الرد الايراني على رسالة ترامب: تفاوض عبر وسطاء والبالستي لا يمس وللمحور قراره الخاص

انفوبلس/..
وسط تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، كشفت مضامين مسربة عن الرد الإيراني على رسالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي حملت في طياتها رسائل نارية.
الرد الإيراني جاء حاسمًا وواضحًا، ليؤكد أن القدرات الباليستية خط أحمر لا يمكن المساس به تحت أي ظرف، باعتباره ركيزة أساسية في استراتيجية الردع الإيرانية، وأن أي مفاوضات حول هذا الملف مرفوضة بشكل قاطع. كما شدد الرد على أن محور المقاومة يتمتع باستقلالية تامة في قراراته العسكرية والسياسية، ولا يخضع لأي ضغوط أو إملاءات، سواء من طهران أو من أي طرف خارجي.
هذا الموقف الصلب يعكس إرادة إيران في فرض معادلات جديدة على الساحة الدولية والإقليمية، مؤكدًا أن لغة التهديد والضغوط الاقتصادية لن تُجبرها على تقديم تنازلات، بل ستزيدها إصرارًا على تعزيز قدراتها الدفاعية ودعم حلفائها في المنطقة.
وبحسب مصادر إيرانية غير رسمية، فإن رد إيران سيتضمن النقاط الآتية:
أولًا؛ إن إيران مستعدة للدخول في محادثات مع الحكومة الأميركية بشأن الملف النووي، بشرط عدم اتباع واشنطن سياسة “الضغوط القصوى” ضدها ولا منطق التهديدات، وفي هذه المرحلة لن تدخل إيران في مفاوضات مباشرة مع أميركا تحت الضغط أو التهديد، بل ستكتفي بالمحادثات غير المباشرة معها، مع أهمية توفير الضمانات التي تحول دون انسحاب الولايات المتحدة من أي اتفاق جديد كما حصل في العام 2018.
ثانيًا؛ تتمسك إيران بسلمية برنامجها النووي وبالتالي ليس على جدول أعمالها عسكرة هذا البرنامج.
ثالثًا، فيما يخص النفوذ الإقليمي، لن تُجري إيران أية محادثات مع الولايات المتحدة في هذا الشأن، وإذا رغبت واشنطن في التفاوض حول ذلك، فعليها التحدث مباشرة مع تلك القوى في المنطقة، لأن طهران لا تعترف بوجود ما يُسمى بـ”قوات إيرانية بالوكالة” (أذرع إيرانية)، فكل هذه القوى مستقلة تمامًا في قراراتها عن إيران، وإذا كانت الولايات المتحدة تنشد السلام الدائم في المنطقة، فلتبادر إلى إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
رابعًا، لن تدخل إيران في أي مفاوضات مع أي طرف أجنبي بشأن منظومتها الدفاعية، بما في ذلك إنتاج وتطوير الصواريخ الباليستية، فكل ما يتعلق بإنتاج السلاح الدفاعي هو حق سيادي إيراني.
خامسًا، لن تقبل إيران أي تهديد من أي طرف أو دولة أجنبية، وسترد على التهديد بالتهديد، وإذا تحوّلت هذه التهديدات إلى أفعال، فإن إيران سترد عليها بكل قوتها. وإذا كانت إيران لا تستخف بالقدرات العسكرية الأميركية، فمن واجب الولايات المتحدة أن لا تستخف أيضاً بقدرات إيران.
*أسلوب المفاوضات المباشرة
في هذا السياق، يقول، قاسم محبعلي، الدبلوماسي الإيراني السابق والخبير في الشؤون الدولية: “أسلوب مفاوضات إدارة ترامب هو المفاوضات المباشرة. الجمهوريون عمومًا لا يفضلون المفاوضات غير المباشرة والمتعددة الأطراف. إذا كان من المقرر إجراء مفاوضات، فستكون مباشرة. اتفاق 2015 أصبح من الماضي، وأستبعد تكراره بالنموذج نفسه. الطرف الوحيد في الحوار الآن هو إيران، وستكون المفاوضات ثنائية ومباشرة. هناك العديد من القضايا المطروحة للنقاش، وأهمها مصير الاتفاق النووي والتطورات في الشرق الأوسط.. المفاوضات ستجري على أي حال، والأهم هو التفاوض قبل وقوع أي مواجهة. من المؤكد أن المفاوضات بعد المواجهة ستكون لصالح الطرف المنتصر”.
من ناحيته، تحدث، حشمت الله فلاحت بيشه، الرئيس السابق للجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني، عن دور الوسطاء في المفاوضات وضرورة إجراء محادثات مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، وقال: “إذا تمكنت إيران والولايات المتحدة، من خلال مفاوضات أمنية واستخباراتية مباشرة، من تخفيف التوترات، وأصبح واضحًا أن تصرفات الآخرين (الحلفاء) لا علاقة لها بإيران، فسيكون ذلك بمثابة تمهيد للنظر في رسالة ترامب”.
بطبيعة الحال، تبدو أن سياسة تبادل الرسائل وتحويلها إلى سياسة معلنة ستستمر في الوقت الحالي، وعلى الأرجّح إذا تم التوصل إلى مسار للحوار المباشر بين إيران والولايات المتحدة، فسيكون ذلك قبل شهر تشرين الأول/أكتوبر المقبل، وسيقتصر على البرنامج النووي الإيراني، حسب أكثر من مسؤول إيراني.
من جانب آخر، كتب موقع “انتخاب” الإخباري المقرب من الإصلاحيين عن تزامن إرسال رسالة ترامب إلى إيران مع تصعيد الضغط السياسي على طهران، قائلًا: “بالتزامن مع إرسال الرسالة الأميركية إلى إيران، يبدو أن واشنطن تحاول استخدام جميع الأدوات السياسية لتحقيق أقصى قدر من الضغط على طهران. ويبدو أن الهدف الأميركي من تحميل إيران مسؤولية هجمات قوات أنصار الله في اليمن، إلى جانب ممارسة ضغوط إضافية على طهران، هو خلق بيئة سياسية ودبلوماسية تمنع إيران من استخدام القوات اليمنية وأفعالها كورقة ضغط في المعادلات الإقليمية والدولية، ومحاولة تقليل نفوذ طهران في اللعبة السياسية إلى أقصى حد. كما يبدو أن ترامب يسعى، بأي وسيلة، إلى حل قضية إيران، بغض النظر عن مدى نجاحه في ذلك. يجب أن نأخذ في الاعتبار أن ترامب، برغم عدم تفضيله للحرب، لم يستبعد تمامًا الخيار العسكري من أجندته”، وفق الموقع.
وفي 12 من الشهر الحالي، سلّم مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدبلوماسية أنور قرقاش إلى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، رسالةً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي.
وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، مساء الخميس الماضي، إن طهران أرسلت رداً على رسالة ترامب بشكل مناسب عبر سلطنة عُمان، مضيفاً: "سياستنا ما زالت عدم التفاوض مباشرةً مع أميركا في ظروف الضغوط القصوى والتهديدات العسكرية"، وفق التلفزيون الإيراني، ومضى بالقول: إنّ المفاوضات غير المباشرة يمكن أن تستمر كالسابق، إذ أجرت الحكومتان السابقتان أيضاً هذه المفاوضات.
وفي موازاة ذلك، نقل موقع أكسيوس الأميركي، عن مصدر مطلع، الخميس، تأكيده أن مسقط أخطرت واشنطن بتسلّمها رد طهران رسمياً.
وأوضح المصدر، أن العُمانيين أَطلعوا الولايات المتحدة على الرسائل التي تلقوها من الإيرانيين، وسيسلمون الرسالة الإيرانية إلى البيت الأبيض في الأيام المقبلة.
وفي السادس من الشهر الحالي، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن إرساله خطاباً إلى القيادة الإيرانية، قائلاً في مقابلة مع قناة فوكس بيزنس "قلت إني آمل أن تتفاوضوا، لأن الأمر سيكون أفضل بكثير بالنسبة إلى إيران"، وتابع: "أعتقد أنهم يريدون الحصول على هذه الرسالة. البديل الآخر هو أن نفعل شيئاً، لأنه لا يمكن السماح بامتلاك سلاح نووي آخر"، وفق قوله.