، أن أجهزة المخابرات الصينية لديها تنظيم معقد وصقل تقني للسيطرة السياسية على عمليات الخدمات، ووضع اللمسات الأخيرة المختلفة على عملية الوكالات الصينية في الغرب".
وتقبع أجهزة المخابرات في الصين، التي أنشأت أول جهاز استخبارات في عام 625 بعد الميلاد منذ عهد الإمبراطورة وو تشاو، تحت سيطرة وزارة أمن الدولة.
ويوضح الباحث الإيطالي أن "أجهزة المخابرات الصينية، على عكس السوفييتية القديمة، كانت أقل هوسا في علاقتها مع المصادر المحتملة، وتفضل الشعب الصيني العرقي”، في تنفيذ مهام التجسس.
ولا تدفع أجهزة الاستخبارات الصينية ثمنا مقابل حصولها على الأخبار والمعلومات في عملياتها الخارجية، لكنّها تساعد أقارب المهاجرين الصينيين في الخارج وهم يساعدونهم في أمور أخرى، حسب ما يشير جيانكارلو إليا فالوري في تحليله الواسع لأنشطة أجهزة المخابرات في الصين.
ويقول إنه "نادرا ما تدفع أجهزة الاستخبارات الصينية مقابل البيانات التي تتلقاها"، وإن وكالات بكين للاستخبارات مهتمة بالأشخاص الذين نادرا ما يدخلون في نطاق اهتمام أجهزة استخبارات العدوّ.
ولا تستخدم أجهزة المخابرات الصينية مقرات للتجسس في الخارج، ونادرا ما تعقد اجتماعات سرية ولا يتم استخدام الاتصالات السرية في عملها أبدا.
ويشير الباحث والكاتب الإيطالي إلى أن "أجهزة الاستخبارات الصينية تنظّم مناطق مغلقة حيث يجد المصدر نفسه يوفر المواد التي تحتاجها الحكومة الصينية".
ويؤكد في هذا السياق أن "اتساع شبكة المصادر يجعل السرعة البطيئة للعملاء الصينيين قادرة على الوصول إلى نفس أو حتى أكبر كمية من المواد والمعلومات الحساسة التي تم جمعها".
تعتمد أجهزة المخابرات الصينية على مصادر وأساليب وتكتيكات مختلفة للحصول على معلومات أمنية وتكنولوجية سرية. وتمكنت من التغلغل داخل الغرب بطرق شتى دون الكشف عن عملائها إلا في حالات نادرة.
ويقول الباحث الإيطالي جيانكارلو إليا فالوري إن "أجهزة الاستخبارات الصينية تتمتع بميزة كبيرة، حيث يمكنها استخدام صحافيين حقيقيين وأكاديميين حقيقيين بشكل قانوني"، الأمر الذي يختلف في الغرب والذي يحظر استخدام "الصحافيين ورجال الدين والبرلمانيين وأعضاء المجالس البلدية" كوكلاء.
وكانت الصين قد نفّذت في عام 1966، أي بعد عامين من بداية الثورة الثقافية والبروليتارية العظمى، عمليات تطهير واسعة داخل أجهزة المخابرات. وأطلقت في العام 1975 أول قمر صناعي صيني للاستخبارات الإلكترونية.
ويضيف أن المخابرات الصينية تعتمد على "الشركات التكنولوجية الصينية العاملة في الغرب بشرط أن تكون مكتفية ذاتيا من الناحية الاقتصادية وتحقق أرباحا دون التأثير على خزائن الجهاز أو الدولة".
وأشار إلى أن الشركات الصينية التي تستخدم التكنولوجيا والبيانات، – وهي المادة الأساسية للاستخبارات الصينية الحالية – يجب أن تكون هي المؤسسات الأكثر وضوحا وطبيعية، دون مقصورات مخفية أو عملاء غامضين يمكن لأجهزة استخبارات الدولة المضيفة اكتشافها.
ويسلط الباحث الضوء على مشكلة استغلّتها أجهزة الاستخبارات الصينية في عملها التجسسي وهي إحجام الشركات الصغيرة والمتوسطة عن الإبلاغ عن هجمات إلكترونية في الكثير من الأحيان أو حتى الأزمات الناتجة عن الاحتيال نتيجة هوس الإدراج الدائم في البورصة، والخوف من الخسارة الذي جعل الشركات تخشى بشكل مفرط الكشف عن هذه العمليات السلبية.
ويوضح أن هناك تغييرا حدث في نظام الدولة مؤخرا في الصين بالنظر إلى الدور الاقتصادي العالمي الذي تلعبه البلاد، حيث تتعامل الآن مع تأمين إمدادات المواد الخام من الخارج، وكذلك استقرار النظام الإنتاجي الداخلي في مرحلة التحولات الاجتماعية الكبرى.
السياسة الخارجية
وبالتوازي مع عمل أجهزة المخابرات يحافظ الرئيس الصيني شي جين بينغ على خط السياسة القديم والمستقر الذي طوره الرئيس السابق جانغ زيمين والذي تم تحديده في العام 1999 لصنع القرار في الدولة وتحديد السياسة الخارجية وإقرارها.
ويقول فالوري إن "المجموعة الصغيرة لقيادة الأمن القومي” تأتي في المستوى الأعلى في نظام صنع القرار في الحزب الشيوعي والدولة الصينية، وهي لديها العديد من آليات صنع القرار الاستراتيجي داخل الطبقة الحاكمة الصينية.
وأنشأت الصين "المجموعة الصغيرة الرائدة للأمن القومي" في أعقاب قصف الولايات المتحدة للسفارة الصينية في بلغراد في السابع من مايو عام 1999.
ويضيف أنه على المستوى المؤسسي تلعب اللجنة الدائمة للمكتب السياسي دورا بارزا في صنع القرار بقيادة الرئيس الأسبق للصين هو جينتاو، وهو رجل لا يزال ضروريا لهندسة القوة التي يريد أن يصل إليها الرئيس الحالي شي جين بينغ، وهو ينصت له بعناية.
ويشير إلى أن هناك المجموعة الصغيرة الرائدة للأمن القومي وهي تتحكم بشكل أساسي في عمل الوكالات وبربطها ببعضها البعض، إضافة إلى دور أجهزة الاستخبارات والمجموعات الفكرية الأكاديمية وغير الأكاديمية المتنوعة.
ويعتمد النظام بالصّين في إقراره السياسة الخارجية على الحزب الشيوعي الصيني بجانب "اللجنة المركزية للمكتب السياسي"، بالإضافة إلى اللجنة الدائمة للمكتب السياسي، وتجمع اللجنة المركزية الدائمة بأعضاء الـ204 و167 "الاحتياطيين" مرة في السنة.
وتتكون "اللجنة المركزية للمكتب السياسي” من 25 عضوا، يتم انتخابهم من قبل اللجنة المركزية الدائمة. تجتمع مرة واحدة في الشهر وخمسة من أعضائها لا يقيمون عادة في بكين. كما تجتمع اللجنة المركزية الدائمة للشؤون الخارجية مرة واحدة في الأسبوع وتضم تسعة أعضاء. وعادة ما يتمّ تنسيق الاجتماع من قبل مكتب الشؤون الخارجية باللجنة المركزية.
تنافس وتجسس
يوضح جيانكارلو إليا فالوري أن مكتب الشؤون الخارجية داخل اللجنة الدائمة يتحمّل مسؤولية منطقة محددة ومع ذلك لا ينبغي الاعتقاد أن "الشيوعية الصينية سلطوية"، حيث أنه كلما كبرت القضية كلما اتسع نطاق النقاش ويتمثل خط سياسة القائد دائما في بناء أكبر إجماع بين مستشاريه.
ويقول فالوري إنه عند الإشارة إلى القضايا الشائكة في العلاقات الخارجية غالبا ما يعين القائد "المتعاون الأول"، حيث عادة ما تكون الاجتماعات المركزية روتينية بالنسبة إلى القضايا الثانوية حتى من الناحية الجيوسياسية، ويتحدث القائد ويقرر القضايا الأساسية من بينها العلاقات مع الولايات المتحدة حيث لا تزال هاجسا دائما لجهاز المخابرات الصيني.
ولا تزال تلك العلاقات بين بكين وواشنطن محل جدل واسع في العالم، وكثيرا ما تتّهم دوائر سياسية غربية السلطات الصينية بالوقوف وراء هجمات إلكترونية لأغراض التجسّس والحصول على معلومات تكنولوجية واقتصادية وعسكرية لدعم اقتصادها والمساعدة على تسهيل مهامها في التغلغل الاقتصادي في دول مختلفة حول العالم.
وكان أحدث صراع حول تطبيق "تيك توك" الصيني، الذي يتهم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هذا التطبيق المملوك لشركة "بايتدانس" الصينية بالتجسس لحساب بكين من خلال جمع معلومات مستخدميه.
وللصين والولايات المتحدة تاريخ طويل من الصراع الاستخباراتي فقد كان هذا الصراع على أوجه في ثمانينيات القرن الماضي، ويبدو أنه أكثر حدة في الفترة القريبة الماضية. ففي العام 1981 طورت واشنطن برامج للسيطرة على العملاء الصينيين العاملين داخل الأراضي الأميركية. وفي فترة لاحقة عملت الصين على إعادة التسلح النووي حيث أسست المؤسسة النووية الوطنية الصينية في العام 1988.
كما أن القوّات المسلحة الصينية قامت في العام 1999 ببناء قاعدة لاعتراض الإشارات العسكرية في كونا، ولكن في عام 2002 بدأت الهجمات الإلكترونية الصينية على بعض الشبكات الأميركية والمعروفة باسم "تايتان رين"، بينما فتح مكتب التحقيقات الفيدرالي مكتب اتصال في بكين، مع تمديد المهام أيضا إلى منغوليا.
وفي العام 2004، وضعت الصين القمر الصناعي النانوي 1 في المدار، ولكن كان هناك أيضا هجوم سيبراني آخر – ربما من أصل صيني – على قيادة هندسة نظم المعلومات بالجيش الأميركي، وكذلك على مركز أنظمة المحيطات البحرية، وأخيراً على التثبيت الفضائي والاستراتيجي في هنتسفيل، ألاباما.