الكيان الإسرائيلي يحاول فرض وصايته على مطار بيروت ويعرقل عودة اللبنانيين
انتهاك جديد للسيادة اللبنانية

انتهاك جديد للسيادة اللبنانية
انفوبلس/..
تشهد الساحة اللبنانية في الآونة الأخيرة، تصعيداً غير مسبوق في التدخلات الخارجية، لاسيما من جانب الكيان الإسرائيلي، الذي يسعى إلى فرض نفوذه على الشؤون الداخلية للبنان.
آخر فصول هذا التدخل، كان في محاولة صهيونية علنية، لعرقلة رحلة كانت ستُقلُّ مواطنين لبنانيين عبر الطيران الإيراني، حيث أُجبرت الطائرة على العودة بعد تهديدات إسرائيلية باستهداف مطار بيروت.
هذا التصرف يُعد انتهاكًا صارخًا للسيادة اللبنانية ويشكل تحديًا جديدًا لحقوق لبنان في اتخاذ قراراته المستقلة، وبينما تبذل الحكومة اللبنانية جهودًا لإيجاد حلول بديلة، يثير هذا الحدث تساؤلات حيال تواطؤ المجتمع الدولي مع الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، والتي تهدد استقرار لبنان وتعرض أمنه لمزيد من الخطر.
منع الطائرة من الهبوط
ثماني ساعات، انتظر مواطنون لبنانيون في (مطار الإمام الخميني الدولي) قبل أن يُبلَغوا بأن الطائرة التي كانت ستُقلّهم إلى بيروت، والتابعة لشركة "ماهان"، ممنوعة من الهبوط في مطار رفيق الحريري الدولي بقرار حكومي، امتثالًا لتغريدة من المتحدث باسم جيش العدو، فما الذي حدث قبل تعليق الرحلة؟
يبدو أن كل ما يجري بشأن مطار بيروت يأتي في إطار مخطط متكامل لدى العدو الصهيوني، الذي فُتحت شهيّته على توسيع نفوذه وممارسة نوع من الوصاية على لبنان، سواء بشكل مباشر من خلال التهديدات أو عبر الأميركيين.
كشفت مصادر مطلعة، أن "الإسرائيليين أرسلوا، الخميس، 13 شباط، إنذارًا هددوا فيه بقصف مطار بيروت الدولي إذا استقبل طائرة "ماهان" الإيرانية، بذريعة أنها قد تكون محمّلة بأموال لحزب الله.
بدورها، طلبت وزارة الأشغال العامة والنقل من إدارة المطار إبلاغ خطوط "ماهان" الإيرانية بعدم استقبال رحلتين تابعتين لها إلى بيروت؛ إحداهما كانت مقررة مساء الخميس، والأخرى اليوم الجمعة، وأضافت المصادر أن الرحلتين أُرجئتا إلى الأسبوع المقبل من دون تحديد السبب.
وأجرى حزب الله والرئيس نبيه بري اتصالات فورية مع الحكومة لتأمين عودة اللبنانيين إلى وطنهم عبر شركة "الميدل إيست" وعلى نفقة الدولة اللبنانية، وكان من المقرر أن تقلع هذه الطائرة يوم أمس عند الساعة 12:00 ظهرًا.
انتهاك مبادئ القانون الدولي
من جهتها، اعتبرت وزارة الخارجية الإيرانية أن تهديد الطائرة المدنية التي كانت تقلّ مواطنين لبنانيين من قبل الكيان الصهيوني، يُشكّل انتهاكًا صارخًا ومتكررًا لمبادئ وقواعد القانون الدولي، فضلًا عن كونه اعتداءً على سيادة لبنان الوطنية.
كما طالبت الوزارة، في بيان لها، باتخاذ إجراءات جادة من قبل المنظمات الدولية المختصة، بما في ذلك منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، لوقف السلوكيات الخطيرة التي تمارسها إسرائيل ضد سلامة وأمن الطيران المدني.
وفي تصريح للسفير الإيراني لدى لبنان، قال: "الحكومة اللبنانية طلبت استبدال الطائرة الإيرانية بأخرى، ونحن نرحب بتسيير رحلات للخطوط الجوية اللبنانية، ولكن ليس على حساب إلغاء الرحلات الإيرانية".
تمادي العدو وتواطؤ المجتمع الدولي
بدوره، علّق عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب إبراهيم الموسوي، على أزمة المواطنين اللبنانيين العالقين في الخارج نتيجة التهديد الإسرائيلي باستهداف الطائرة الإيرانية التي كانت ستقلّهم من إيران، قائلًا: "تمادي العدو الإسرائيلي في انتهاك السيادة اللبنانية، وتواطؤ المجتمع الدولي، لا سيما الولايات المتحدة، قد دفعه إلى توسيع انتهاكاته وتنويعها".
وتابع: "هذا أمر مُدان بالكامل، ويجب أن يكون موضع إدانة واستنكار من الجميع في لبنان، وأن يرفعوا الصوت عاليًا، ويحمّلوا الجهات والمؤسسات الدولية المختصة المسؤولية، كي تقوم بواجبها في وقف الاعتداءات الصهيونية بحق مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي".
إجراءات أمنية جديدة للمطار
من جهتها، أصدرت المديرية العامة للطيران المدني بيانًا مساء الخميس جاء فيه: "حرصًا على تأمين سلامة وأمن مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت والأجواء اللبنانية، وسلامة جميع الركاب والطائرات والمطار على حد سواء، وبعد التنسيق مع جهاز أمن المطار، تم اتخاذ بعض الإجراءات الأمنية الإضافية التي تتماشى مع المعايير الدولية والمواثيق المعتمدة من منظمة الطيران المدني الدولي – الإيكاو، والمطبّقة في المطارات المدنية الدولية، وذلك وفقًا للقوانين والأنظمة اللبنانية المرعية الإجراء".
وأضاف البيان: "بما أن حسن تطبيق تلك الإجراءات يتطلب مزيدًا من الوقت للالتزام بها من قبل بعض شركات الطيران، فقد اقتضى الأمر إعادة جدولة توقيت بعض الرحلات المتجهة إلى لبنان مؤقتًا، ومن بينها الرحلات القادمة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وذلك حتى تاريخ 18 شباط 2025".
وتابع: "تم يوم أمس إبلاغ جميع الشركات المعنية بهذا التعديل، لإبلاغ المسافرين به وتفادي أي التباس قد يحصل، كما أُفسح المجال لتغيير الحجوزات في حال الحاجة إلى السفر قبل التاريخ المذكور"، وأشار إلى أنه "يجري العمل حاليًا مع شركة طيران الشرق الأوسط لتسيير رحلة الليلة، بهدف نقل المسافرين اللبنانيين العالقين في مطار طهران".
غضب لبناني واحتجاجات
وأثار قرار منع الطائرة الإيرانية من الهبوط في لبنان، غضب عدد من اللبنانيين الذين أشعلوا إطارات السيارات أمام مدخل المطار، ورفعوا شعارات مؤيدة للأمين العام السابق لحزب الله، السيد حسن نصر الله، وأدت هذه الاحتجاجات إلى ازدحام مروري خانق، فيما عمل الجيش اللبناني على تسهيل حركة المرور من وإلى المطار، في محاولة لضبط الوضع.
وتأتي هذه الأحداث، غداة مزاعم المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في منشور على منصة "إكس"، بأن فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، قام خلال الأسابيع الماضية بتهريب أموال عبر مطار رفيق الحريري الدولي، مخصصة لتسليح حزب الله بهدف تنفيذ اعتداءات ضد "إسرائيل"، على حد زعمه.
واستغرب مراقبون، قبول لبنان بالانصياع لهذه الإملاءات والتهديدات الإسرائيلية، في الوقت الذي لا يبدو أن أحدًا في لبنان في وارد القبول بهذا المستوى من التدخل من جانب العدو الإسرائيلي، لأن هذا الأمر، قد يفتح شهيّته للتدخل في كل الشؤون اللبنانية، وصولًا إلى أصغر تفصيل يتعلق بسيادة لبنان.
استمرار جهود عودة المسافرين
أكد المكتب الإعلامي لوزارة الأشغال العامة والنقل في بيان، “استمرار الجهود المكثفة لمتابعة أوضاع المواطنين اللبنانيين العالقين في طهران”، مشيرًا إلى أن “العمل جارٍ على مدار الساعة لتسهيل حركتهم من وإلى لبنان".
وأوضح، أن "الوزارة، بالتنسيق مع الجهات المعنية، تبذل كل المساعي اللازمة لتأمين الرحلات الجوية ونقل المواطنين الراغبين في السفر إلى طهران أو العودة منها، وفي هذا الإطار، فإن سلطات الطيران المدني في لبنان تترقب موافقة الجهات المختصة في مطار طهران الدولي لمنح الإذن بالهبوط لرحلات شركة طيران الشرق الأوسط، التي تعتزم تسيير ثلاث رحلات إلى طهران اليوم".
وتجدر الإشارة إلى أن "رحلات شركة طيران الشرق الأوسط، التي كانت مقررة أمس، لم تحصل على أذونات الهبوط في مطار طهران، مما أدى إلى تأجيلها".
وأكدت الوزارة التزامها "مواصلة التنسيق مع السلطات المختصة لضمان سلامة المسافرين وتيسير عودتهم في أسرع وقت"، مشددة على "حرصها على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمعالجة هذا الملف بأقصى سرعة".