الكيان الإسرائيلي يتجاوز الخطوط الحمراء في سوريا.. صفعة في وجه الجولاني وأمل السلام الزائف

تحركات الاحتلال تثير الاحتجاجات
انفوبلس/..
في تصريح أثار جدلاً واسعاً، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لن تسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بالدخول إلى المناطق الواقعة جنوب دمشق، مطالباً بإخلاء محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء من أي وجود عسكري للنظام السوري الجديد.
وطالب رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو خلال حفل تخرج دورة ضباط الجيش الإسرائيلي يوم الأحد، بإخلاء جنوب سوريا من قوات النظام الجديد، مشددًا على أنه لن يتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في المنطقة.
وأضاف نتنياهو، أن "الكيان الإسرائيلي لن يسمح لقوات النظام السوري الجديد بالانتشار جنوب مدينة دمشق"، مؤكدًا أن "جيش الاحتلال سيبقى متمركزًا في عدة مواقع استراتيجية في لبنان وسوريا، بما في ذلك منطقة جبل الشيخ والمنطقة العازلة التي سيحافظ عليها لفترة زمنية غير محدودة".
وفي إطار تحركاته العسكرية والسياسية، ذكر وزير الدفاع في الكيان الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، أن "القوات الإسرائيلية ستظل في قمة جبل الشيخ وفي المنطقة العازلة لضمان أمن المستوطنات في الجولان والشمال الإسرائيلي، مؤكدًا على أن جيش الاحتلال سيواصل تعزيز العلاقات مع الطائفة الدرزية في المنطقة".
صفعة في وجه الجولاني
يجد زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع (الجولاني)، نفسه في موقف محرج، بعد أن جاءت تحركات الاحتلال بمثابة صفعة لنهجه الجديد الذي زعم فيه أنه يتبنى سياسة سلمية تجاه الكيان الإسرائيلي
وأكد نتنياهو، أن "الكيان الإسرائيلي لن يسمح لقوات "هيئة تحرير الشام" بقيادة الجولاني أو الجيش السوري الجديد، بالتوغل إلى المناطق المحاذية للحدود الإسرائيلية"، مشيراً الى أن "الكيان الإسرائيلي سيعمل على إحباط أي تهديد في تلك المنطقة، وأن إسرائيل ستظل تحافظ على سيطرتها على الأراضي في الجنوب اللبناني، وأي تطورات في المنطقة لن تمر دون رد من قوات الاحتلال".
وجاءت تصريحات نتنياهو، بعد أيام من لقاء متلفز، صرّح فيه زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، بأن سوريا منهكة وليس لديها نية للدخول في حرب مع أي دولة في العالم، حيث يظهر هذا التباين في المواقف بشكل يعكس تعقيدات المشهد السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، ومحاولات القوى الإقليمية والدولية إعادة تشكيل التوازنات في المنطقة.
وفي ظل تصاعد التدخلات الصهيونية في الشؤون السورية، يجد زعيم هيئة تحرير الشام، أحمد الشرع (الجولاني)، نفسه في موقف محرج، بعد أن جاءت تحركات الاحتلال بمثابة صفعة لنهجه الجديد الذي زعم فيه أنه يتبنى سياسة سلمية تجاه الكيان الإسرائيلي، مبررًا ذلك بضعف سوريا وإنهاكها بعد سنوات من الحرب.
إلا أن تصريحات نتنياهو الأخيرة، التي تضمنت تهديدات مباشرة لسوريا الجديدة، أظهرت بوضوح أن الاحتلال لا يعير أي اعتبار لمهادنة الجولاني، بل يتعامل مع المشهد السوري من منطلق القوة والهيمنة، غير مكترث بأي تنازلات أو سياسات تهدئة من قبل بعض الأطراف.
ويرى مراقبون أن هذا التطور يضع الجولاني في موقف صعب أمام أنصاره، حيث بدا رهانه على عدم مواجهة الاحتلال الإسرائيلي خيارًا غير ذي جدوى، خاصة بعد أن تجاهل الاحتلال تصريحاته بالكامل واستمر في فرض شروطه الأمنية والعسكرية في الجنوب السوري.
ويؤكد المراقبون، أن إسرائيل لا تتعامل مع سوريا على أساس منطق السلم أو الحرب، بل وفق مصالحها الأمنية والسياسية التي تجعل من استمرار تدخلها في سوريا أمرًا محسوماً بغض النظر عن سياسات الأطراف الفاعلة داخل البلاد.
دعوات لمظاهرات حاشدة
انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي مطالبات بضرورة منع دخول أي مستوطن أو صحفي إسرائيلي إلى الأراضي السورية
من جانب آخر، أثارت تصريحات نتنياهو ردود فعل غاضبة في جنوب سوريا، حيث دعت فعاليات شعبية في درعا والسويداء إلى تنظيم احتجاجات رفضاً للتدخل الصهيوني في الشؤون السورية.
وتواصلت موجة الرفض الشعبي في سوريا، حيث دعا ناشطون إلى وقفة احتجاجية للمطالبة بطرد الصحفي الإسرائيلي "إيتاي إنجل" من دمشق، وذلك بعد نشره صوراً من داخل العاصمة السورية أثناء إعداده فيلماً وثائقياً عن سوريا في مرحلة ما بعد نظام بشار الأسد، وتزامنت هذه الدعوات مع احتجاجات أخرى منددة بتصريحات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بشأن الجنوب السوري.
وانتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي مطالبات بضرورة منع دخول أي مستوطن أو صحفي إسرائيلي إلى الأراضي السورية، معتبرين أن السماح لإنجل بالتجول بحرية داخل دمشق وإجراء لقاءات مع شخصيات عسكرية يمثل انتهاكاً للسيادة الوطنية.
وكان إنجل قد أثار جدلاً واسعاً بعد نشره صورة له وهو يدخن "الناركَيلة" في أحد مقاهي دمشق، إلى جانب مقاطع مصورة من شوارع المدينة، ومواقع عسكرية وأمنية، إضافة إلى لقاء أجراه مع أحد قيادات الفصائل المسلحة التابعة لإدارة العمليات العسكرية.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي يدخل فيها الصحفي الإسرائيلي إلى سوريا، إذ سبق له أن زار البلاد عام 2012 حيث التقى بقيادات في "الجيش الحر"، ووثق تقارير عن العمليات العسكرية، كما أجرى مقابلات مع مقاتلين من مختلف الفصائل، بما فيها تنظيم "داعش"، ونقل تقاريره عبر وسائل إعلام إسرائيلية ودولية.
وأثار دخول إنجل مجدداً إلى سوريا، هذه المرة عبر قنوات رسمية، حالة من الغضب بين السوريين الذين طالبوا الحكومة المؤقتة بفتح تحقيق حول ملابسات دخوله ومدى تأثير تقاريره على الرأي العام، وسط مخاوف من توظيفها لخدمة أجندات الاحتلال الإسرائيلي.
وتأتي هذه الدعوات بالتزامن مع تحركات شعبية واسعة في مختلف المدن السورية، رفضاً لتصريحات رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو التي طالب فيها بإخلاء الجنوب السوري من القوات العسكرية، مؤكداً أنه "لن يتسامح مع أي تهديد للطائفة الدرزية في المنطقة".
ومن المتوقع أن تشهد عدة مدن سورية، بما فيها ساحة "18 آذار" في درعا وساحة الكرامة في السويداء، مظاهرات حاشدة غداً الثلاثاء، للتعبير عن رفض هذه التصريحات والتأكيد على وحدة الأراضي السورية في مواجهة أي محاولات للتقسيم أو فرض واقع جديد يخدم مصالح الاحتلال.
استعلاء مؤذن بخراب الكيان
وانتقدت الأمانة العامة للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، التهديدات التي أطلقها رئيس وزار الإحتلال الإسرائيلي للشعب السوري، ومطالبته السلطات السورية الجديدة بجعل جنوب دمشق منطقة خالية من السلاح، واعتبرت ذلك استمرارا في نهج الغرور والاستعلاء الذي يتعامل به الاحتلال مع شعوب المنطقة، وهو استعلاء مؤذن بخراب كيان الاحتلال.
وأكد علي محمد الصلابي ـ الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ـ أن التحولات الجارية في سوريا والمنطقة تبرهن على أن الشعوب لا تقبل الظلم والاستبداد، وأنها قادرة على إعادة رسم ملامح مستقبلها وفق إرادتها الحرة.
وأضاف، أن التهديدات الإسرائيلية لن تثني الشعب السوري عن المضي في مسار بناء دولته الجديدة، مشيرًا إلى أن محاولات الاحتلال لفرض شروطه السياسية والأمنية على سوريا الجديدة لن تلقى سوى الرفض والمقاومة.
كما شدد على أن المرحلة القادمة ستشهد تغيرات استراتيجية مهمة، حيث بدأت ملامح نظام إقليمي جديد تتشكل، يعيد التوازن لصالح الشعوب المستضعفة، وأوضح أن تحالفات سوريا الجديدة، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العسكري، ستسهم في تعزيز مكانتها وحماية سيادتها.
واختتم الصلابي حديثه بالتأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي يعيش أزمة داخلية وخارجية متفاقمة، وأن رهانه على استمرار تفوقه العسكري والأمني لن يحول دون التحولات الكبرى التي تشهدها المنطقة.
موجة من الاحتجاجات
وفي السياق ذاته، شهدت مناطق عدة في جنوب سوريا موجة من الاحتجاجات والتظاهرات المنددة بتصريحات رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي هدد فيها بالسيطرة على مناطق جنوب سوريا، وفرض شروط أمنية تشمل نزع السلاح ومنع تواجد القوات السورية فيها.
وانطلقت المظاهرات في كل من القنيطرة وبصرى الشام بريف درعا، وساحة التظاهر في السويداء، حيث ردد المحتجون هتافات تهاجم الاحتلال الإسرائيلي وتستنكر محاولاته فرض واقع جديد في المنطقة، مطالبين بانسحاب الاحتلال من الجولان السوري المحتل.
كما عبّر المشاركون عن رفضهم لما ورد في تصريحات نتنياهو بشأن تقديم الدعم للطائفة الدرزية، مشددين على أن هذه التصريحات تحمل أبعادًا سياسية تهدف إلى خلق انقسامات داخل النسيج الاجتماعي السوري. وطالب ممثلون عن الحراك الشعبي في السويداء مشيخة الطائفة الدرزية باتخاذ موقف واضح حيال محاولات الاحتلال التدخل في شؤون أبناء المنطقة.