الشيخ العاروري يلتحق بركب الشهداء.. انفوبلس تستعرض سيرة الشهيد القسامي ورائد عمليات الطعن والدهس ضد المستوطنين
انفوبلس/..
كان خارج فلسطين لكنه لم يكن بعيداً عنها أبداً، فهو مهندس العديد من العمليات الجهادية بدءاً من القتالية وصولاً لعمليات الدهس والطعن ضد الكيان الصهيوني، حتى بدت آثار عملياته واضحة بشكل جليّ ضد الاحتلال، وما استهدافه في ضاحية بيروت الجنوبية الا دليل على كمية الانزعاج التي تسبب بها الشيخ صالح العاروري لتل أبيب.
*مَن هو العاروري؟
وُلِد صالح العاروري في 19 أغسطس/آب عام 1966 في قرية عارورة الواقعة شمال غرب مدينة رام الله، ودرس الشريعة في جامعة الخليل، وسُمي العاروري نسبةً إلى قريته.
والعاروري هو نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية، متزوج وله ابنتان ويعيش في لبنان.
قامت القوات الإسرائيلية بهدم منزله في رام الله أثناء معركة طوفان الأقصى في 01/11/2023 باستخدام المتفجرات. ولم تكن هذه المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل منزل العاروري، إذ قامت بهذه الفعلة أيضاً في 20 حزيران/ يونيو 2014.
ساهم العاروري بتأسيس (كتائب القسام) الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية، كما يُعد الرأس المدبّر لتسليح كتائب القسام.
اعتُقل إدارياً خلال السنوات 1990-1991-1992م حتى 2007 (15 سنة) بتهمة تشكيل الخلايا الأولى للكتائب القسّامية في الضفة، ثم أُعيد اعتقاله بعد ثلاثة شهور من الإفراج عنه، ولمدة ثلاث سنوات حتى سنة 2010م حيث قررت المحكمة العليا الإسرائيلية الإفراج عنه وإبعاده خارج فلسطين.
وبعد قضائه أكثر من 18 سنة في السجون الإسرائيلية، تم ترحيله خارج فلسطين إذ استقر في سوريا لمدة ثلاث سنوات، ومع بداية الأزمة السورية غادرها إلى تركيا في شهر فبراير/ شباط عام 2012، واستقر بها، ثم بعد سنوات غادر تركيا وتنقل بين عدة دول من بينها قطر وماليزيا وأستقر أخيراً في الضاحية الجنوبية في لبنان.
اختير عضواً في المكتب السياسي لحركة حماس عام 2010م وحتى أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2017.
في التاسع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2017 أعلنت حركة حماس عن انتخاب العاروري نائباً لرئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية خلال انعقاد مجلس شورى الحركة.
وكان العاروري أحد أعضاء الفريق المفاوض لإتمام صفقة وفاء الأحرار "صفقة شاليط".
أبرز مواقف للعاروري
مع استمرار احتلال إسرائيل للضفة الغربية وتوسع المستوطنات، قال العاروري إنه "لا يوجد خيار آخر" سوى الانخراط في المقاومة الشاملة.
وكان أحد كبار مسؤولي حماس الذين يقفون وراء التوسع القوي للحركة في الضفة الغربية حيث نفذ مسلحوها سلسلة من الهجمات على المستوطنين الإسرائيليين على مدى 18 شهرا مضت.
وقعت عدة حوادث إطلاق نار العام الماضي بعد وقت قصير من توجيه العاروري تهديدات لإسرائيل أذاعها التلفزيون.
وشارك العاروري عن كثب في المفاوضات المتعلقة بالحرب، وقال في ديسمبر الماضي إنه لن يُطلق سراح المزيد من الرهائن حتى يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار.
*مهندس العمليات ضد الاحتلال
ولطالما كان صالح العاروري على رأس المطلوبين لإسرائيل، إذ يوصف بـ "مهندس" الهجمات في الضفة الغربية المحتلة ضد الجنود الإسرائيليين والمستوطنين، وإطلاق الصواريخ من غزة ولبنان، كما أن الإعلام الإسرائيلي وصفه بـ"كابوس إسرائيل وعرّاب العلاقات مع إيران وحزب الله"، وهو مُدرَج على قائمة "الإرهابيين الدوليين" الأمريكية.
*شهادة رفيق
وفي هذا السياق، يقول عصمت منصور -الذي أمضى عشرين عاما في السجون الإسرائيلية- إنه رافق لسنوات طويلة في السجن صالح العاروري منذ عام 1994، ووصفه بأنه "شخص ذكي.. هادئ.. لا يتحدث كثيرا.. كان يفكر بطريقة استراتيجية ومنظمة.. ويتمتع بحس أمني مرتفع".
ويقول منصور، إن العاروري أمضى معظم سنوات سجنه الطويلة ضمن الاعتقالات الإدارية ودون محاكمة لأن "التهم لم تكن تثبت عليه".
ويضيف، إن العاروري أدى من داخل السجن دورا محوريا وهاما في قيادة صفقة مفاوضات تبادل الأسير جلعاد شاليط، التي أُفرج بموجبها عن 1027 معتقلا فلسطينيا من بينهم رئيس حركة حماس الحالي في غزة، يحيى السنوار.
يتابع منصور: "اجتمع العاروري والسنوار بقيادات حماس في سجن النقب.. وحسموا تفاصيل الصفقة النهائية.. إذ كان فيها عقبات أمام قيادات الحركة في الخارج.. ثم أُفرج عنه قبل إتمام الصفقة بشهور.. ربما لإعطائه مجالا في إتمام ترتيبات صفقة التبادل".
*صلة وصل
كان العاروري أحد المؤدِّين لـ"سجدة الشكر" إلى جانب قادة آخرين أبرزهم إسماعيل هنية بحسب تسجيل مصور نشره مقربون من حماس، حال الإعلان عن الهجوم على إسرائيل الذي أسفر عن مقتل 1200 صهيوني.
وبعد هجوم طوفان الأقصى، كشفت وسائل إعلام غربية، بينها صحيفة "يو إس أيه توداي" الأميركية، أن إسرائيل أطلقت عملية مطاردة دولية لاستهدافه.
واختارته، دون غيره، لأنه يعتقد أنه "كان على علم مسبق بتفاصيل الهجوم الذي شنته الحركة، وكذلك لأنه حلقة الوصل بين الحركة من جهة وإيران وحزب الله اللبناني من جهة ثانية"، وفق الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤولي استخبارات حاليين وسابقين في الولايات المتحدة وإسرائيل وكذلك وثائق حكومية وقضائية نقلت القول، إن "العاروري يعتبر حلقة وصل استراتيجية بين ثلاث جهات، هي حماس وحزب الله وإيران".
*دور أكثر بروزا
وتنقل ذات الصحيفة عن مصادر، القول، إن دور العاروري في حركة حماس كان أكثر من مجرد شغله منصب نائب رئيس المكتب السياسي للحركة.
وبالإضافة إلى استمراره في لعب دور في كتائب القسام، أمضى العاروري سنوات في المساعدة في إعادة بناء عمليات حماس في الأراضي الفلسطينية الأخرى التي تحاصرها إسرائيل، مثل الضفة الغربية، وفقا لمسؤولين إسرائيليين وأميركيين سابقين.
ويقول هؤلاء، إن العاروري عمل مساعدا رئيسيا لإسماعيل هنية، أحد قادة حماس العديدين المقيمين في قطر.
*الاستشهاد
أسفرت ضربة إسرائيلية جوية استهدفت مقراً لحركة حماس في ضاحية بيروت الجنوبية، مساء أمس الثلاثاء، عن اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي للحركة صالح العاروري.
وقالت حركة حماس في بيان نعي، "بكلّ معاني الفخر والاعتزاز، وبمزيدٍ من الإيمان والإصرار على مواصلة درب الشهداء، ننعى إلى شعبنا الفلسطيني في كلّ ساحات الوطن وخارجه، وأمَّتنا العربية والإسلامية وأحرار العالم، القائد المجاهد، والقامة الوطنية الكبيرة، الشهيد الشيخ صالح العاروري (أبو محمَّد) نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قائد الحركة في الضفة الغربية.
وإخوانه القادة/
القائد القسّامي سمير فندي - أبو عامر
القائد القسّامي عزام الأقرع - أبو عبد الله
وعدد من إخوانهم من كوادر وأبناء الحركة، وهم:
الأخ الشهيد محمود زكي شاهين
الأخ الشهيد محمد بشاشة
الأخ الشهيد محمد الريس
الأخ الشهيد احمد حمود
الذين ارتقوا إلى ربهم شهداء، مساء الثلاثاء، في العاصمة اللبنانية بيروت، إثر عملية اغتيال جبانة، نفذها العدو الصهيوني، في عدوان همجي وجريمة نكراء تثبت مجدّداً دمويته التي يمارسها على شعبنا في غزة والضفة والخارج وفي كل مكان".
وخاطب البيان، الشعب الفلسطيني، بالقول: "يا أبناء شعبنا المجاهد نؤكّد أنَّ اغتيال الاحتلال الصهيوني للأخ القائد الوطني الكبير المجاهد الشيخ صالح العاروري، وإخوانه من قادة الحركة وكوادرها ، على الأراضي اللبنانية هو عمل إرهابي، مكتمل الأركان وانتهاك لسيادة لبنان، وتوسيع لدائرة عدوانه على شعبنا وأمتنا. ويتحمّل مسؤولية تداعياته الاحتلال الصهيوني النازي، ولن يُفلحح في كسر إرادة الصمود والمقاومة لدى شعبنا ومقاومته الباسلة".
وأضاف، "لقد امتزجت الدماء الطاهرة للقائد الشهيد الشيخ صالح العاروري وإخوانه مع دماء عشرات الآلاف من شهداء شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية والخارج ودماء شهداء الأمة في معركة طوفان الأقصى من أجل فلسطين والأقصى".
وتابع البيان، " لقد مضى القائد الشيخ صالح العاروري، وإخوانه إلى ربّهم شهداء، بعد حياة حافلة بالتضحية والجهاد والمقاومة والعمل من أجل فلسطين، وفي القلب منها القدس والمسجد الأقصى المبارك، ونالوا أسمى أمانيهم على درب ذات الشوكة، وتركوا من خلفهم رجالاً أشدّاء يحملون الرّاية من بعدهم، ويكملون المسيرة، دفاعاً عن شعبنا وأرضنا ومقدساتنا حتى التحرير والعودة بإذن الله".
وأردفت حماس، "إن حركة تقدم قادتها ومؤسسيها شهداء من أجل كرامة شعبنا وأمتنا لن تُهزم أبداً وتزيدها هذه الاستهدافات قوةً وصلابةً وعزيمة لا تلين، هذا هو تاريخ المقاومة والحركة بعد اغتيال قادتها أنها تكون أشد قوةً وإصراراً".
وأتم البيان، "تقبّل الله القائد الشهيد الشيخ أبو محمّد وإخوانه ورفاقه وأسكنهم الفردوس الأعلى من الجنة".